شبكة منتديات الطريق إلى الله
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  829894
ادارة المنتدي وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  829894
ادارة المنتدي وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة منتديات الطريق إلى الله

المنتدى دعوى والدخول ونقل المحتويات متاح لكل مسلم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولfacebooktwitter
Cool Red Outer
    Glow Pointer
أحبائنا اعضاء وزوار المنتدى الكرام نرجوا فتح الراوبط التالية لمعرفة شروط الإستخدام ۩۞۩ قوانــيــن عــــامـــــة ۩۞۩
نرجوا من إخواننا الأعضاء عدم إنشاء أى مواضيع سياسية بدون تأصيل شرعى لأن ذلك قد يعرض عضويتك للإيقاف
هذه دعوتنا : دعوة الى الهجرة إلى الله بتجريد التوحيد، والبراءة من الشرك والتنديد، والهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بتجريد المتابعة له. دعوة إلى إظهار التوحيد، بإعلان أوثق عرى الإيمان، والصدع بملة الخليلين محمّد وإبراهيم عليهما السلام، وإظهار موالاة التوحيد وأهله، وإبداء البراءة من الشرك وأهله. دعوة إلى تحقيق التوحيد بجهاد الطواغيت كل الطواغيت باللسان والسنان، لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور المناهج والقوانين والأديان إلى عدل ونور الإسلام. دعوة إلى طلب العلم الشرعي من معينه الصافي، وكسر صنميّة علماء الحكومات، بنبذ تقليد الأحبار والرهبان الذين أفسدوا الدين، ولبّسوا على المسلمين... دعوة إلى البصيرة في الواقع، وإلى استبانة سبيل المجرمين، كل المجرمين على اختلاف مللهم ونحلهم {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}. دعوة إلى الإعداد الجاد على كافة الأصعدة للجهاد في سبيل الله، والسعي في قتال الطواغيت وأنصارهم واليهود وأحلافهم لتحرير المسلمين وديارهم من قيد أسرهم واحتلالهم. ودعوة إلى اللحاق بركب الطائفة الظاهرة القائمة بدين الله، الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله

أبحث على الأنترنت
تابعونا على مواقع أخرى


 

 وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


الدولة : وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Egypt10
ذكر
الابراج : الجدي
عدد المساهمات : 4723
مدى تفاعل العضو : 17546
تاريخ الميلاد : 19/01/1991
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
العمر : 33
الموقع : https://islam4u.yoo7.com
الحالة الإجتماعية : خاطب

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Empty
مُساهمةموضوع: وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ    وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Emptyالإثنين مايو 06, 2013 8:54 pm

/
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457153851
صورة لدماغ بشري فتبارك الله أحسن الخالقين
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
يتباهي
البشر في هذا العصر بما حققوه من إنجازات علمية وتقنية في شتى المجالات
وخاصة في مجال أنظمة الاتصالات وأجهزة الحاسوب وشبكات المعلومات وشبكات
الطاقة الكهربائية. ولكن إذا ما شرحت لمن يتباهي بهذه الإنجازات تركيب
وطريقة عمل أي عضو من أعضاء جسم الإنسان فإن مباهاته سرعان ما تتلاشى ويرتد
إليه طرفه وهو حسير. وفي هذه المقالة سنشرح تركيب أعقد جهاز في جسم
الإنسان ألا وهو الجهاز العصبي وبالذات الدماغ الذي هو أهم مكوناته. ولقد
اعترف العلماء بأن التعقيد الموجود في تركيب الدماغ لا يوجد ولن يوجد في
أعقد الأجهزة الإلكترونية التي اخترعها الإنسان بل إن أحدهم قد قال أنه لو
تم جمع جميع الحواسيب في العالم وتم ضغطها لتكون بحجم دماغ الإنسان فلن يصل
تعقيد مكوناتها تعقيد مكونات الدماغ. وسنبين أن التعقيد الموجود في دوائره
العصبية لا يضاهيه التعقيد الموجود في دوائر أضخم الحواسيب الجبارة
والتعقيد الموجود في أليافه العصبية لا يضاهيه التعقيد الموجود في أسلاك
أضخم الشبكات الهاتفية. أما الوظائف التي يقوم بها الدماغ فإن البشر لا
زالوا يقفون عاجزين عن اختراع أجهزة تقوم بمثل هذه الوظائف وعلى القارئ أن
يقارن بين الحركات التي يمكن أن يقوم بها جسم الإنسان مع تلك التي يقوم بها
الإنسان الآلي أو الروبوت وبين قدرة الدماغ على التعرف على ملايين الأشياء
التي شاهدها لمرة واحدة وبين فشل الحواسيب الجبارة على التعرف على أبسط
الأشياء. أما قدرة الدماغ على تمكين الإنسان من الإحساس بوجوده وبمشاعره
وعواطفه فلا أعتقد أن العلماء سيفكرون يوما من الأيام في تصنيع أجهزة تقلده
في فعل ذلك وصدق الله العظيم القائل "هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) " لقمان.
