لقمان الأمة

موضوع: لقمان الأمة الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:23 pm

لقمان الأمة
«حاتم الأصم»
هو حاتم بن عنوان.. ويكنى «أبا عبد الرحمن». وقد عرف باسم «حاتم الأصم». أحد التابعين، والأئمة الزاهدين المشهورين.
لم تذكر كتب السيرة شيئًا عن تاريخ مولده.. لكنه من مدينة «بلخ» قرب خراسان. وكان موجودًا أثناء خلافة «هارون الرشيد».
نشأ «حاتم» نشأة دينية صافية، فشب على التقوى والورع، وتربى على الزهد والتقشف.. فلا تسمع أذناه إلا نداء الإيمان.. ولا ترى عيناه سوى الحب الإلهي، الذي يشغله عن حب الدنيا وزخرفها ومتاعها ولا تتذوق جوارحه إلا طعم الطاعة، ولذة العبادة.
اشتهر «حاتم» بفصاحة لسانه، وبلاغته، وحكمته، حتى لقد قيل عنه: «حاتم الأصم لقمان هذه الأمة».
فله كلمات وعظية، مدونة، ينهل منها ما يريد التزود بنور العلم والمعرفة.
جاءه رجل فسأله: «فيم أفنيت عمرك؟! فأجابه «حاتم» قائلاً: «في أربعة أشياء.. علمت أنني لا أخلوا من نظر الله تعالى طرفة عين فاستحييت أن أعصيه.. وعلمت أن رزقا لا يجاوزني وقد ضمنه لي فوثقت به وقعدت عن طلبه.. وعلمت أن علي فرضا لا يؤديه غيري فاشتغلت به.. وعلمت أن لي أجلا يبادرني فبادرته واستعددت للدار الآخرة.. فأنا مشغول بما ألقاه من كرم الله وثوابه وعقابه».
وسأله يومًا، أحد أصحابه قائلاً: «كيف أصبحت؟!». فقال له «الأصم»:
«كيف يصبح من أجله قريب، وأمله بعيد، والموت أمامه، والقبر مسكنه، وهو مع ذلك مطالب بتسع خلال: أصبحت والله سبحانه وتعالى يطالبني بالفرض. والنبي صلى الله عليه وسلم بالسُنة، والعيال بالنفقة، والنَفْس بالقوت، والوالدان بالبر، والملكان بصدق اللسان، والقبر بالجسم، والدود باللحم، ومنكر ونكير بالحُجة.. فهؤلاء غرمائي.. وهذه ديوني!! فكيف يصبح كل يوم من هو على هذه الصفة، وقد غلب تقصيري على الوفاء؟!». وسُئل عن تعريفه للكذَّاب، فقال «حاتم الأصم»: «كل من ادعى حب الله بغير ورع عن محارمه. . كل من ادعى حب الجنة من غير إنفاق ماله.. وكل من ادعى حب النبي صلى الله عليه وسلم من غير حب الفقراء.. فهو كذاب».
ويجانب زهده وتقواه وورعه وتلبيته لنداء الحق، كان «حاتم» فارسا شجاعا، ملبيا لنداء الجهاد.. فشهد بعض معارك الفتوح، وفي حروب التركستان كاد أن يقتل.
ويروى «حاتم» ما حدث في ذلك اليوم فيقول: «لقينا التُرك، فرماني أحدهم بوهق (أي حبل) في عنقي فأقلبني عن فرسي، ونزل عن دابته فقعد على صدري، وأخذ بلحيتي هذه الوافرة، وأخرج من خفه سكينا ليذبحني بها، فرماه بعض المسلمين بسهم فما أخطأ حلقه، فسقط عني، فقمت إليه فأخذت السكين من يده فذبحته». وتمر الأيام «بحاتم الأصم»، حتى مات بعد مائتين وسبعة وثلاثين عامًا من الهجرة (في خلافة المتوكل). كذلك كان «ابن الأصم». عظيما إذا تكلم. فيلسوفا إذا تحدث. عالما إذا أفتى. فارسا إذا دخل ميدان المعركة. رحم الله «حاتم الأصم».. الذي كان -بحق-: المؤمن الزاهد.. والحكيم العظيم. الذي تجرَّد من حب الدنيا، وطهر نفسه من غرورها ففاز برضاء الله. وبجنة عرضها السماوات والأرض.

» أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمة
» أما آن أن نعود يا شباب الأمة
» اختزال الأمة.. لمصلحة من ؟!
» دور الأمة في مواجهة العلمانية
» العلمـانية كارثة الأمة