وأما الشيعة الذين يتزعمون حب أهل البيت وولاءهم، وينسبون مذهبهم إليهم،
ويدّعون اتباعهم واقتداءهم، فإنهم عكس ذلك تماماً، يخالفون الصديق والفاروق
وذا النورين ويبغضونهم أشد البغض، ويعاندونهم، ويسبونهم، ويشتمونهم، بل
ويفسقونهم ويكفرونهم، ويعدون هذه السباب والشتيمة واللعان من أقرب القربات
إلى الله، ومن أعظم الثواب والأجر لديه، فلا يخلو كتاب من كتبهم ولا رسالة
من رسائلهم إلا وهي مليئة من الشتائم والمطاعن في أخلص المخلصين لرسول الله
فداه أبواي وروحي، وأحسن الناس طراً، وأتقاهم لله، وأحبهم إليه، حملة
شريعته، ومبلغي ناموسه ورسالته، ونوّاب نبيه المختار وتلامذته الأبرار،
وهداة أمته الأخيار، عليهم رضوان الله الستار الغفار جلّ جلاله وعمّ نواله.
فروى الملا محمد كاظم في كتابه:
"عن
أبي حمزة الثمالي - وهو يكذب على زين العابدين - قال - من لعن الجبت (أي
الصديق) والطاغوت (أي الفاروق) لعنة واحدة كتب الله له سبعين ألف ألف حسنة،
ومحى عنه ألف ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف ألف درجة، ومن أمسى يلعنهما
لعنة واحدة كتب له مثل ذلك، قال مولانا علي بن الحسين: فدخلت على مولانا
أبي جعفر محمد الباقر، فقلت: يا مولاي حديث سمعته من أبيك؟ قال: هات يا
ثمالي، فأعدت عليه الحديث قال: نعم يا ثمالي! أتحب أن أزيدك؟ فقلت: بلى يا
مولاي، فقال: من لعنهما لعنة واحدة في كل غداة لم يكتب عليه ذنب في ذلك
اليوم حتى يمسي، ومن أمسى لعنهما لعنة واحدة لم يكتب عليه ذنب في ليلة حتى
يصبح، قال: فمضى أبو جعفر، فدخلت على مولانا الصادق، فقلت: حديث سمعته من
أبيك وجدك؟ فقال: هات يا أبا حمزة! فأعدت عليه الحديث، فقال حقاً يا أبا
حمزة، ثم قال عليه السلام: ويرفع ألف ألف درجة، ثم قال: إن الله واسع كريم"
(أجمع الفضائح) للملا كاظم، و(ضياء الصالحين) (ص513).
ثم وهم يؤمرون على أن يعملوا بذلك: "ونحن معاشر بني هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما" (رجال الكشي) (ص180).
فلا يوجد شتيمة إلا وهم يطلقونها على هؤلاء الأخيار البررة.
فها
هو عياشيهم يكتب في تفسيره في سورة البراءة عن أبي حمزة الثمالي أنه قال:
قلت (للإمام): ومن أعداء الله؟ قال: الأوثان الأربعة، قال: قلت: من هم؟
قال: أبو الفصيل, ورمع, ونعثل, ومعاوية، ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء
فقد عادى أعداء الله" (تفسير العياشي) (2 /116) أيضاً (بحار الأنوار)
للمجلسي (7 /37).
ثم فسّر المعلق على هذه المصطلحات الثلاثة حاكياً عن الجزري أنه قال:
كانوا
يكنون بأبي الفصيل عن أبي بكر لقرب البكر بالفصيل ويعني بالبكر، الفتى من
الإبل. والفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه، وفي كلام بعض أنه كان يرعى
الفصيل في بعض الأزمنة فكني بأبي الفصيل، وقال بعض أهل اللغة: أبو بكر بن
أبي قحافة ولد بعد عام الفيل بثلاث سنين، وكان اسمه عبد العزى - اسم صنم -
وكنيته في الجاهلية أبو الفصيل، فإذا أسلم سمي عبد الله وكني بأبي بكر -
وأما كلمة رمع فهي مقلوبة من عمر، وفي الحديث أول من رد شهادة المملوك رمع،
وأول من أعال الفرائض رمع.
وأما نعثل فهو اسم رجل كان طويل اللحية قال الجوهر: وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه بذلك" (تفسير العياشي) (2 /116) ط طهران9.
انظر إلى هؤلاء القوم لا يستحيون من إطلاق لفظة الأوثان على هؤلاء الأخيار الأبرار.
وهل لسائل أن يسأل أين هذا من قول محمد الباقر - الإمام الخامس المعصوم عندهم - في جواب سائل سأله هل ظلماكم من حقكم شيئاً؟
قال: لا والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً ما ظلمنا من حقنا مثقال حبة من خردل" (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد).
ثم
ولماذا أعطى علي رضي الله عنه ابنته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزوج
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه من ذي النورين عثمان بن عفان رضي
الله عنه إن كان كافراً؟ وثم لماذا مدحه عليّ وأهل البيت وغيرهم، ولماذا
دافع عنه هو وأبناؤه، وجرح أحدهما وهو الإمام المعصوم لدى القوم أيضاً؟ فهل
من مجيب؟
هذا وإن كان عثمان كافراً فلماذا لم يمنع علي رضي الله عنه
ابن أخيه من تزويج ابنته من ابن عثمان أبان، ولماذا لم تمتنع سكينة بنت
الحسن من زواجها من حفيده زيد وغير ذلك، ولماذا سمّى عليّ ابنه باسمه؟.