يعتبر
الجهاز العصبي أهم جهاز من أجهزة الجسم على الإطلاق فبدونه لا يمكن لبقية
الأجهزة أن تقوم بوظائفها على الوجه المطلوب وهو يعمل في أبسط أشكاله كجهاز
للتحكم يحدد الطريقة التي يعمل بها كل عضو من أعضاء الجسم بالتنسيق مع
بقية الأعضاء. وكما هو الحال في أنظمة التحكم المستخدمة في الأجهزة الحديثة
فإن الجهاز العصبي يقوم باستقبال إشارات حسية محملة بالمعلومات من مختلف
أعضاء الجسم ومن المحيط الخارجي ثم يقوم بمعالجتها ومن ثم يقوم بإصدار
الأوامر التي تتحكم بعمل هذه الأعضاء من خلال الإشارات التي يرسلها إليها
ولما فيه مصلحة هذا الجسم. وتعمل البرامج المخزنة مسبقا في الجهاز العصبي
على دفع الكائن الحي بشكل غريزي للبحث عن طعامه وشرابه وذلك لتأمين الطاقة
اللازمة لعمل أجهزة جسمه وكذلك دفعه للتزاوج مع شريكه لإنتاج كائنات جديدة
للحفاظ على جنسه إلى جانب دفعه إلى أخذ التدابير اللازمة للحفاظ على جسمه
من المخاطر التي يتعرض إليها من المحيط الذي يعيش فيه. ويتميز الجهاز
العصبي في الإنسان على تلك التي في بقية الكائنات الحية بوجود وظائف أخرى
كثيرة إلى جانب الوظائف السابقة كقدرته على الكلام والقراءة والكتابة
والتذكر والتفكير والوعي والإحساس بالعواطف والمشاعر وغير ذلك الكثير كما
سنشرح ذلك لاحقا.
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457154082
وباستثناء
التعقيد البالغ في تركيب الجهاز العصبي والآليات المعقدة التي يستخدمها في
معالجة المعلومات فإن تركيبه العام لا يختلف من حيث المبدأ عن تركيب أجهزة
التحكم الكهربائية التي تستخدم الحواسيب والمتحكمات والمعالجات الدقيقة في
عملية التحكم في مختلف أنواع الأجهزة والروبوتات. ففي مقابل الأسلاك
المعدنية في الأجهزة الإلكترونية يستخدم الجهاز العصبي الألياف العصبية
والتي تتميز بصغر قطرها البالغ الذي يقاس بالميكرومترات. وفي مقابل
الترانزستورات في الأجهزة الإلكترونية يستخدم الجهاز العصبي الخلايا
العصبية كوحدة أساسية لمعالجة المعلومات والتي تتميز على الترانزستورات
بقدرتها الفائقة على معالجة المعلومات حيث تقوم الخلية الواحدة مقام معالج
دقيق كامل يحتوي على ملايين الترانزستورات. وكما أن أنظمة التحكم المعقدة
وأنظمة الحاسوب العملاقة تستخدم طرق المعالجة المتوازية والموزعة بدلا من
المعالجة المتسلسلة والمركزية لزيادة سرعة معالجتها المعلومات فإن الجهاز
العصبي يقوم بمعالجة المعلومات المختلفة التي يستلمها من الجسم في أماكن
مختلفة من الدماغ والحبل الشوكي بل حتى في داخل الأعضاء المتحكم بها. إن
مثل هذه المعالجة المتوازية والموزعة المستخدمة في الجهاز العصبي تضمن عمل
النظام حتى في حالة تعطل بعض أجزائه إلى جانب سرعة تنفيذ الأوامر في أعضاء
الجسم المختلفة.
