فتى الغزوات

موضوع: فتى الغزوات الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:32 pm

فتى الغزوات
«البراء بن عازب»
هو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن مجدعة الخزرجي.. ويكن «أبا عمارة».
صحابي جليل .. من الأنصار. وهو قائد من أصحاب الفتوح الإسلامية.
وكان أبوه -أيضًا- صحابيًا.. ولكن لم ترو كتب السيرة شيئًا عنه في المغازي (أي الغزوات).
ولم تدوِّن الكتب تاريخًا لحياته إلا القليل.
ومنه أن «أبو بكر الصديق» -رضي الله عنه- اشترى منه راحلة بثلاثة عشر درهما، وقال لعازب:
-«مُر (أي أأمر» البراء فليحمله إلى رحلي».
فقال له «عازب»: «لا .. حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما والمشركون يطلبونكما». وكان يقصد ليلة الهجرة.
ولما رأى «أبو بكر الصديق» -رضي الله عنه- على «عازب» علامات الشوق والاشتياق لمعرفة ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه في تلك الليلة المباركة التي غيرت وجه التاريخ.. حكى له «الصديق» ما فعله هو وحبيبه صلى الله عليه وسلم منذ خرجا من مكة المكرمة، وحتى وصلا إلى المدينة المنورة.. وكيف خرج الناس لاستقبالهما.
وقد ولد «البراء» بالمدينة المنورة، قبل ثمانية، أو تسعة أعوام من الهجرة النبوية الشريفة.
وقد نشأ -رضي الله عنه- على الإيمان، وتربى على التقوى والعمل الصالح.
وكيف لا.. وقد أسلم صغيرًا، مما يدل على أنه يتمتع بعقل سليم، وفطرة إيمانية سليمة.. هدته إلى طريق النور، فركب قافلة المؤمنين الموحدين.
ولما استوى عوده، وترعرع جسمه، أخذ «البراء» يتدرب على حمل السيف، وركوب الخيل.
ولكن عندما جاءت غزوة «بدر الكبرى» رده رسول الله صلى الله عليه وسلم لصغر سِنه.. بعد أن ابتسم في وجهه وحيا شجاعته.
وما أن بلغ عمره الخامسة عشرة، حتى أجاز له الرسول الكريم الاشتراك في الغزوات، فغزا مع رسول الله خمس عشرة غزوة، كانت أولاها «غزوة الخندق».
وبعد انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى، ظل «البراء» على عهده الأولى مؤمنا صادقًا، ومسلما قويًا، غيورا على دينه.. وفارسًا مبارزًا مقداما لا يخشى الموت، بل يطلب دواما الموت أو الاستشهاد في سبيل الله.
وتمضي خلافة «أبي بكر الصديق».. وخلافة الفاروق «عمر بن الخطاب» -رضي الله عنهما- وهو يلبي نداء الحق، ونداء الجهاد.. لا يتأخر، ولا يتوانى عن تقديم روحه فداء لكلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
ولما تولى «عثمان بن عفان» -رضي الله عنه- خلافة المسلمين جعله أميرًا على «الرَّي» (مدينة بفارس) في العام الرابع والعشرين للهجرة.. فغزا «البراء» مدينة «أبهر» (غربي قزوين) وفتحها.. ثم «قزوين» فملكها. وكثرت بعد ذلك فتوحاته.
وتمضي الأيام «بالبراء» وهو يجاهد في سبيل الله، حتى سكن الكوفة في أواخر أيامه، واعتزل الأعمال.. إلى أن طلبت روحه لقاء ربها في شوق ولهفة، بعد واحد وسبعين عامًا من الهجرة.. وعمره نحو اثنين وستين عامًا.
هذا هو «البراء بن عازب». المجاهد العظيم. الذي وهب نفسه وروحه فداء لله وللإسلام. رحم الله «ابن عازب»..
الرجل الذي كان يقول دائمًا: «ما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قرأت: سبح اسم ربك الأعلى».

» السـرايـا و الغزوات