ويمشي العياشي في غلوائه وبغضه للخلفاء الراشدين، فيخترع الخرافات والأكاذيب والقصص ويقول:
فلما
قبض نبي الله صلى الله عليه وسلم كان الذي كان لما قد قضى من الاختلاف،
وعمد عمر فبايع أبا بكر ولم يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد، فلما
رأى ذلك علي عليه السلام ورأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس
ففرغ إلى كتاب الله وأخذ يجمعه في مصحف، فأرسل أبو بكر إليه أن تعال فبايع،
فقال علي: لا أخرج حتى أجمع القرآن، فأرسل إليه مرة أخرى فقال: لا أخرج
حتى أفرغ، فأرسل إليه الثالثة ابن عم له يقال قنفذ، فقامت فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عليها تحول بينه وبين عليّ عليه السلام فضربها
فانطلق قنفذ وليس معه علي، فخشي أن يجمع عليّ الناس فأمر بحطب فجعل حوالي
بيته، ثم انطلق عمر بنار فأراد أن يحرق على عليّ بيته وفاطمة والحسن
والحسين صلوات الله عليهم، فلما رأى علي ذلك خرج فبايع كارهاً غير طائع"
(تفسير العياشي) (2 /307، 308) أيضاً (البحار) (8 /47).
شجاعة علي:
وهذا مع قول علي: إني والله لو لقيتهم واحداً وهو طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت" (نهج البلاغة) (ص452) تحقيق صبحي).
وهو
الذي يحكون عنه أن أبا وائلة يقول: كنت أماشي فلاناً - أي عمر كما صرح
باسمه المجلسي في حياة القلوب - إذ سمعت منه همهمة، فقلت له: مه، ماذا يا
فلان ؟ فقال: ويحك أما ترى الهزبر القضم ابن القضم، والضارب بالبهم، الشديد
على من طغى وبغى، بالسيفين والراية، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فقلت
له: يا هذا هو علي بن أبي طالب، فقال: ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته،
بايعنا النبي يوم أحد على أن لا نفرّ، ومن فرّ منا فهو ضال ومن قتل منا فهو
شهيد والنبي زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو
يزيدون، فأزعجونا عن طحونتنا، فرأيت علياً كالليث يتقي الذر وإذ قد حمل
كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال: شاهت الوجوه وقطت وبطت ولطت، إلى
أين تفرون؟ إلى النار، فلم نرجع، ثم كرّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر
منها الموت، فقال: بايعتم ثم نكثتم، فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن قتل،
فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً، أو كالقدحين المملوءين دماً،
فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت: يا
أبا الحسن! الله الله، فإن العرب تكرّ وتفرّ وإن الكرة تنفي الفرة، فكأنه
عليه السلام استحيى فولى بوجهه عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي، فوالله ما
خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة" (تفسير القمي) (1 /114، 115).
ورووا
في شجاعة عليّ قصصاً كثيرة، ومنها ما رواه القطب الراوندي: "إن علياً بلغه
عن عمر ذكره شيعته فاستقبله في بعض طرق البساتين و في يد علي قوس فقال: يا
عمر! بلغني عنك ذكرك شيعتي فقال: أربع على ظلعك فقال عليه السلام: إنك
لههنا، ثم رمى بالقوس على الأرض فإذا هو ثعبان كالبعير فاغراً فاه وقد أقبل
نحو عمر ليبتلعه فصاح عمر, الله الله ,يا أبا الحسن! لا عدت بعدها في شيء،
وجعل يتضرع إليه فضرب بيده إلى الثعبان فعادت القوس كما كانت فمضى عمر إلى
بيته مرعوباً" كتاب (الخرائج والجرائح) (ص20، 21) ط بمبئي 1301ه).
وأيضاً
ما ذكره سليم بن قيس العامري الشيعي اللعان السباب الخبيث أن علياً شتم
عمر وهدده بقوله: والله لو رمت ذلك يا ابن صهاك لأرجعت إليك يمينك، لئن
سللت سيفي لأغمدته دون إزهاق نفسك فرمّ ذلك، فانكسر عمر وسكت وعلم أن علياً
إذا حلف صدق، ثم قال على : يا عمر! ألست الذي هم بك رسول الله وأرسل إلي
فجئت متقلداً بسيفي، ثم أقبلت نحوك لأقتلك فأنزل الله عز وجل: فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا [ مريم: 84]
قال ابن عباس: ثم إنهم تآمروا وتذاكروا فقالوا: لا يستقيم لنا أمر مادام
هذا الرجل حياً، فقال أبو بكر: من لنا بقتله؟ فقال عمر: خالد بن الوليد،
فأرسلا إليه، فقالا: يا خالد! ما رأيك في أمر نحملك عليه؟ قال: احملاني على
ما شئتما، فوالله! إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت، فقالا: والله
ما نريد غيره, قال: فإني لها، فقال أبو بكر: إذا قمنا في الصلاة، صلاة
الفجر، فقم إلى جانبه ومعك السيف، فإذا سلمت فاضرب عنقه، قال: نعم!
فافترقوا على ذلك، ثم إن أبا بكر تفكر فيما أمر به من قتل علي وعرف إن فعل
ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل، فندم على أمره فلم ينم ليلته تلك حتى أتى
المسجد وقد أقيمت الصلاة فتقدم فصلى بالناس مفكراً لا يدري ما يقول، وأقبل
خالد بن الوليد متقلداً بالسيف حتى قام إلى جانب عليّ وقد فطن عليّ ببعض
ذلك، فلما فرغ أبو بكر من تشهده صاح قبل أن يسلم يا خالد! لا تفعل ما
أمرتك، فإن فعلت قتلتك، ثم سلم عن يمينه وشماله، فوثب علي عليه السلام فأخذ
بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده ثم صرعه وجلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله
واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالداً فما قدروا عليه، فقال العباس حلفوه
بحق القبر لما كففت فحلفوه بالقبر فتركه وقام فانطلق إلى منزله" كتاب
(سليم بن قيس العامري) (ص256،257).
هذا ولقد بالغوا وأكثروا في شجاعته
وقالوا: كان يملك من القوة حتى "إن علياً ركض برجله الأرض يوماً فتزلزلت
الأرض" (تفسير البرهان "مقدمة") (ص74).
وتزلزلت يوماً فركضها حتى سكنت كما يكذب الصافي:
"عن
فاطمة عليها السلام قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر وفزع الناس
إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام، فتبعهما
الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي عليه السلام فخرج عليهم غير مكترث لما هم
فيه، فمضى واتبعه الناس حتى انتهوا إلى تلعة فقعد عليها وقعدوا حوله وهم
ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة، فقال لهم علي: كأنكم قد هالكم
ما ترون؟ قالوا: وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط؟ فحرّك شفتيه وضرب بيده
الشريفة، ثم قال: مالك اسكني، فسكنت بإذن الله، فتعجبوا من ذلك أكثر من
تعجبهم الأول حيث خرج إليهم، قال لهم: فإنكم تعجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم!