يتكون
الجهاز العصبي في الإنسان وفي بعض الكائنات الحية من جزئيين رئيسيين
أولهما الجهاز العصبي المركزي والذي يتكون من الدماغ الموجود في الجمجمة
والحبل الشوكي الموجود في العامود الفقري أما ثانيهما فهو الجهاز العصبي
المحيطي وهو كل ما يقع خارج الجمجمة والحبل الشوكي من مكونات عصبية وهي
الألياف والعقد العصبية والمستقبلات الحسية. ويعتبر الدماغ أهم مكونات
الجهاز العصبي ويعتمد تعقيد تركيبه في الكائنات الحية على عدد وحجم الوظائف
التي يقوم بها لخدمة جسم الكائن وبشكل عام فهو يزداد حجما وتعقيدا كلما
ازداد حجم جسم الكائن باستثناء الإنسان . ويتراوح وزن الدماغ بين عدة
غرامات في الحشرات والأسماك وعدة مئات من الغرامات في الحيوانات الكبيرة
كالثدييات أما الإنسان فيصل وزن دماغه إلى ما يقرب من ألف وخمسمائة غرام
وقد يصل في بعض الحيوانات الكبيرة الحجم كالفيلة والحيتان والدلافين إلى
عدة كيلوغرامات.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457154243
صور لأدمغة متنوعة فتبارك الله أحسن الخالقين
إن
قدرات الدماغ لا تعتمد فقط على حجمه بل على مساحة سطحه لأسباب سنبينها
فيما بعد ولذلك نجد أن أدمعة الحيوانات الكبيرة لها أسطح كثيرة التلافيف
والاخاديد وهي أكثر وأعمق ما تكون في دماغ الإنسان كما هو مبين في الصورة
المرفقة. إن زيادة حجم دماغ الإنسان بحيث أصبح يساوي ثلاثة أضعاف حجم أدمغة
حيوانات مساوية له في الوزن ليدل دلالة قاطعة على أن الإنسان له مكانة
خاصة في هذا الكون وأن خلقه قد تم من قبل العليم الخبير سبحانه وتعالى.
ومما يؤكد أيضا على تميز الإنسان على غيره من الكائنات هو أن زيادة قدرات
دماغه قد رافقها تعديل قدرات أعضاء أخرى مكنته من الاستفادة من قدرات هذا
الدماغ الجبار كالأيدي الماهرة التي تحول الأفكار إلى أفعال واللسان الطلق
الذي ينقل المعلومات التي يختزنها العقل إلى الآخرين والحواس المتطورة التي
تجمع المعلومات من المحيط الذي يعيش فيه. ونظرا للدور البالغ الأهمية الذي
يلعبه الجهاز العصبي في ضبط عمل جميع أعضاء أجسام الكائنات الحية وكذلك
نظرا لطبيعته الهشة فقد تم حمايته بشكل بالغ الإحكام. فالدماغ محمي بعظام
الجمجمة البالغة الصلابة وقد تم تغليفه بثلاث أغشية متينة يطلق عليها اسم
السحايا وهي الأم الجافية وهي غشاء ليفي سميك ومتين يبطن عظام الجمجمة
مباشرة والأم العنكبوتية وهي تبطن الأم الجافية والأم الحنون وهي غشاء رقيق
يغلف الدماغ ويتخلل جميع تجاعيده. ويملأ الحيز بين الأم الحنون والأم
العنكبوتية سائل يسمى السائل المخي الشوكي وهو
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457154434سائل
شفاف يتم إنتاجه في بطينات أربع تقع في مركز الدماغ وتسمى البطينات المخية
حيث تقوم شبكة من الشعيرات الدموية تسمى الضفيرة المشيمية بإفراز هذا
السائل. وتبلغ كمية هذا السائل في دماغ الإنسان ما يقرب من 150 ملليلتر
ويتم تغيير هذا السائل أربع مرات في اليوم للحفاظ على خصائصه المميزة التي
تمكنه من القيام بوظائفه المختلفة. إن أحد أهم وظائف هذا السائل هو عمله
كوسادة من السائل تحمي الدماغ من الارتطام بجدار الجمجمة حيث يمتص الصدمات
التي تتعرض لها الجمجمة. أما الوظيفة الأهم من ذلك لهذا السائل فهي ليبقى
الدماغ طافيا فيه فبدونه ستضغط كتلة الدماغ على أجزائه السفلية وتدمرها
وذلك بسبب الطراوة البالغة لأنسجة الدماغ. ولا تقتصر حماية الدماغ على
الأخطار الميكانيكية الخارجية بل تتعدى إلى حمايته من المواد الضارة التي
تأتيه من داخل الجسم من خلال الدم فالخلايا العصبية شديدة التأثر بالمواد
السامة والذي يموت منها لا يمكن أن يعوض. ولذلك فقد حماه الله سبحانه
وتعالى بما يسمى حاجز الدم-الدماغ وذلك من خلال اختيار نوع الشعيرات
الدموية التي تغذي خلاياه فهذه الشعيرات لها أقل نفاذية ممكنة بين جميع
الشعيرات الموجودة في الجسم ولذلك فهي لا تسمح إلا لما هو ضروري لحياة
الخلايا العصبية من غذاء وتطرد سوى ذلك من مواد ضارة وبكتيريا وفيروسات
ولذلك فإن التهاب أنسجة الدماغ نادر الحدوث وإذا ما حدث فإن آثاره بالغة
الضرر.
