خطيب الرسول

موضوع: خطيب الرسول الأربعاء نوفمبر 20, 2013 7:05 pm

خطيب الرسول

"ثابت بن قيس"

هو ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي الأنصاري.
صحابي جليل.
وهو خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لم تذكر كتب السيرة تاريخا لمولده.. ولكنه ولد بالمدينة المنورة.
نشأ "ثابت" في بيت ثري، فلم يكن يلبس إلا الجميل من الثياب، والجديد من النعال.
فلما نزلت الآية الكريمة: "إن الله لا يحب كل مختال فخور" أخذته الرجفة، وهرع إلى بيته خائفا مرتعدا، وأغلق عليه داره، وتوارى عن أعين الناس، وجلس وحيداً يبكي.
ولما طالت غيبته سأل عنه رسول الله، ودعاه إليه ليسأله عن سر انقطاعه عن مجلسه الشريف، الذي لم يتغيب عنه مرة واحدة.
فلما امتثل "ثابت" أمام رسول الله قال، في أدب واستحياء:
- "يا رسول الله إني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل، وقد خشيت أن أكون بهذا من المختالين".
فطمأنه رسول الله وقال له والابتسامة تعلو وجهه الشريف:
"إنك لست منهم.. بل تعيش بخير.. وتموت بخير.. وتدخل الجنة".
ولم يكن "ثابت" نظيفاً، أنيقاً وفقط، بل كان جهوري الصوت.
ولما نزلت الآية الكريمة:
" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ.." .. كرر اعتكافه في البيت، ودعاه رسول الله، للمرة الثانية، فأجابه "ثابت" قائلاً: "إني امرؤ جهير الصوت، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله.. إذن فقد حبط عملي.. وأنا من أهل النار".
وللمرة الثانية، أيضاً، يطمئنه رسول الله قائلا:
- "أنت لست منهم.. بل تعيش حميدا.. وتقتل شهيداً.. ويدخلك الله الجنة".
زاره الرسول الكريم، يوما، وهو مريض فدعا ربه قائلاً:
- " أذهب البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس"،.
كل ذلك يبين مكانة "ثابت" الرفيعة، والسامية في قلب رسول الله.. ويؤكد مدى حبه وتقديره له.
وكيف لا...
وقد اتخذه صلى الله عليه وسلم خطيبا له، لما يتمتع به من طلاقة وفصاحة اللسان، وحسن البيان، وقوة الحجة، وعظيم البلاغة.
وإلي جانب مواهبه الإيمانية المتعددة، كان "ثابت" من الأبطال الشجعان، والفرسان المعدودين.
فقد شهد "أحدا" والمشاهد كلها مع رسول الله، ما تخلف في واحدة أبداً.
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى ظل "ثابت" على عهده ووعده.. عظيماً في إيمانه، قويا في إسلامه، غيورا على دينه.
وجاءت حروب الرِّدة.
وفي موقعة "اليمامة" (في أواخر السنة الحادية عشرة للهجرة) خرج "ثابت"، بكل ثبات وإقدام، حاملا راية الأنصار، وتقدم صفوف المسلمين لملاقاة جيش "مسيلمة الكذاب".
وظل يقاتل، حتى وقع هجوم مفاجئ على جيش المسلمين، فذهب بعيدا .. ولبس كفنه، وحفر قبره.. وانضم إليه "سالم" مولى رسول الله (الذي كان يحمل راية المهاجرين).
وأخذ البطلان يقاتلان بكل شجاعة، وهما واقفان في قبرهما، بعد أن غطت الرمال نصف جسدهما إلى أن قتلا شهيدين.
هذا هو "ثابت بن قيس".
المؤمن المجاهد.
والخطيب البارع.
الذي صدقت فيه نبوءة سيده صلى الله عليه وسلم.
فكان – بحق- من الذين قال الله فيهم:
" وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".

» هكذا عاش الرسول ..
» خادم الرسول
» صور من هجرة الرسول
» الصحابة واتباع الرسول
» إنسانية الرسول في حروبه