كاتب الوحي

موضوع: كاتب الوحي الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:06 pm

كاتب الوحي

"زيد بن ثابت"

هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن النجار الأنصاري.. ويكنى "أبا خارجة".
صحابي جليل.
ولد- رضى الله عنه- بالمدينة المنورة (في قبيلة الخزرج) قبل أحد عشر عاما من الهجرة النبوية الشريفة.
نشأ، وترعرع بمكة المكرمة.
وهو "كاتب الوحي".. الذي كان يدون كل كلمة، وكل آية، نزلت على قلب الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم ... فكان أحد الذين جمعوا القرآن كله- حفظا- على عهد النبي الكريم من الأنصار، وعرضه عليه.
قتل أبوه يوم "بعاث" وهو ابن ست سنين.
قرأ سبع عشرة سورة قبل الهجرة، فأعجب به رسول الله وقال له:
-"يا زيد تعلم لي كتاب اليهود فأني والله ما آمن يهود على كتابي".
ولأن الله قد رزقه فطرة إيمانية سليمة، وذاكرة قوية.. فقد تعلم كتاب العبرانية والسريانية من رسول كسرى في سبع عشرة ليلة فقط.
هاجر "زيد" مع رسول الله، وعمره وقتذاك إحدى عشر سنة.. فكان- رضي الله عنه- ذا رجولة مبكرة، وعقل راجح، وفكر مستنير.
وعندما جاءت غزوة "بدر الكبرى" توسل إلى رسول الله ليأذن له بالإشتراك في القتال.. لكن رسول الرحمة يرده لصغر سنه، بعد أن ابتسم في وجهه ابتسامة حانية.. رقيقة.. وحيا فيه بطولته الناشئة.. وشجاعته المبكرة.. ووعده بالاشتراك في الغزوات المقبلة.. فلم يدخل المسلمون في غزوة، أو موقعة، إلا وكان "زيد" فيها.. يدافع عن دين الله بقلب صغير.. وإيمان ثقيل.. عميق.. يقاتل قتال الأبطال.. ويقبل إقبال الشجعان.. وما تخلف عن غزوة أبدا.
وكما كان شجاعاً.. ومحاربا.. ومبارزاً.. وفارسا.. ومقاتلا.. كان "ابن ثابت" عالما كبيرا.. وفقيها نابها.. ومفسرا بارزا لكل آيات الله القرآنية.. وفاهما جليلا لكل أحكام السنة المحمدية.
ولبلوغه هذه الدرجة الكبيرة من العلم.. كان "زيد" أحد "الستة" أصحاب الفتوى من صحابة رسول الله.. وكان رأسا بالمدينة المنورة في القضاء، والفتوى، والقراءة، والفرائض.
ولكل هذه الصفات والسمات.. كان "ابن ثابت" موضع تقدير، وتوقير، واحترام عامة المسلمين.. حتى إن "ابن عباس" رضى الله عنه على جلال قدره، وسعة علمه، كان يأتيه إلى بيته للأخذ عنه، ويقول:
-"العلم يُؤْتَى ولا يَأْتِي".
وأخذ "ابن عباس" – ابن عم الرسول الكريم- يوما، بركاب "زيد" فنهاه.. فقال ابن عباس، في ثقة وتواضع.
- "هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا".
ولأنه لا يعرف الفضل إلا ذوو الفضل.. فقد أخذ "زيد" بكف "ابن عباس" وقبلها، وهو يقول:
- "وهكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا".
هكذا كان "ابن ثابت".. عملاقا في أقواله.. وأفعاله.. ولما انتقل الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى.. كلفه "أبو بكر الصديق"- رضى الله عنه- بجمع القرآن العظيم وكتابته قائلا له:
- "إنك شاب عاقل لا نتهمك".
وينجز "زيد بن ثابت" أصعب، وأشق، وأخطر مهمة يمكن أن يكلف بها بشر.
ويتولى "عمر بن الخطاب"-رضى الله عنه- إمارة المسلمين.. فكان يستخلف "زيد" على المدينة كلما سافر.. وقلما يرجع- أمير المؤمنين- إلا ويكافئه بحديقة من نخل.. على حسن إدارته.. وحكمته.. وعدالته.
وبعد تولي "عثمان بن عفان" الخلافة.. كلف "ابن ثابت" بجمع القرآن وكتابته، حين جهز المصاحف للأمصار.
وجاء "زيد" ومعاونوه بالمصاحف من بيت أم المؤمنين السيدة "حفصة بنت عمر بن الخطاب"- رضي الله عنهما- التي كانت محفوظة عندها.
وللمرة الثانية.. ينحجز "ابن ثابت" وأصحابه المهمة على أكمل وجه.
وتسرع الأيام بزيد بن ثابت.. ويحن إلى لقاء ربه.. فيموت في العام الخامس والأربعين من الهجرة. وعمره نحو ستة وخمسين عاماً.
مات "كاتب الوحي".
الرجل الذي قال عنه "أبو هريرة"- رضى الله عنه:
- "اليوم مات حبر هذه الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً".
رحمك الله يا "جامع القرآن".
فكنت ... العالم.. الفقيه.. الذي وهب عمره.. كله.. لخدمة الإسلام، وحفظ قرآن.. رب الإسلام.

» كاتب المصحف
» الوحي في ثوب عائشة رضي اللـه عنها
» الوحي في ثوب عائشة رضي اللـه عنها
» اهمية الاعجاز العددي في الدعوة الى الاسلام ونصرة الوحي المحمدي