يتكون
الدماغ من مادة هلامية القوام لون سطحها رمادي يميل إلى القرنفلي ولون
داخلها يميل إلى الأبيض ويبلغ معدل وزنه عند الإنسان البالغ ألف وأربعمائة
غرام أما معدل أبعاده فهي 16.7 سم من الأمام إلى الخلف و 14 سم من الجانب
إلى الجانب و 9 سم من الأعلى إلى الأسفل. وعلى الرغم من أن وزن الدماغ لا
يشكل إلا اثنان بالمائة من وزن الجسم إلا أنه يستهلك عشرين بالمائة من
الطاقة التي يولدها الجسم حيث يصله ما بين 15 و 20 بالمائة من كمية الدم
التي يضخها القلب إلى الجسم. والدماغ مكون من أربعة أجزاء رئيسية وهي المخ
والذي يسمى الدماغ الواعي والمخ البيني وجذع المخ والمخيخ والتى تسمى
الدماغ غير الواعي.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457154585
رسم يوضح أقسام الدماغ متنوعة فتبارك الله أحسن الخالقين
فالمخ
هو الجزء الأعلى من الدماغ وهو أكبر الأقسام حجما إذ يشكل 85 % من حجم
الدماغ وهو مكون من نصفين يفصل بينهما شق طولي كبير ويرتبط النصفان ببعضهما
عند المنتصف بحزمة ضخمة من الألياف العصبية تسمى الجسم الثفني ويقدر
العلماء عدد هذه الألياف (المحاور) بمائتين وخمسين مليون ليف. ويتكون كل من
نصفي المخ من أربعة فصوص وهي الفص الجبهي ويشكل 41 بالمائة من حجم المخ
والفص الصدغي بنسبة 22 بالمائة والفص الجداري بنسبة 19 بالمائة والفص
القحفي بنسبة 18 بالمائة. ويتكون المخ من طبقتين رئيسيتين وهما القشرة
المخية ولب المخ فالقشرة المخية هي الطبقة السطحية للمخ وتتراوح سماكتها
بين 1.5 و 4.5 ملم وتتركز فيها أجسام العصبونات ولذلك فإن لها لون رمادي.
أما لب المخ فيحتوي على محاور العصبونات الموجودة في القشرة المخية
والمحاور القادمة من أجزاء الدماغ الأخرى إلى القشرة المخية وهي ذات لون
أبيض بسبب أن معظم هذه المحاور مغلفة بطبقة المايلين ذات اللون الأبيض.
ويوجد في لب المخ عدد من العقد العصبية التي ترتبط بالقشرة المخية وببقية
أجزاء الدماغ. والقشرة المخية لها سطح كثير التجاعيد يحتوي على أخاديد
وتلافيف كثيرة تعمل على زيادة مساحة سطحها إلى عدة أضعاف مساحتها فيما لو
بقيت بدون هذه الأخاديد وذلك لحكمة بالغة تتضح من خلال الشرح التالي. إن
زيادة عدد الخلايا العصبية في الدماغ لا يمكن أن يتم من خلال زيادة حجمه
فقط وذلك لأن ربط الألياف العصبية القادمة من مختلف أجزاء الجسم بالخلايا
العصبية في طبقات الدماغ الداخلية ستزيد من تعقيد تصميمه ولذلك كان من
الأسهل أن يتم توزيع أجسام الخلايا العصبية على سطح الدماغ وترك داخله
لمرور حزم الألياف العصبية التي تربط بين مناطق الدماغ المختلفة وبين أعضاء
الجسم. وهذه المشكلة هي نفسها التي واجهها مهندسو الإلكترونيات عند
تصميمهم لمعالجات وذاكرات الحواسيب التي تحتوي على ملايين الترانزستورات
فكان الحل من خلال بناء الدوائر الإلكترونية على أسطح شذرات المواد شبه
الموصلة في طبقة واحدة في بداية الأمر وعلى عدة طبقات في الأنواع الحديثة.