قال أنا الرجل الذي قال الله: إذا زلزلت الأرض زلزالها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا الزلزلة:1-3[, فأنا الإنسان الذي يقول لها: مالك، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ]الزلزلة:4[, إياي تحدث" (الصافي) (ص571).]
وأكثر من ذلك، أنه صرع إبليس يوماً بقوته الجبارة كما رواه ابن بابويه القمي في (عيون أخبار الرضا) (2 /72). هذا ومثل هذا كثير.
وما
دمنا بدأنا في هذا نريد أن نكمل البحث بإيراد حكاية باطلة غريبة تدل على
أكاذيب القوم وأساطيرهم التي نسجوها، وبنوا عليها مذهبهم، وأسسوا عليها
عقائدهم، وهي منقولة من "كتاب (الأنوار النعمانية) للسيد نعمة الله
الجزائري فإنه يقول:
روى البرسي في كتابه لمّا وصف وقعة خيبر "وإن
الفتح فيها كان على يد علي وإن جبريل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم مستبشراً بعد قتل مرحب، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن استبشاره
فقال: يا رسول الله! إن علياً لما رفع السيف ليضرب به مرحباً أمر الله
سبحانه إسرافيل وميكائيل أن يقبضا عضده في الهواء حتى لا يضرب بكل قوته ومع
هذا قسمه نصفين وكذا ما عليه من الحديد وكذا فرسه ووصل السيف إلى طبقات
الأرض، فقال لي الله سبحانه: يا جبرئيل بادر إلى تحت الأرض وامنع سيف علي
عن الوصول إلى ثور الأرض حتى لا تنقلب الأرض، فمضيت فأمسكته فكان على جناحي
أثقل من مدائن قوم لوط وهي سبع مدائن قلعتها من الأرض السابعة ورفعتها فوق
ريشة واحدة من جناحي إلى قرب السماء وبقيت منتظراً لأمر إلى وقت السحر حتى
أمرني الله بقلبها، فما وجدت لها ثقلاً كثقل سيف عليّ فسأله النبي صلى
الله عليه وسلم: لم لا قلّبتها من ساعة رفعتها؟ فقال: يا رسول الله! إنه قد
كان فيهم شيخ كافر نائم على قفاه، وشيبته إلى السماء، فاستحى الله سبحانه
أن يعذبهم، فلما كان وقت السحر انقلب ذلك الشائب عن قفاه فأمرني بعذابها،
وفي ذلك اليوم أيضاً لما فتح الحصن وأسروا نسائهم فكان فيهم صفية بنت ملك
الحصن، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم و في وجهها أثر شجة، فسأله النبي
صلى الله عليه وسلم عنها فقالت: إن علياً لما أتى الحصن وتعسر عليه أخذه
أتى إلى برج من بروجه، فهزّه فاهتز الحصن كله، وكل من كان فوق مرتفع سقط
منه وأنا كنت جالسة فوق سريري فهويت من عليه، فأصابني السرير فقال لها
النبي صلى الله عليه وسلم: يا صفية! إن علياً لما غضب وهزّ الحصن غضب الله
لغضب علي فزلزل السماوات كلها حتى خافت الملائكة ووقعوا على وجوههم وكفى
به شجاعة ربانية، وأما باب خيبر فقد كان أربعون رجلاً يتعاونون على سدّه
وقت الليل، ولما دخل الحصن طار ترسه من يده من كثرة الضرب فقلع الباب وكان
في يده بمنزلة الترس يقاتل فهو في يده حتى فتح الله عليه" (الأنوار
النعمانية) لنعمة الله الجزائري).
وهذا مع رواية اليعقوبي الشيعي "وبلغ
أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي
طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج
علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار
فخرجت فاطمة فقالت: والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله! فخرجوا
وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياماً ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع"
(تاريخ اليعقوبي) (2 /126).
ولا ندري، من الصادق من القوم؟ نعمة الله الجزائري وسليم بن قيس العامري
والقطب الراوندي والقمي والمجلسي أو العياشي واليعقوبي؟
لا
ندري، أم كلهم كذبة يكذبون ويحكون، ولا يدرون أن أهل البيت لم يقولوا، ولم
يكونوا هكذا، ولو كانوا أو قالوا لما قالوا في أبي بكر، هو الصديق، وفي
عمر، أنه ميمون النقيبة ومرضي السيرة، ولم يسموا أبناءهم بأسمائهم، ولم
يناكحوهم ويعاشروهم ويمدحوهم بعد موتهم، فلا نستطيع أن نقول بعد رواية هذه
الأشياء كلها: اللهم إلا أن أهل البيت كانوا صادقين في أفعالهم وأعمالهم،
ومصيبين في أقوالهم وأحوالهم، والشيعة يكذبون عليهم، ويخالفونهم في
معتقداتهم، ويعادون أحباءهم ورحماءهم وأقاربهم وقادتهم وأمراءهم وحكامهم،
الذين أخلصوا لهم الطاعة والمناصحة والولاء والمشورة كما بينّاه سابقاً
بالتفصيل.
وإلا فهل يعقل من مثل ذلك الرجل الشجاع الباسل، البطل الكمّي
أن يجبره أبو بكر على بيعته، وعمر على تزويجه من بنته، وعثمان على رضائه
بتقديمه، وتسمية أبنائه بأسمائهم رضوان الله عليهم أجمعين، ومعه من أهل
بيته وأنصاره من معه؟.
والظاهر أن القوم مع إظهارهم ولاء أهل البيت
يخالفونهم في بغضهم الخلفاء الراشدين وأصحاب نبي الله المختارين النجباء،
الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداه أبوي وروحي: ((طوبى لمن رآني وآمن بي))
كتاب (الخصال) (2 /342).
