صوت السلام

موضوع: صوت السلام الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:29 pm

صوت السلام
محمد بن الحنفية
هو محمد بن علي بن أبي طالب.. وشهرته «ابن الحنفية» نسبة إلى أمة السيدة «خولة بنت جعفر الحنفية». وهو أخو «الحسن والحسين» -رضي الله عنهما- وكان يكنى «أبا القاسم».
ولم يتشرف أحد بهذه الكنية غيره، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للإمام علي:
«إنه سيولد لك بعدى غلام فقد نحلته إسمى وكنيتي، ولا تحل لأحد من أمتي بعده».
ولد -رضي الله عنه- بالمدينة المنورة، في خلافة عمر ابن الخطاب، (وقيل سنة واحد وعشرين هجرية).
نشأ «ابن الحنفية» وترعرع في ظل أبيه -كرم الله وجهه- فبدت عليه (منذ صغره) علامات القوة والذكاء، والنباهة والشجاعة.
كان العلم هو شغله الشاغل، فحفظ القرآن والأحاديث، وأصبح من أبرز الفقهاء العالمين.. حتى أنه قال عن نفسه:
«الحسن والحسين أفضل مني، وأنا أعلم منهما». وإلى جانب علمه الواسع كان «ابن الحنفية» بطلا شجاعًا ومحاربًا جسورًا، ومبارزًا بارزًا، وفارسًا مغوارًا.
وقد تجلَّت كل هذه الصفات في موقعة «صفين»، التي كان يحمل فيها راية أبيه -كرم الله وجهه- ضد «معاوية ابن أبي سفيان» .. فأبدى في تلك الموقعة قدرة خارقة على القتال.
ولكنه رغم ذلك كان يحمل بين جنبيه شعورًا عاطفيًا دفينًا، ونزعة إنسانية للسلام، يخفيها في نفسه، ولكن هذه المشاعر الفياضة كانت تتأجج كلما رأى دماء المسلمين تتناثر هنا وهناك.
وتتوالى الأحداث، ويقتل الإمام «علي»، فتتجلى في قلب «ابن الحنفية» هذه الأحاسيس الإنسانية الميَّالة للسلام فيبايع «معاوية» حقنا لدماء المسلمين.
وتجلَّت نزعة السلام عن ابن «الحنفية» لما بويع «عبد الله بن الزبير» فلم يبايعه هو و «عبد الله بن عمر» -رضي الله عنه- انتظارًا لاستقرار أمر المسلمين عليه أو على «عبد الله بن مروان» ولكن جرى وبين «ابن الزبير» شرَّ عظيم فلم يبايعه وضيق عليه «ابن الزبير» فصبر صبر المؤمنين الأتقياء.
فلما قتل «ابن الزبير»، واستقر الأمر «لعبد الملك بن مروان» وبايعه «عبد الله بن عمر» تابعه «ابن الحنفية» تحقيقًا للسلام والاستقرار، الذي غاب على المسلمين منذ قتل «عثمان بن عفان» -رضي الله عنه-.
ويوضح «ابن الحنفية» موقفه من كل هذه الفتن فيقول في خطاب بعثه «لعبد الملك بن مروان»:
«.. أما بعد فقد عرفت رأيي في هذا الأمر قديمًا، وإني لست أسفهه على أحد، والله لو اجتمع هذه الأمة عليّ إلا أهل الزرقاء ما قاتلتهم أبدا ولا اعتزلتهم حتى يجتمعوا.. نزلت مكة فرارا مما كان بالمدينة فجاورت «ابن الزبير» فأساء جواري وأراد مني أن أبايعه فأبيت ذلك حتى يجتمع الناس عليك أو عليه ثم أدخل فيما دخل فيه الناس فأكون رجل منهم..».
وتمضي الأيام متلاحقة، ويمكث «ابن الحنفية» في آخر أيامه يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، حتى صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها بعد واحد وثمانين عامًا من الهجرة.
هذا هو «ابن الحنفية» دمث الخلق. الذي اختلف، يوما، مع أخيه «الحسن» فتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتخاصمين وأن «خيرهما الذي يبدأ بالسلام» فآثر أخيه على نفسه، وبعث إليه بخطاب يذكر فيه أفضيلة أخيه عليه، فأمه «فاطمة الزهراء» وجده «سيد الخلق أجمعين».
ودعاه راجيا أن يذهب إليه ليصالحه ليكون «للحسن» الفضل في كل شيء.
وما أن قرأ «الحسن» خطاب أخيه حتى دمعت عيناه، وذهب إليه على الفور .. وتصالحا. رحم الله «محمد بن علي».
الرجل الذي كان يقول، دواما، لمن يسأله عن كيفية الخروج من الأزمات والمصائب:
«عليك بالصلاة، وقراءة القرآن.. فإن فيها شفاء لما في الصدور.. وتفريجا للهموم».

» حرص النبي على نشر السلام
» حكم السلام بعد السنة
» العلمانية وثقافة السلام
» الدعاء قبل السلام في الصلاة
» السلام على قارئ القرآن بعد النافلة