ولو تطلب الأمر بناء مكونات الدماغ على شكل دوائر إلكترونية بحيث يقوم
الترانزستور مقام الخلية العصبية لبلغت مساحة السطح الذي تحتله على الرقائق
الإلكترونية أكثر من ألف متر مربع ولكن بما أن الخلية العصبية تحتل حيزا
أقل من الترانزستور وتقوم بوظائف أكثر تعقيداﹰ من الوظيفة الوحيدة التي
يقوم بها الترانزستور فإن المساحة التي يتطلبها بناء الدماغ باستخدام
الخلايا العصبية قد تم تقليصها إلى أقل من متر مربع وذلك من خلال طريقتين
فريدتين.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457155267
مقطع طولي لدماغ بشري داخل الجمجمة
ففي
الطريقة الأولى تم توزيع العصبونات على ستة طبقات في القشرة المخية بدلا
من طبقة واحدة وبهذا تم تخفيض المساحة إلى السدس. أما الطريقة الثانية فهي
من خلال عمل أخاديد وتلافيف كثيرة وعميقة في القشرة المخية وكذلك في المخيخ
بحيث بقى حجم الدماغ ثابتا مع زيادة مساحة سطحه عدة مرات عن حاله فيما لو
كان على شكل كرة ملساء. إن نصف قطر جمجمة الإنسان لا يتجاوز العشرة
سنتيمترات وعليه فإن المساحة السطحية للدماغ فيما لو كان على شكل كرة ملساء
لن يتجاوز الألف سنتيمتر مربع وهذا أقل بكثير من المساحة المطلوبة. ومن
عجائب الدماغ التي أدهشت العلماء أنه يستهلك من الطاقة ما بين عشرين
وثلاثين واط فقط أي ما يكفي لتشغيل مصباح كهربائي صغير الحجم ولو أن الخلية
العصبية تستهلك من الطاقة ما يستهلكه الترانزستور الموجود في أحدث
المعالجات الدقيقة لبلغت كمية الطاقة التي يحتاجها الدماغ لتشغيله ما يقرب
من مائتي كيلواط وهي طاقة تكفي لتشغيل سيارة كبيرة الحجم.
أما
المخ البيني فيقع في مركز الدماغ بين المخ وجذع المخ وهو مكون من ثلاث
مناطق وهي المهاد وتحت المهاد والمهيد فمنطقة المهاد تعتبر البوابة
الرئيسية التي تمر من خلالها معظم الألياف العصبية إلى القشرة المخية حيث
تقوم بإعادة ترتيبها لتوجيهها إلى المناطق الخاصة بها وهي أشبه ما تكون
بمقسم الهواتف. أما منطقة تحت المهاد فتحتوي على كثير من مراكز التحكم
المتعلقة بوظائف الجسم الحيوية كالتحكم بدرجة حرارة الجسم والشعور بالجوع
والشبع ووالنوم واليقظة وضغط الدم وتركيز المواد في الدم وتركيز الماء في
الجسم والاستجابات العاطفية والرغبة الجنسية. وترتبط منطقة تحت المهاد أيضا
بالغدة النخامية بشكل مباشر والغدة النخامية هي أكبر غدد الجهاز الهرموني
وتسيطر على بقية غدد الجسم وبذلك فإن منطقة تحت المهاد هي همزة الوصل مع
الجهاز الهرموني في الجسم. وأما منطقة المهيد فهي المنطقة المسؤولة عن
إنتاج السائل المخي الشوكي وهي مكونة من البطينات المخية والظفيرة المشيمية
التي تنتج هذا السائل. أما جذع المخ فيقع تحت المخ البيني وهو صغير الحجم
على شكل الإصبع وهو يصل بين المخ والنخاع الشوكي وهو يتكون بدوره من ثلاثة
أجزاء وهي من الأسفل إلى الأعلى النخاع المستطيل ثم الجسر ثم الدماغ
الأوسط. فالنخاع المستطيل يحتوي إلى جانب الألياف العصبية التي تربط بين
المخ والنخاع الشوكي مراكز عصبية تتحكم ببعض عمليات الجسم الحيوية كالتحكم
بضربات القلب ومعدل وعمق التنفس وتقلص وتمدد الشرايين. وأما الجسر فيحتوي
على القنطرة التي تربط بين نصفي المخيخ والألياف العصبية التي تربط المخ
بالمخيخ وكذلك بالنخاع الشوكي. وأما الدماغ الأوسط فيحتوي على بعض مراكز رد
الفعل اللاإرادي أو المنعكس أو ما يسمى اختصارا بالمنعكسات كالمنعكسات
البصرية والسمعية ومنعكسات الجفل والعطاس والسعال والتقيؤ والشهاق والبلع
وكذلك يحتوي على محطة ترحيل للإشارات السمعية. أما المخيخ وهو أكبر حجما من
جذع المخ حيث يبلغ وزنه 150 غرام فيقع أسفل الجزء الخلفي من المخ وهو مكون
أيضا من نصفين بينهما شق ويرتبطان ببعضهما بحزمة من الألياف العصبية تسمى
الدودة وهو كالمخ ذي سطح كثير التجاعيد إلا أن تجاعيده أكثر عمقا وأقل عرضا
بحيث أن مساحة قشرته تساوي تقريبا مساحة قشرة المخ رغم الفارق الكبير بين
وزنيهما. إن وظيفة المخيخ الرئيسية هي معرفة وضعية الجسم من خلال الإشارات
القادمة من المستقبلات الحسية الموزعة في الجسم ومن القنوات الهلالية في
الأذن وكذلك حفظ توازن الجسم وتنفيذ الحركات الإرادية لأعضاء الجسم
المختلفة وتنسيق حركة هذه الأعضاء.