وعلى كل وإننا لنذكر مخالفة القوم أهل البيت في عدائهم لأرحام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره.
فيقول العياشي أيضاً في ذي النورين رضي الله عنه أن الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى [ البقرة:264] نزلت في عثمان" (تفسير العياشي) (1 /147) (البحار) (8 /217).
وأما القمي فليس أقل من العياشي في اللعن والطعن والتفسيق والتكفير، فيذكر تحت قول الله عز وجل: وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام:112] ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه..... وأما صاحبا محمد فحبتر وزريق" (تفسير القمي) (2 /242).
وأما البحراني فهو على شاكلتهما، فيكتب تحت قول الله عز وجل ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40]
محترقا من معيّة الصديق النبي عليه الصلاة والسلام في سفره من مكة إلى
المدينة، مهاجراً إلى الله، مصاحباً أبا بكر بأمر من الله وثقة في الصديق،
ورغبة في صحبته، يقول: أمر رسول الله علياً فنام على فراشه، وخشي من أبي
بكر أن يدلّهم عليه فأخذه معه إلى الغار" (البرهان) (2 /127).
ويكذب على
أبي جعفر حيث يقول: إنه قال: إن رسول الله أقبل يقول لأبي بكر في الغار:
اسكن، فإن الله معنا - إلى أن قال - تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في
مجالسهم يتحدثون، وأريك جعفر وأصحابه في البحر يعومون، فقال: نعم، فمسح
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على وجهه، فنظر الأنصار جالسين في
مجالسهم، ونظر إلى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه
ساحر" (البرهان) (ص125) و(الروضة من الكافي) (8 /262).
وأما الفاروق،
المطفئ نار المجوسية، والمكسر أصنام الكسروية وشوكتها، والهادم مجد
اليهودية وعزها، المحبوب إلى حبيب الرب، والمبغوض إلى أعدائه وأعداء أمته،
أبناء اليهود والمجوس، يقول فيه البحراني تحت قول الله عز وجل: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا [ الفرقان: 29]وكان الشيطان هو الثاني، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا [ الفرقان:28] يعنى الثاني لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي [ الفرقان:29] يعني الولاية" (البرهان) (3 /166).
ويمتد
في غلوائه، ويتجاهر بالفحش والبذاءة حيث يقول: إبليس وما بمعناه كالمبلسين
سيأتي في الشيطان تأويله بالثاني، ومنه يمكن استفادة تأويل إبليس به أيضاً
لاتحاد المسمى بهما، وفي بعض الأخبار عن الأصبغ بن نباتة أن علياً عليه
السلام أخرجه مع جمع فيهم حذيفة بن اليمان إلى الجبانة، وذكر معجزة عنه
عليه السلام إلى أن قال: فقال علي عليه السلام: يا ملائكة ربي ايتوني
الساعة بإبليس الأبالسة، وفرعون الفراعنة، فوالله! ما كان بأسرع من طرفة
عين حتى أحضروه عنده, فلما جرّوه بين يديه قام وقال: واويلاه من ظلم آل
محمد، واويلاه من اجترائي عليهم، ثم قال: يا سيدي ارحمني، فإني لا أحتمل
هذا العذاب، فقال عليه السلام: لا رحمك الله ولا غفر لك, أيها الرجس النجس
الخبيث المخبث الشيطان، ثم التفت إلينا، فقال: سلوه حتى يخبركم من هو؟
فقلنا له: من أنت؟ فقال أنا إبليس الأبالسة وفرعون هذه الأمة، أنا الذي
جحدت سيدي ومولاي أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين، و أنكرت آياته
ومعجزاته الخبر، والظاهر أن المراد به الثاني حيث كان هو رأس المفسدين، وهو
الذي أوّل به الشيطان في القرآن" (البرهان، "مقدمة") (ص98).
وأما محسن
المسلمين والإسلام عثمان بن عفان فقد كتب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال له: قد أقلتك إسلامك فاذهب فأنزل الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا [ الحجرات:17] إلخ" (البرهان) (4 /215).
ويظهر بغضه وحقده للجميع فيقول تحت قول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ [النساء:49] المراد هم الذين سموا أنفسهم بالصديق والفاروق وذي النورين" (البرهان، "مقدمة") (ص172). (وقد أعماه
الحسد والحقد والجهل حتى لم يدر بأن واحداً من هؤلاء الثلاثة لم يسم نفسه بهذه
الأسماء، ولم ترد رواية في ذلك، بل سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأهل بيته بهذه الأسماء والألقاب كما مر سابقاً، والبغيض اللعان لم يدر
أيضاً بأن الثابت في الروايات وكتب القوم أن علياً رضي الله عنه هو الذي
سمى نفسه بهذه الأسماء، وأطلقها بنفسه على نفسه "أنا الصديق وأنا الفاروق"
(الاحتجاج) للطبرسي (1 /95) فافهم وتدبر)
ويحكم ويتحكم أن المراد بـمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [القارعة:6 ] عليّ وشيعته، والمراد بـمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ [القارعة:8] الثلاثة وأتباعهم ("مقدمة" ص333).
ويتقدم في تحكمه واستهزائه لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وأزواجه حيث يقول: إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ [ النــور:11] نزلت في عائشة وحفصة وأبي بكر وعمر لما قذفوا مارية القبطية وجريحا" (البرهان) (3 /127).
ومفسرهم الرابع الكاشاني ليس أقل لوماً ولا خبثاً من الآخرين من بني قومه، وهو الذي كتب تحت قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا [النساء:137] نزلت في الأول والثاني والثالث والرابع (يعني معاوية) وعبد الرحمن وطلحة" (تفسير صافي) للكاشاني (ص136) ط إيران بالحجم الكبير).
وكتب تحت قول الله عز وجل: وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ [ التوبة: 74]
لما أقام الرسول علياً يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، وهم
أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى
أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة، قال عمر: "ألا ترون عينيه كأنهما عينا مجنون -
يعني النبي -، يقوم ويقول: قال لي ربي" - أستغفر الله من نقل هذه الخرافة
وهذا الكفر، ولعنة الله على الكاذبين – (الصافي) (ص236) الحجم الكبير
و(ص715 ج1) الحجم الصغير).
