الشهيد الصامت

الشهيد الصامت

"زيد بن الخطاب"

هو زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشي العدوى.. ويكنى "أبا محمد".
صحابي جليل.
وهو أخو أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" لأبيه.
ولد- رضي الله عنه- بمكة المكرمة، قبل مولد "عمر".. ولم تذكر كتب السيرة، على وجه الدقة، في أي عام قبل الهجرة كانت ولادته.
نشأ "زيد" في بيت "الخطاب بن نفيل"، ذلك الرجل الذي عرف بعنفه وقسوته، فربى أولاده على الشدة والفتوة والفروسية.. وكان نصيب "زيد" من هذه التربية وفيرا.
ولأنه صاحب فطرة سليمة، وعقل رزين، وفكر مستنير، فقد اهتدى "زيد" إلى الهدى، وانضم مسرعا إلى قافلة النور.. قافلة الإسلام.
انضم إلى الفئة الأولى التي استقبلت فجر الإسلام بروح الإيمان، وقوة اليقين.
فكان إسلامه قديما، قبل إسلام "عمر بن الخطاب" رضى الله عنه.
ولما علم "الفاروق" بإسلام أخيه ثارت ثورته، وفارت غضبته، وهاج، وماج.. ولكنه كان يعرف قدر أخيه الأكبر، الذي يكن له كل الحب والاحترام والتقدير والتوقير.. فلم يعنفه يوما، ولم يفكر لحظة واحدة في الانتقام منه، أو التنكيل به، أو إصابته بأي مكروه.
وكان "زيد" يبادله- أيضاً- نفس الإحساس والشعور.
أخذ "زيد" مكانه الراقي والطبيعي بين قافلة المسلمين المجاهدين. فمثلما كان عظيما في جاهليته.. كان عظيما في إسلامه.
لقد بدأ حياته الإسلامية فارسا مبارزا.. شهد الهجرتين.. وقاتل قتال الأبطال يوم "بدر"، وكان ممن ثبت الله أقدامهم يوم "أحد" فظل يقاتل حتى سقط درعه، ولما أبصره "عمر" هرع إليه، وصاح فيه قائلا:
- "خذ درعي يا زيد، فقاتل به".
ويجيبه "زيد" بلسان المؤمن الواثق قائلا:
- "إني أريد من الشهادة ما تريده يا عمر"
عندئذ.. ترك "عمر، وزيد" الدرع.. ونزلا أرض المعركة.
ويشهد "زيد" غزوة الخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يتخلف في واحدة أبدا.
وإلى جانب فروسيته وشجاعته كان "زيد" مؤمنا زاهدا، يقوم الليل.. لا يكف لسانه عن ذكر الله، وقراءة القرآن.. يرتعد قلبه من خشية الله، فكان دائم الاستغفار، والتوبة إلى الله.
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، ظل "زيد" على عهده الأول مؤمنا مجاهدا.. غيورا على الإسلام فشهد حروب الرَّدة، وأبلى فيها بلاء حسناً.
ولما جاء يوم "اليمامة" في السنة الثانية عشرة للهجرة، قاتل "زيد" "بنو حنيفة" (أتباع مسيلمة الكذاب) قتالا ضاريا مستميتا، حتى قتل رأس الأفعى "الرجال بن عنفوة".. ذلك المسلم الضال الذي أرتد عن دين الإسلام، وصدَّق "مسيلمة" وشهد له بالرسالة، لأغراض دنيئة في نفسه، بعد أن ظن أن الغلبة ستكون لهذا الكذاب.
وظل "زيد" يقاتل، ويقاتل حاملا في يده راية المهاجرين، فلم يزل يتقدم بها، حتى سقط قتيلا.
لقد مات "زيد" شهيدا، بعد أن قتله "أبو مريم الحنفي". ولما بلغ "عمر" خبر استشهاد أخيه حزن عليه حزنا شديداً، وبكي بكاء مرا، ثم قال والدموع تبلل لحيته:
"رحم الله زيدا.. سبقني إلى الحسنيين... أسلم قبلي، واستشهد قبلي".
هذا هو "زيد بن الخطاب".
الفارس العملاق، والمؤمن الزاهد.

» سيرة الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنه
» فضل الشهيد والشهادة
» حكم إطلاق لفظة "الشهيد" على شخص معين