أما
الحبل الشوكي وهو القسم الثاني من الجهاز العصبي المركزي فهو عبارة عن جسم
أسطواني طويل يبدأ من جذع المخ ويبلغ معدل طوله في الإنسان 44 سم وقطره
يزيد قليلا عن السنتيمتر أي بحجم الإصبع أما وزنه الكامل فهو 35 غرام
تقريبا. وهو مغلف كذلك بنفس الأغشية الثلاث التي تغلف المخ ومحاط أيضا بنفس
السائل الشوكي ولذلك تم اعتباره جزءا من الجهاز العصبي المركزي. ولقد تم
حماية الحبل الشوكي بفقرات العمود الفقري بشكل بالغ الإتقان فهو موجود في
داخل عظام متحركة وذلك على العكس من الدماغ المحمي بعظام الجمجمة الثابتة
وهذا يتطلب تصميما فريدا ومتقنا لشكل فقرات العمود الفقري لكي لا تقطع أو
تضغط عليه وعلى الأعصاب الخارجة منه عند تحرك هذه الفقرات. وإذا ما تفحصنا
مقطع النخاع الشوكي نجد أنه يتكون من مادة رمادية على شكل حرف الهاء
بالانكليزية محاطة بالمادة البيضاء مما يعني وجود عصبونات في المادة
الرمادية ومحاور عصبونات في المادة البيضاء. إن المادة الرمادية لها قرنان
ظهريان ترتبط بهما الأعصاب الشوكية الحسية وقرنان بطنيان ترتبط بهما
الأعصاب الشوكية الحركية. والمادة البيضاء في النخاع الشوكي هي حزم الألياف
العصبية التي تربط الدماغ مع بقية أعضاء الجسم وقد تم تقسيمها إلى ألياف
صاعدة وألياف نازلة. وقد تمكن العلماء من رسم خرائط مفصلة لمقطع النخاع
الشوكي تحدد أماكن الألياف العصبية التي تذهب إلى مختلف أجزاء الجسم.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457156038
شكل لمقطع عرضي للحبل الشوكي
ولكن
بما أن أجزاء الجسم البعيدة لا يمكن إيصال النبضات العصبية إليها من خلال
محور يمتد من الدماغ إلى تلك الأجزاء فإنه يلزم إعادة توليد النبضات
الكهربائية بما يسمى المرحلات العصبية وهي خلايا عصبية تستلم النبضات من
الدماغ وتعيد إرسالها من جديد. ولذلك نجد أن مساحة المادة الرمادية تكون
قليلة في مناطق النخاع القريبة من الدماغ وتزداد تدريجيا كلما ابتعدت عن
الدماغ وذلك على عكس المادة البيضاء. وإلى جانب المرحلات العصبية يوجد في
النخاع الشوكي كما في الدماغ عصبونات مسؤولة عن رد الفعل المنعكس أو ما
يسمى الأقواس الانعكاسية حيث تربط هذه العصبونات المستقبلات الحسية في
الجلد وغيره من الأعضاء بالعصبونات المحركة في العضلات المختلفة وذلك بدون
مرورها على الدماغ وذلك لتسريع رد الفعل لتجنيب الجسم مصادر الخطأ كتعرض
الجلد للحرارة أو الأشياء الحادة وكإعادة توازن الجسم عند الإنزلاق أو غير
ذلك. وإلى جانب العصبونات الموجودة في داخل النخاع الشوكي والبالغ عددها
بليون عصبون يوجد عقد عصبية كثيرة تقع على السطح الخارجي لفقرات العمود
الفقري وذلك لخدمة الجهاز العصبي المحيطي. وتتفرع حزم الألياف العصبية من
الحبل الشوكي إلى أعضاء الجسم من بين الفقرات على شكل أزواج أحدهما يذهب
إلى يمين الجسم والآخر إلى يساره حيث يوجد واحد وثلاثين زوجا من هذه
الألياف كما سنبين تفصيل ذلك لاحقا.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  12457160649
شكل يوضح مسار السيالة العصبية من النخاع الشوكي إلى العضلة

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  124571610410
شكل لمقطع عرضي لخلية عصبية فتبارك الله أحسن الخالقين
أما
القسم الثاني من الجهاز العصبي فهو الجهاز العصبي المحيطي وهو كل ما يقع