وشاتمهم الخامس المسمي نفسه بالمفسر، العروسي الحويزي، فيقول تحت قول الله تعالى: لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ [ الحجر:44]
عن أبي بصير قال: يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب بابها الأول للظالم وهو زريق
وبابها الثاني لحبتر والباب الثالث للثالث والرابع لمعاوية والخامس لعبد
الملك والسادس لعسكر بن هوسر والسابع لأبي سلامة، فهم باب لمن اتبعهم" (نور
الثقلين) (3 /18).
وعلق المحشي اللعين على هذه الأسماء بقوله: قال
المجلسي: زريق كناية عن الأول لأن العرب يتشاءم بزرقة العين، والحبتر هو
الثعلب ولعله إنما كنى عنه لحيلته ومكره، و في غيره من الأخبار وقع بالعكس
وهو أظهر إذا الحبتر بالأول أنسب، ويمكن أن يكون هنا أيضاً المراد ذلك،
وإنما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ وأغلظ، وعسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء
بنى أمية أو بني العباس. وكذا أبي سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي،
ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل، إذ كان اسم جمل عائشة
عسكراً وروى أنه كان شيطاناً" (نور الثقلين (3 /18) ط قم – إيران).
وكتب تحت قول الله عز وجل: َالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل: 20-21]
قال: الذين يدعون من دون الله الأول والثاني والثالث، كذبوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم بقوله: والوا علياً واتبعوه، فعادوا علياً ولم يوالوه،
ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم فذلك قول الله: والذين يدعون من دون الله ……أموات غير أحياء كفار غير مؤمنين …… وهم مستكبرون يعني عن ولاية علي" (نور الثقلين) (3 /47).
محدثو الشيعة وفقهاؤهم:
فهؤلاء
هم مفسروا الشيعة اللعانون السبابون الشتامون، المكفرون أصحاب محمد صلى
الله عليه وسلم والأخيار منهم، الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وها هي
كتبهم في التفسير، كتب الشتائم والسباب، واللعائن والمطاعن، كتب القذائف
والتهم، وعلى من؟ على الذين شهد الله بطهارتهم ونقائهم وصفائهم، وبشرهم
بالفوز والفلاح والجنة والرضى، أصحاب رسول الله ورفاقه، تلامذته ومريديه
الذين عاشروا الرسول، وبايعوه، ناصروه وأيدوه. هاجروا معه وتركوا لأجله
أقاربهم وعشائرهم، أولادهم وأموالهم، ديارهم وأوطانهم، واتبعوا النور الذي
أنزل معه، وجاهدوا تحت رايته، وبذلوا كل غال وثمين بإشاراته. وحملوا رايته
بعده وأعلوها على شواهق الجبال، وأوصلوها إلى ما وراء الأبحر، الصديق
والفاروق وذي النورين رضي الله عنهم أجمعين، الذين قدّرهم أهل البيت حق
التقدير، وعظموهم ومجدوهم، وبالغوا في إكرامهم، وأثنوا عليهم في حياتهم
وبعد وفاتهم ثناء عاطراً، وقدموا لهم ثمار قلوبهم وأفذاذ أكبادهم، وجعلوا
هديهم هدف العين، وانتهجوا منهجهم واقتدوا بمسلكهم.
وأما الشيعة
المتزعمين حبهم واتباعهم فعلوا عكس ذلك، وخالفوهم مخالفة صريحة، ظاهرة
باهرة، حيث لا يخلو كتاب من كتبهم إلا وهو مليء من أردأ القول وأفحش الكلام
كما نقلناه من الذين يدعون بأنهم مفسروا القوم، وعلم التفسير منهم بريء،
وحاشا لله أن يكون المفسرون كهؤلاء.
وأما محدثو الشيعة وفقهائهم فهم على
شاكلتهم، فلا يخلوا كتاب من كتبهم عن مثل هذه الترهات والافتراءات،
مخالفين تماماً أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيت علي رضي الله
عنه، مبغضين محبي رسول الله ومحبوبيه، لاعنين أرحام رسول الله وأصهاره
وأزواجه أمهات المؤمنين.
فلنلق نظرة عابرة على موقف محدثي الشيعة
وفقهائهم. فها هو الكليني كبير القوم ومحدثهم يبيّن عقيدته ويظهر سريرة
نفسه، ويكشف عن قرارة قلبه عندما يكتب تحت قول الله عز وجل: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:7] - يعني أمير المؤمنين - أي علي - و وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ [ الحجرات: 7] الأول والثاني والثالث" (الأصول من الكافي) (1 /426).
ويصرح
أكثر حيث يقول: لما رأى رسول الله تيماً وعدياً وبني أمية (يقصد به أبا
بكر الصديق الذي كان من تيم، والفاروق الذي كان من عدي، وذا النورين الذي
كان من بني أمية) يركبون منبره أفزعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآناً
يتأسى به وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى [ البقرة: 34]
ثم أوحى إليه يا محمد! إني أمرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في
وصيك أيضاً" (الأصول من الكافي) كتاب (الحجة) (1 /426) ط طهران).
ويكتب تحت قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى [محمد:25] فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [ محمد:26] قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما، وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [ محمد:26] (في علي عليه السلام) كتاب (الحجة من الكافي) (1 /420).
ويروي
عن عبد الملك بن أعين أنه قال: قلت لأبي عبد الله: خبرني عن الرجلين؟ قال:
ظلمانا حقنا في كتاب الله عز وجل، ومنعا فاطمة صلوات الله عليها ميراثها
من أبيها، وجرى ظلمهما إلى اليوم قال – وأشار إلى خلفه – ونبذا كتاب الله
وراء ظهورهما" كتاب (الروضة من الكافي) (8 /102).
كما روي عن الكميت
الأسدي أنه قال: قلت: خبرني عن الرجلين؟ قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره
ثم قال: والله يا كميت! ما أهريق محجمة من دم، ولا أخذ مال من غير حله، ولا
قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما" كتاب (الروضة) (ص103).
