صاحب الصادقة

صاحب الصادقة
«عبد الله بن عمرو»
هو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي .. ويكنى «أبا محمد».
صحابي جليل.. وعابد زاهد.. وعالم فقيه.
وهو أكبر أبناء «عمرو بن العاص».
ولد - رضي الله عنه- بمكة المكرمة، قبل سبعة أعوام من الهجرة النبوية الشريفة.
ولم يكن أصغر من أبيه إلا باثنى عشر سنة فقط.
نشأ «ابن عمرو» في بيت من أعرق بيوت قريش نسبا وتاريخًا.. فشب على الحب الشديد للمعرفة، والحرص الدائم على العلم.. فكان يكتب في الجاهلية، ويتقن اللغة السريانية.
ولأنه يتمتع بذكاء شديد، وعقل رشيد، وفطرة سليمة..فقد اهتدى قلبه إلى طريق النور، وانضم إلى قافلة الإسلام مبكرًا، وهو لم يزل صبيا صغيرًا.. حتى أنه أسلم قبل أبيه.
وكان «ابن عمرو» من أكثر الصحابة اجتهادا في العبادة فكان يصوم ولا يفطر.. ويقوم الليل كله.. ويختم القرآن في يوم وليلة.
فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الجهد غير العادي استدعاه وقال له:-
«إن لجسدك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لعينيك عليك حقًا».
ولم يكن «ابن عمرو» ليفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحظة واحدة.. ولذلك حظى بحب وتقدير وثقة الرسول الكريم، حتى لقد أذن له صلى الله عليه وسلم بأن يكتب كل ما يسمع منه.. وكان يسمى صحيفته «الصادقة».
وإلى جانب عبادته الشاقة، وزهده للدنيا ومفاتنها، كان «ابن عمرو» فارسًا مبارزًا، ومحاربًا شجاعًا مقدامًا، لا يخشى الموت.. ويتمنى الشهادة في سبيل الله.. فشهد الحروب والغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبلى فيها أعظم بلاء.
وكان يضرب بسيفين.
وحمل راية أبيه يوم «اليرموك».
ولما جاءت موقعة صفين كان «ابن عمرو» ضمن جيش «معاوية» .. لكنه ندم ندمًا شديدا، وقال (وهو يؤنب نفسه):
- مالي ولصفين.. مالي ولقتال المسلمين.. لوددت أني مت قبله بعشر سنين».
ولم يكتف «ابن عمرو» بالرجوع عن القتال ضد الإمام «علي بن أبي طالب» - كرَّم الله وجهه- ولكنه كان يلوم أباه، ويطالبه بالرجوع عن مساندته «لمعاوية» ضد الإمام «علي».
ولعقله الراجح .. وعلمه الواسع.. وقوته في الحق فقد ولاه «معاوية» إمارة الكوفة مدة قصيرة، ثم عزله عنها، وعين بدلاً منه «المغيرة بن شعبة».
وعندما تولى «يزيد بن معاوية» أمر الخلافة امتنع «ابن عمرو» عن بيعته.
وتمضي الأيام «بابن عمرو» فيعتزل الحياة العامة، وينقطع للعبادة.. ويفقد بصره في أواخر أيامه من كثرة البكاء.
ويشتد به المرض، حتى تشتاق روحه للقاء ربها.
فيموت بعد خمسة وستين عامًا من الهجرة.. وعمره اثنان وسبعون عامًا.
وقد اختلفت كتب السيرة في مكان وفاته.. فقيل إنه مات بمصر.. وقيل بالشام.
هذا هو «عبد الله بن عمرو بن العاص».
الصحابي العلاَّمة.. والعابد الزاهد.. الذي أفنى عمره في عبادة الله، وطاعة رسوله.
ففاز برضاء الله.. وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

» صاحب الفتوى
» أخي صاحب الدش
» التائب صاحب المغامرات
» صاحب الظل الكبير
» صاحب أصول الفقه