خارج الجمجمة والحبل الشوكي من مكونات عصبية وهي الألياف العصبية والعقد
العصبية والمستقبلات الحسية. فالألياف العصبية أو الأعصاب تتكون في الغالب
من عدد هائل من المحاور أو الزوائد الشجرية التي تخدم منطقة ما من الجسم
يتم تجميعها على شكل حزم أو ظفائر ومن ثم يتم تغليفها بأنسجة ضامة ومن ثم
يتم تغليف جميع هذه الحزم بنسيج ضام رئيسي وغالبا ما يحتوي الليف على
شرايين وأوردة لتغذية المحاور والزوائد الشجرية بما تحتاجه من طاقة. وقد
صنف العلماء الألياف من حيث قطرها وسرعة انتشار النبضات فيها إلى أربعة
أنواع رئيسية فالنوع ألفا يتراوح قطره بين 13 و 20 ميكرومتر وسرعة الانتشار
بين 80 و 120 متر في الثانية والنوع بيتا يتراوح قطره بين 6 و 12 ميكرومتر
وسرعة الانتشار بين 30 و 80 متر في الثانية والنوع دلتا يتراوح قطره بين 1
و 5 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 5 و 30 متر في الثانية والنوع سي يتراوح
قطره بين 0.2 و 1.5 ميكرومتر وسرعة الانتشار بين 0.5 و 2 متر في الثانية
وهذا النوع الأخير غير معزول بعكس الأنواع الثلاثة الأولى المعزولة بطبقة
المايلين الدهنية والتي تزيد من سرعة انتشار النبضات . وهناك نوعان رئيسيان
من الألياف العصبية من حيث الوظيفة فالنوع الأول هي الألياف الحسية التي
تنقل الإشارات العصبية التي تنتجها المستقبلات الحسية المختلفة الموجودة في
الجسم إلى الجهاز العصبي المركزي أما النوع الثاني فهي الألياف الحركية
والتي تنقل الإشارات العصبية من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات والغدد.
وقد تم تقسيم الألياف العصبية من حيث مكان خروجها أيضا إلى قسمين فالقسم
الأول يخرج من الجمجمة وهي ترتبط بالدماغ وعددها اثنا عشر زوجا وتسمى
الأعصاب الجمجمية أو الدماغية ويذهب أغلبها إلى الحواس والعضلات الموجودة
في الرأس والرقبة والقسم الثاني يخرج من الحبل الشوكي وعددها واحد وثلاثين
زوجا وتسمى الأعصاب الشوكية وتذهب إلى بقية أعضاء الجسم. فالأعصاب الدماغية
الأثنا عشر مكونة من عصبين حسيين وخمسة أعصاب حركية وأربعة أعصاب مختلطة
فالعصبان الحسيان هما العصب الأول (الشمي) وهو المسؤول عن حاسة الشم والعصب
الثاني (البصري) وهو المسؤول عن حاسة البصر ويتكون من مليون ومائتي ألف
ليف وأما الأعصاب الحركية فهي العصب الثالث (محرك العين) وهو المسؤول عن
حركة عضلات العين الداخلية والعضلة الرافعة للجفن العلوي وحدقة العين
والغدد الدمعية ويتكون من ثلاثين ألف ليف والعصب الرابع (البكري) وهو
المسؤول عن حركة العضلة المائلة العلوية لكرة العين ويتكون من ثلاثة آلاف
ليف والعصب السادس)المبعد) وهو المسؤول عن عضلة العين الوحشية المستقيمة
ويتكون من أربعة آلاف ليف والعصب الحادي عشر (العصب الشوكي) وهو المسؤول عن
حركة بعض عضلات الرقبة والعصب الثاني عشر (تحت اللساني) وهو المسؤول عن
حركة اللسان وأما الأعصاب المختلطة وهي العصب الخامس (ثلاثي التواؤم) وهو
المسؤول عن حركة العضلات الماضغة والغشاء المخاطي للفم والأنف وفيه جذر حسي
ينقل أحاسيس الوجه والأسنان ويتكون من ثمانية آلاف ليف والعصب السابع
(العصب الوجهي) وهو المسؤول عن حركات عضلات الوجه وفروة جبهة الرأس والغدة