ويكذب
أيضاً أن حنان بن سويد روى عن أبيه أنه قال: سألت أبا جعفر عنهما فقال: يا
أبا الفضل! ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطاً عليهما
يوصي بذلك الكبير منا الصغير، إنهما ظلمانا حقنا، ومنعانا فيئنا، وكانا أول
من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الإسلام، لا يسكر أبداً حتى يقوم
قائمنا أو يتكلم متكلمنا" كتاب (الروضة من الكافي) (8 /102).
ويقول
مصرحاً: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً كئيباً حزيناً، فقال له
علي عليه السلام: ما لي أراك يا رسول الله كئيباً حزيناً؟ قال: وكيف لا
أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون
منبري هذا يردون الناس عن الإسلام قهقرى" كتاب (الروضة من الكافي) (ص345).
كما
روي عن أبي جعفر أنه قال: ما كان ولد يعقوب أنبياء لكنهم كانوا أسباط
أولاد الأنبياء، ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا السعداء، تابوا وتذكروا ما
صنعوا، وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير
المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" كتاب
(الروضة من الكافي) (ص246).
وأما ابن بابويه القمي أحد كتّاب الصحاح
الأربعة الشيعية والملقب بالصدوق يكتب طاعنا في الصديق الأكبر والفاروق
الأعظم رضي الله عنهما: "أن أبا بكر لما بُويع ذهب أنصار علي إليه، فتكلموا
في الأمر، فقال لهم علي رضي الله عنه: وقد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول
نبيها والكاذبة على ربها، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي، فأبوا إلا السكوت
لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عز وجل ولأهل بيت نبيه عليه
السلام، وإنهم ليطالبون بثأرات الجاهلية، والله! لو فعلتم ذلك لشهروا
سيوفهم مستعدين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على
نفسي... ولكن ايتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم، ولا تجعلوه في شبهة
من أمره ليكون ذلك أعظم للحجة عليه وأزيد وأبلغ في عقوبته إذ عتا ربه، وقد
عصا نبيه وخالفا أمره، قال: فانطلقوا حتى حفوا بمنبر رسول الله يوم جمعة
….. وكان أول من بدا وقام خالد بن سعيد بن العاص بإدلاله ببني أمية - إلى
أن قال - فقال له عمر بن الخطاب: اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة، ولا
ممن يرضى بقوله، فقال خالد: بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فوالله! إنك لتعلم
أنك تنطق بغير لسانك، وتعتصم بغير أركانك، والله! إن قريشاً لتعلم أني
أعلاها حسباً وأقواها أدباً وأجملها ذكراً وأقلها غنى من الله ورسوله وإنك
لجبان عند الحرب، بخيل في الجدب، لئيم العنصر، مالك في قريش مفخر" كتاب
(الخصال) (ص463) ط مكتبة الصدوق طهران).
هذا ويقول في ذي النورين رضي الله عنه:
إن
في التابوت الأسفل ستة من الأولين وستة من الآخرين ….. والستة من الآخرين
فنعثل ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، ونسي المحدث اثنين" كتاب (
الخصال) (ص485).
وذكر في موضع آخر من كتاب (الخصال):
"شر الأولين
والآخرين اثنا عشر، ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من
الأولين، ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال
اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، وأما الستة من الآخرين فالعجل وهو نعثل،
وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الأمة وهو زياد، وقارونها وهو سعيد
والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس لأنه قال كما قال سامري قوم موسى:
لا مساس أي لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص" كتاب (الخصال) (ص458،
459).
ويقول: وحب أولياء الله والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم
واجبة، من الذين ظلموا آل محمد عليهم السلام. وهتكوا حجابه فأخذوا من فاطمة
عليها السلام فدك (انظر كيف يتهجم على الصديق في معاملة رضيت فيها فاطمة
بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنها رضيت ولكن من يرضي قوم عبد الله بن
سبأ النجل اليهودي الذي يسعى بين الأمة لتفريق كلمتها وتمزيق وحدتها وتشتيت
شملها؟) ومنعوها ميراثها، وغصبوها وزوجها حقوقها، وهموا بإحراق بيتها (قصة
باطلة، موضوعة، مختلقة، اختلقوها للطعن على الفاروق الأعظم). وأسسوا
الظلم وغيروا سنة رسول الله، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة.
والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم
واجبة" "كتاب (الخصال) (2 /607) ط مطبعة الحيدري طهران).
ويكذب على
النبي صلى الله عليه وسلم والصديق والصديقة رضي الله عنهما، ويكبّ عليهما
ما يكنّه من البغض والحقد والحسد والضغينة، وينسج هذه الحكاية الباطلة
الخبيثة فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((يا
علي! من أحبك ووالاك سبقت له الرحمة، ومن أبغضك وعاداك سبقت له اللعنة،
فقالت عائشة: يا رسول الله! ادع الله لي ولأبي لا نكون ممن يبغضه ويعاديه،
فقال صلى الله عليه وسلم: اسكتي إن كنت أنت وأبوك ممن يتولاه ويحبه فقد
سبقت لكما الرحمة، وإن كنتما ممن يبغضه ويعاديه فقد سبقت لكما اللعنة، ولقد
جئت أنت وأبوك إن كان أبوك أول من يظلمه وأنت أول من يقاتله غيري)). كتاب (الخصال) (2 /556).
ويقول: إن جعفراً سئل "ما بال أمير المؤمنين لم يقاتل فلاناً وفلاناً وفلاناً؟ قال: لآية في كتاب الله عز وجل لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح:25]، قيل: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين" (علل الشرائع) لابن بابويه (ص147 ) ط نجف).
وزاد
"لم لم يجاهد أعداءه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم جاهد في أيام ولايته؟ لأنه اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في
تركه جهاد المشركين بمكة ثلاثة عشرة سنة بعد النبوة وبالمدينة تسعة عشر
شهراً، وذلك لقلة أعوانه عليهم، وكذلك علي عليه السلام (ومن الغرائب أن
القوم لا يذكرون أسماء واحد من أئمتهم إلا ويعقبونها بالكلمة الكاملة "عليه
السلام أو عليهم السلام" في وقت يجردون اسم النبي صلى الله عليه وسلم
أحياناً، وأحياناً يكتفون بذكر حرف "ص" فقط، وهذا يدل على معتقد القوم تجاه
أئمتهم وتجاه النبي عليه الصلاة والسلام) ترك مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه
عليهم" (علل الشرائع) (ص147).
