فاتح أفريقيا

فاتح أفريقيا

" عبد الله بن أبي سرح"

هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري.
أخو "عثمان بن عفان" لأمه (وقيل أخوه من الرضاع).
وهو صاحبي جليل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن كُتَّاب الوحي.
وهو فاتح أفريقيا.
لم تذكر كتب السيرة تاريخا لمولده، لكنه-رضى الله عنه- ولد بمكة المكرمة، ونشأ في بني عامر بن لؤي، وكان بطلا من أبطالهم، قبل إسلامه، وبعد أن أعلن إسلامه، قديما، قبل فتح مكة.
كان "عبد الله" فارسا شجاعا، ومبارزاً فذا... يملك كل مقومات وصفات الأبطال المحاربين.
وبجانب شجاعته، وفروسيته، كان «عبد الله» مؤمنا صالحًا، ومسلما غيورًا على دينه، حريصًا على مصالح الإسلام والمسلمين.
رغم أنه استسلم لهمزات الشيطان ووساوسه، حينما ارتد عن دين الإسلام (في عام فتح مكة).. لكنه سرعان ما تحركت الفطرة الإيمانية الصادقة في قلبه، وأضاء نور الإسلام كل جوارحه.. وعاد سائرا.. بل مهرولاً .. إلى ركب الهداية، وقافلة المسلمين.
فحسَّن إسلامه، وضاعف جهده لرفعه شأن الإسلام، وتقدمه، وازدهاره.. فشهد الحروب كلها مع «أبي بكر الصديق رضي الله عنه».
وفي عهد الفاروق «عمر بن الخطاب» كان «عبد الله» في مقدمة صفوف المجاهدين.. يحارب بقوة الإيمان.. ويبارز بنية الاستشهاد.. ويقاتل في سبيل إعلاء كلمة الحق.
وعندما فتح «عمرو بن العاص» مصر (في العام العشرين للهجرة) كان «عبد الله» على ميمنة جيش المسلمين.
ولائه قائد محنّك، وفارس بارز، فقد عيَّنه أمير المؤمنين «عثمان بن عفان» واليا على مصر خلفًا «لعمرو بن العاص» بعد وفاته (في العام الخامس والعشرين للهجرة).
ويستمر جهاد «عبد الله» الذي لم يتوقف طيلة اثنى عشر عامًا (هى مدة ولايته على مصر) فحقق خلالها الكثير للإسلام والمسلمين.
ولعل أبرز أعماله على الإطلاق هو تجهيز جيش جرار يضم عظماء الإسلام، وقادة المسلمين، وعلى رأسهم «الحسن والحسين» ابنا الإمام «علي بن أبي طالب» -كرم الله وجهه- وعبد الله بن عباس، وعقبة بن نافع، ثم لحق بهم عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم أجمعين-.
وزحف هذا الجيش المظفر إلى أفريقيا، وافتتح «ابن أبي سرح» ما بين طرابلس الغرب وطنجة.. ودانت له أفريقيا كلها.. وفاز بغنائم لا حصر لها.
ولم يهدأ كفاح البطل والقائد «عبد الله».. فغزا الروم بحرًا، وظفر بهم، وانتصر عليهم في موقعة «ذات الصواري» (في العام الرابع والثلاثين للهجرة).
ثم عاد إلى المشرق.. بعد أن قتل منهم الكثير والكثير.. حتى لقد قيل «إنه قتل منهم ما صبغ وجه الماء من الدماء» (دليل على كثرة القتلى).
وبينما هو طريقه بين مصر، والشام علم بمقتل «عثمان بن عفان»، ومبايعة المسلمين للإمام «علي بن أبي طالب» الذي أرسل إلى مصر «قيس بن سعد بن عبادة» ليكون واليًا عليها بدلاً من «عبد الله بن أبي سرح».
ولم يعترض «البطل» ولم تجزع نفسه، ولم يظهر ضيقًا أو تضايقًا.
ولم يحمل في قلبه أية ضغينة من هذا القرار، بل ظل على عهده ووعده مناضلا شريفًا، يدافع عن الإسلام بكل ما أتاه الله من قوة الإيمان، وصدق اليقين.
وتمر الأيام «بعبد الله» سريعة متوالية.. فيعتزل الفتنة والحرب بين الإمام «علي» و «معاوية».. حتى اشتاقت روحه الطاهرة التائبة إلى لقاء خالقها.. فمات - فجأة- بعسقلان، بعد سبعة وثلاثين عامًا من الهجرة.
هذا هو «عبد الله بن أبي سرح». البطل الفاتح .المسلم التائب. والمؤمن الصادق.
الذي أمضى مره كله مجاهدًا في سبيل الله والإسلام..
وتحققت على يديه الكثير من الفتوحات، وشارك بسيفه، ورمحه في صنع الكثير من الانتصارات.
رحم الله «ابن أبي سرح».. الصحابي العملاق.
والرجل الذي باع نفسه لله، فأحسن الله ختام حياته.. فمات وهو قائم بين يدي ربه يصلي صلاة الفجر. وصعدت روحه بين التسليمتين!

» طارق بن زياد ... فاتح الأندلس