شجاع الحق

موضوع: شجاع الحق الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:23 pm

شجاع الحق
«طاووس بن كيسان»
هو طاووس بن كيسان اليماني.. ويكنى «أبا عبد الرحمن». وهو من أصل فارسي، أحد أبناء الفرس الذين أرسلهم كسرى إلى اليمن. فهو أول طبقة أهل اليمن من التابعين. ولد -رضي الله عنه- في العقد الثاني من الهجرة.
وقد أدرك خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وأكثر روايته عن «ابن عباس».
نشأ «طاووس» فقيرا، لكنه حفظ القرآن منذ صغره، واهتم بمجالسة أهل العلم، ودرس التفسير، حتى أصبح -في وقت قصير- أحد الأئمة الأعلام، الذين جمعوا العبادة، والزهادة، والعلم النافع، والعمل الصالح.
كان أشجع الناس في الحق، فلم يكن يرى منكرا ويسكت عليه، أو يتكتمه. ولم يسأله أحد في أية قضية إلا ويقول رأي الإسلام فيها صريحًا واضحا دون أية ممالأة أو خوف، أيًا ما كان نوع القضية، وأيا ما تكون شخصية ومكانة مرتكب المنكر. ولم يحسب للدنيا حسابا، ولم يعرها اهتماما.. ووهب نفسه وحياته للإسلام.
وقد حاول ولاة بني أمية مساعدته بالمال ليستعين به على نفقته ونفقة أولاده لاسترضائه واستمياله لهم، ولكنه رفض. ومضت فترة من الزمان اشتهر خلالها «طاووس» بزهده العميق، وإيمانه الراسخ، وعلمه الواسع.
ولما قرر الخليفة «سليمان بن عبد الملك» أن يؤدي فريضة الحج، طلب من حاجبه أن يأتيه بفقيه يستفتيه في بعض المناسك.. فأتى إليه الحاجب «بطاووس».
فلما دخل على «الخليفة» قال له: « يا أمير المؤمنين.. إن صخرة كانت على شفير جب في جهنم ثم هوت فيها سبعين خريفا حتى استقر قرارها.. أتدري لمن أعدها الله؟!». وبدت ملامح الغض على وجه الخليفة وقال له: «ويلك.. لمن أعدها». فقال طاووس: «لمن أشركه الله في حكمه فجار على عباده وظلمهم».
عندئذ ذرفت عينا أمير المؤمنين بالدموع وقال: «ثم ماذا يا طاووس؟.. حدثني وعظني». فلما فرغ من نصحه أراد الخليفة أن يكافئه فرفض. وتمضي الأيام تتسابق مع عمر «طاووس» وهو يؤدي رسالته العلمية والفقهية على أكمل وجه، حتى أراد الله أن ينقله إلى الدار الآخرة الباقية.. فتوفى بالمزدلفة (وقيل بمنى) وهو يؤدي فريضة الحج، بعد مائة وستة أعوام من الهجرة. وقد عاش بعضا وتسعين سنة. وخرجت «مكة» كلها تشيع جثمانه الطاهرة، حتى أن «عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب» حمل قائمة نعشه، ولم يتركها حتى بلغ القبر تقديرًا وتعظيمًا لهذا العالم والفقيه الجليل.
هذا هو «طاووس بن كيسان» الرجل الذي صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة.
وحج في بيت الله الحرام أربعين مرة. رحم الله «طاووس». الأب الذي كان ينصح ابنه دواما فيقول له: «يا بني.. صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم، ولا تصاحب الجُهَّال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم.. وأعلم أن لكل شيء غاية.. وغاية المرء حُسن خلقه». رحم الله «شجاع الحق». الرجل .. الذي ظل يدعو ربه طوال حياته فيقول: «اللهم احرمني المال والولد وارزقني الإيمان والعمل».

» أيها الداعية إلى الحق
» أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق
» المذهب الحق في رؤية الله تعالى
» الحق المغمور في رواية الحمار يعفور
» الحق المغمور في رواية الحمار يعفور