فانظر إلى الأساطير كيف نسجت، والقصص كيف
اخترعت، ولا يشبع من تسميتهم بأئمة الضلالة والجور والدعاة إلى النار، بل
يزداد في غلوائه وتعديه على الخلفاء الراشدين، ويشبههم بمشركي مكة أعداء
رسول الله وخصوم دينه.
نعم! يشبه هؤلاء البررة الأخيار، حملة راية الله،
مبلغي كلمة الله، وناشري دين الله، أحباء رسول الله ومحبيه، الذين في
عصورهم وعهودهم وأيامهم تحققت مبشرات رسول الله ونبوءاته التي جعلها آية
صدق على نبوة نبيه ورسوله المصطفى، روحي له ولأحبائه الفداء صلى الله عليه
وسلم، البشائر التي ذكرها هذا الجريء المفتري نفسه في كتابه عن البراء بن
عازب أنه قال:
لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق عرضت
له صخرة عظيمة شديدة في عرض الخندق لا تأخذ فيها المعاول فجاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما رآها وضع ثوبه فأخذ المعول، وقال: بسم الله وضرب
ضربة فكسر ثلثها، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر
قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقال: بسم الله، ففلق ثلثاً آخر،
فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض،
ثم ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن،
والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا" كتاب (الخصال) (1 /162).
فمن
الذي تحققت في خلافته هذه النبوءات؟ ومن الذي عبر عنه الناطق بالوحي
"أعطيت مفاتيح الشام، وأعطيت مفاتيح فارس، وأعطيت مفاتيح اليمن"؟.
ومن جعله قائم مقام نفسه حتى عبر عن إعطاء المفاتيح إياه كإعطائها لنفسه، وهل من مجيب؟
فهذا
هو صدوقهم الذي جعلوا كتبه أصح الكتب، ولا بعد كتاب الله، لأن كتاب الله
محرف مغير فيه حسب اعتقادهم، وقصداً حاولنا التركيز في كتاب واحد من كتبه –
وكلها على شاكلته – لكي يعرف القارئ والباحث حشده وملأه من الحنق والحقد
على خيار خلق الله بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام ورضوان الله عليهم.
وأما
محدثهم الأقدم - كما يسمونه - الذي استفاد منه الكليني والصدوق وغيرهما
ورووا عنه في كتبهم، وهو سليم بن قيس فلم يجد سباً قبيحاً ولا شتيمة خبيثة
إلا وقد استعملها فيهم حتى بلغت جرأته إلى أن قال كذباً على عليّ أنه قال:
تدري من أول من بايع "أبا بكر" حين صعد المنبر؟
قلت:
لا ولكن رأيت شيخاً كبيراً يتوكأ على عصاه بين عينيه سجادة شديدة التشمير
صعد المنبر أول من صعد وهو يبكي ويقول: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك
في هذا المكان، ابسط يدك، فبسط يده فبايعه، ثم قال: يوم كيوم آدم، ثم نزل
فخرج من المسجد. فقال علي عليه السلام: يا سلمان! أتدري من؟
قلت: لا،
ولكن ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي
عليه السلام: فإن ذلك إبليس ….. – إلى أن قال – ولقد صدق عليهم إبليس ظنه
فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين" كتاب (سليم بن قيس) (ص80، 81).
واخترع
في ذم الخلفاء الراشدين، وسادة أصحاب الرسول، وقادة الأمة قصة يضحك منها
حتى السفهاء والأطفال ولكن قيل قديماً: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
فانظر إليه كيف ينسج ويخترع قصة طويلة ملؤها سب وشتم:
"فلما
رأى علي عليه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي
بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه
فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا قد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة، وكان أبو بكر
أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غوراً، والآخر أفظهما وأغلظهما
وأجفاهما، فقال له أبو بكر من نرسل إليه: فقال عمر: نرسل إليه قنفذاً وهو
رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعواناً
وانطلق فاستأذن على عليّ عليه السلام فأبى أن يأذن لهم فرجع أصحاب قنفذ إلى
أبي بكر وعمر وهما جالسان في المسجد والناس حولهما فقالوا: لم يؤذن لنا،
فقال عمر: اذهبوا فإن أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن، فانطلقوا فاستأذنوا
فقالت فاطمة عليها السلام: أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن فرجعوا
وثبت قنفذ الملعون فقالوا: إن فاطمة قالت كذا وكذا فتحرجنا أن ندخل بيتها
بغير إذن فغضب عمر وقال: مالنا وللنساء ثم أمر أناساً حوله أن يحملوا
الحطب، فحملوا الحطب وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزل عليّ وفاطمة وابناها ثم
نادى عمر حتى أسمع علياً عليه السلام وفاطمة والله لتخرجن يا علي!
