إمام الحكمة

موضوع: إمام الحكمة الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:27 pm

إمام الحكمة
«الحسن البصري»
هو الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري.. ويكنى «أبا سعيد».
تابعي جليل.. وإمام أهل البصرة.
ولد -رضي الله عنه- بالمدينة المنورة، بعد واحد وعشرين عامًا من الهجرة.
نشأ «الحسن» في كنف الإمام «علي بن أبي طالب» -كرم الله وجهه- فقد كان أبوه رجلا فقيرا من أهل «ميسان» مولى لبعض الأنصار.
أما أمه فقد كانت مولاة أم المؤمنين السيدة «أم سلمة» -رضي الله عنها - فشب على العلم والحكمة، وترعرع على الفصاحة وطلاقة اللسان.
وعلل المؤرخون ذلك بأنه رضع من (أم سلمة) زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما غابت أمه في السوق لقضاء بعض الأشياء.
كان نبوغه مبكرًا.. فحفظ القرآن الكريم، وأجاد تلاوته وفهم معانيه وهو لا يزال صبيًا صغيرا.
وكيف لا؟! وقد كان يجالس كبار الصحابة.. يتلقى من أفواههم القرآن والحديث، ويدرس على أيديهم أصول الفقه.. حتى أصبح من العلماء الأتقياء، والفقهاء الأجلاء.
تتوافر فيه كل صفات المتقين الورعين.
فلا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يغلبه فرجه، ولا يميل به هواه.
ولا ينطق إلا بالحكمة وذكر الله، ولا يخفق قلبه إلا بحب الله، ولا تمشي قدماه إلا في مرضاة الله.
وقد وصفه الإمام «الغزالي» فقال: «كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء، وأقربهم هديًا من الصحابة».
وذاع صيت «الحسن البصري» فلفت إليه الأنظار لرجاحة عقله، وغزير علمه، وقوة إيمانه.. فعظمت هيبته في قلوب المسلمين، حتى إنه كان يدخل على الولاة أنفسهم فيأمرهم وينهاهم ولا يخشى في الحق لومة لائم.
وجاءه الناس من كل مكان يستفتونه في أمور دينهم ودنياهم.. حتى إن أمير المؤمنين «عمر بن عبد العزيز» كتب إليه عندما تولى خلافة المسلمين ليستشيره قائلاً:
«إني قد ابتليت بهذا الأمر فانظر لي أعوانا يعينونني عليه»..
فرد عليه« الحسن البصري» قائلاً: «أما أبناء الدنيا فلا تريدهم، وأما أبناء الآخرة فلا يريدونك فاستعن بالله».
ويرحل «الحسن البصري» إلى البصرة، ويسكن فيها.. فيمضي داعيا إلى تخليص المجتمع من الفساد الذي انتشر فيه، من حب للمال، وبناء للقصور، فيجمع الناس ويحثهم على التقوى، وخشية الله، ويحذرهم من الانحراف والجشع والتطلع إلى المال، والاستغراق في حب الدنيا.. وينهاهم عن سفك الدماء.
وتمضي الأيام «بالحسن البصري» .. حتى جاء أمر ربه.
فصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها، بعد مائة وعشر سنوات من الهجرة، وعمره نحو تسعة وثمانين عامًا.. وخرج أهل البصرة كلهم في وداعه.. حتى لقد قيل إنه لم يبق بمسجدها من يقوم لصلاة العصر.
هذا هو «إمام أهل البصرة». الرجل الذي كان يتعبد عشرين سنة فلا يشعر به جاره. رحم الله «الحسن البصري».
المؤمن الزاهد، والفقيه العابد.. الذي كان يدعو ربه كلما فرغ من حديثه، وأراد الانصراف من مجلسه فيقول (ولنردد جميعا معه):
«اللهم طهر قلوبنا من الكبر والنفاق والرياء والسمعة والريبة والشك في دينك.. يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .. واجعل ديننا الإسلام القيم». آمين. آمين.

» الحكمة من تحريم الموسيقى
» الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن
» إلى إمام المسجد
» حكم الصلاة خلف إمام مبتدع
» رسالة إلى إمام المسجد