ولتبايعن خليفة رسول الله إلا أضرمت عليك النار، فقالت فاطمة عليها السلام:
يا عمر! مالنا ولك؟ فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم فقالت: يا
عمر! أما تتقي الله تدخل على بيتي فأبى أن ينصرف، ودعا عمر بالنار فأضرمها
في الباب ثم دفعه فدخل استقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت يا أبتاه فرفع
السوط فضرب به ذراعها فنادت يا رسول الله! لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر فوثب
علي عليه السلام فأخذ بتلابيبه ثم نتره فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهمّ بقتله
فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أوصاه به، فقال: والذي كرم
محمداً بالنبوة يا ابن صهاك! لو لا كتاب من الله سبق وعهد عهده إليّ رسول
الله لعلمت أنك لا تدخل بيتي فأرسل عمر يستغيث فأقبل الناس حتى دخلوا الدار
وثار علي عليه السلام إلى سيفه فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج
على بسيفه لما قد عرف من بأسه وشدته فقال أبو بكر لقنفذ: ارجع فإن خرج
وإلا فاقتحم عليه بيته فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار فانطلق قنفذ
الملعون فاقتحم هو أصحابه بغير إذن وثار علي عليه السلام إلى سيفه فسبقوه
إليه وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه فألقوا في عنقه حبلاً
وحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون
بالسوط فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله, ثم
انطلق بعلي عليه السلام يعتل عتلاً حتى انتهى به إلى أبي بكر، وعمر قائم
بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي
حذيفة ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حضير وبشير بن سعد وسائر
الناس حول أبي بكر عليهم السلاح، قال قلت لسلمان: أدخلوا على فاطمة بغير
إذن؟ قال: إي والله وما عليها خمار فنادت يا أبتاه يا رسول الله فلبئس ما
خلفك أبو بكر وعمر وعيناك لم تتفتأ في قبرك، تنادي بأعلى صوتها، فلقد رأيت
أبا بكر ومن حوله يبكون ما فيهم إلا باك غير عمر وخالد والمغيرة بن شعبة
وعمر يقول: إنا لسنا من النساء ورأيهن في شيء قال: فانتهوا بعلي عليه
السلام إلى أبي بكر وهو يقول: أما والله لو وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لم
تصلوا إلى هذا أبداً، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم، ولو كنت استمكنت
من الأربعين رجلاً لفرقت جماعتكم ولكن لعن الله أقواماً بايعوني ثم خذلوني،
ولما أن بصر به أبو بكر صاح خلوا سبيله، فقال علي عليه السلام يا أبا بكر
ما أسرع ما توثبتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي حق وبأي منزلة
دعوت الناس إلى بيعتك ألم تبايعني بالأمس بأمر الله وأمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقد كان قنفذ لعنه الله حين ضرب فاطمة بالسوط حين حالت
بينه وبين زوجها وأرسل إليه عمر إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها فألجأها
قنفذ إلى عضادة لبيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنيناً من بطنها
فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلى الله عليها من ذلك شهيدة، قال ولما انتهى
بعلي عليه السلام إلى أبي بكر انتهره عمر وقال له: بايع ودع عنك هذه
الأباطيل فقال له علي فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قالوا: نقتلك ذلاً
وصغارا، فقال: إذاً تقتلون عبداً لله وأخا رسوله، قال أبو بكر: أما عبد
الله فنعم وأما أخا رسول الله فما نقر بهذا, قال: أتجحدون أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم آخى بيني وبينه، قال: نعم، فأعاد ذلك عليه ثلاث مرات ثم
أقبل عليهم علي عليه السلام فقال: يا معشر المسلمين والمهاجرين والأنصار
وأنشدكم الله أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم كذ
وكذا، فلم يدع عليه السلام شيئاً قاله فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
علانية للعامة إلا ذكرهم إياه قالوا: نعم! فلما تخوف أبو بكر أن ينصره
الناس وأن يمنعوه، بادرهم فقال كل ما قلت حق قد سمعناه بآذاننا ووعته
قلوبنا ولكن قد سمعت رسول الله يقول بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله
وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت
النبوة والخلافة, فقال علي هل أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم شهد هذا معك، فقال عمر: صدق خليفة رسول الله قد سمعته منه كما قال،
وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل: قد سمعنا ذلك من رسول
الله فقال علي عليه السلام لقد وفيتم بصحيفتكم التي تعاقدتم عليها في
الكعبة إن قتل الله محمداً أو مات لتزوّن هذا الأمر عنا أهل البيت، فقال
أبو بكر: فما علمك بذلك؟ ما أطعناك عليها فقال عليه السلام: أنت يا زبير
وأنت يا سلمان وأنت يا أبا ذر وأنت يا مقداد أسألكم بالله وبالإسلام أما
سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك وأنتم تسمعون أن فلاناً
وفلاناً حتى عدهم هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتاباً وتعاهدوا فيه
وتعاقدوا على ما صنعوا، فقالوا: اللهم نعم قد سمعنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول ذلك لك, إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا
بينهم كتاباً إن قتلت أو مت أن يزووا عنك هذا يا علي، قلت: بأبي أنت وأمي
يا رسول الله فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل، فقال: ((لك إن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم ونابذهم وإن أنت لم تجد أعواناً فبايع واحقن دمك))،
فقال علي عليه السلام: أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلاً الذين
بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله ولكن أما والله لا ينالها أحد من عقبكما
إلى يوم القيامة وفيما يكذب قولكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله
تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ
اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [ النساء:54]
فالكتاب النبوة، والحكمة السنة والملك الخلافة ونحن آل إبراهيم، فقام
المقداد فقال: يا علي! بما تأمرني؟ والله إن أمرتني لأضربن بسيفي وإن
أمرتني كففت فقال علي كف يا مقداد واذكر عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم وما أوصاك به فقمت وقلت: والذي نفسي بيده لو أني أعلم أنى أدفع ضيماً
وأعز لله ديناً لوضعت سيفي على عنقي ثم ضربت به قدما قدما، أتثبون على أخي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصيه وخليفته في أمته وأبي ولده فأبشروا
بالبلاء واقنطوا من الرخاء، وقام أبو ذر فقال: أيتها الأمة المتحيرة بعد
نبيها المخذوله بعصيانها إن الله يقول: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران:33-34 ]
وآل محمد الأخلاف من نوح وآل إبراهيم من إبراهيم والصفوة والسلالة من
إسماعيل وعترة النبي محمد وأهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة
وهم كالسماء المرفوعة والجبال المنصوبة والكعبة المستورة والعين الصافية
والنجوم الهادية والشجرة المباركة أضاء نورها وبورك زيتها محمد خاتم
الأنبياء وسيد ولد آدم وعلي وصي الأوصياء وإمام المتقين وقائد الغر
المحجلين وهو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم ووصي محمد ووارث علمه وأولى
الناس بالمؤمنين من أنفسهم كما قال الله: النَّبِيُّ أَوْلَى
بِالْمُؤ