اللعابية وفيه جذر حسي لحاسة التذوق في مقدمة اللسان ويتكون من عشرة آلاف
ليف والعصب الثامن (السمعي) وهو المسؤول عن كل من حاستي السمع ونظام توازن
الجسم والعصب التاسع (اللساني البلعومي) وهو المسؤول عن حركة إحدى عضلات
البلعوم وحاسة التذوق في الثلث الأخير من اللسان والعصب العاشر (الحائر)
وهو العصب الجمجمي الوحيد الذي يخدم منطقة تقع خارج الرأس والرقبة فهو يذهب
إلى المعدة والرئتين والحنجرة.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  124571614711
شكل يظهر المراكز التي يتحكم بها الدماغ
أما
الأعصاب الشوكية فيبلغ عددها 31 زوجاً وهي تتفرع من جهتي الحبل الشوكي عند
مناطق مختلفة من العمود الفقري حيث يخرج من جانبي كل فقرة عصب يخدم منطقة
الجسم القريبة منها وهي على النحو التالي: ثمانية أزواج عنقية واثنا عشر
زوجا صدريا وخمسة أزواج قطنية وخمسة أزواج عجزية وزوج واحد عصعصي. وجميع
الأعصاب الشوكية من النوع المختلط حيث يتفرع من الحبل الشوكي جذران أحدهما
حسي وهو الجذر الظهري أي من جهة الظهر وآخر حركي وهو الجذر البطني ثم
يتحدان ليكونا عصبا واحدا بعد خروجهما من بين فقرات العمود الفقري ثم
يتفرقا عند وصولهما إلى العضو أو الأعضاء التي تخدمها. وتصنف الأعصاب
الشوكية إلى نوعين فالنوع الأول هي الأعصاب الجسمية وهي مكونة من أعصاب
حركية مسؤولة عن حركة العضلات الإرادية والتي تنتشر في عضلات هيكل الجسم
ومن أعصاب حسية والتي تنتشر في جميع أنحاء الجلد أما النوع الثاني فهي
الأعصاب الذاتية أو اللاإرادية وهي مسؤولة عن الحركات اللاإرادية في أعضاء
الجسم الداخلية كالقلب والرئتين والحجاب الحاجز والمعدة والأمعاء والكبد
والكلى والأوعية الدموية وغيرها. والأعصاب الذاتية تنقسم بدورها إلى نوعين
وهي الأعصاب الودية وهي التي تستثير الأعضاء لتعمل بأقصى جهد ممكن عند
مواجهة الأخطار كزيادة دقات القلب وزيادة إفراز السكر واتساع حدقة العين
وأما النوع الثاني فهي الأعصاب غير الودية وهي تعمل على عكس النوع الأول
حيث تعمل على تهدئة الأعضاء لتعود لتعمل بشكل طبيعي.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  124571618112
شكل يظهر النخاع الشوكي والأعصاب التي تتفرغ منه
أما
المكون الثاني من مكونات الجهاز العصبي المحيطي فهي العقد العصبية وهي
مراكز تقوم بمعالجة الإشارات العصبية كما هي المراكز الموجودة في الدماغ
وقد تم توزيعها في أنحاء الجسم لسببين أولهما لتقليل حجم الدماغ وتخفيف
العبء عليه وثانيها لتكون قريبة من الأعضاء التي تعالج معلوماتها فتصل
الإشارات إليها بأسرع مما لو أنها كانت في الدماغ وكذلك لتقليل عدد الألياف
الذاهبة إلى الدماغ. وهناك أنواعا مختلفة من العقد العصبية فالعقد
الموجودة في الحواس الخمس تقوم باستلام الإشارات العصبية من المستقبلات
الحسية وتقوم بمعالجتها معالجة مبدئية قبل إرسالها إلى الدماغ وذلك لتقليل
عدد الألياف الذاهبة إلى الدماغ.
وتقع
عقد حواس البصر والسمع والشم والذوق بالقرب من مستقبلاتها الحسية بينما
تقع عقد حاسة اللمس على الجذور الظهرية للأعصاب الشوكية أي بجوار العمود
الفقري. والعقد المستخدمة في حركة العضلات الإرادية تحتوي على برامج تحدد
سلسلة حركة العضلات عند القيام بوظيفة معينة وكل ما تحتاجه من الدماغ إشارة
البدء لتنفيذ المهمة. أما العقد الموجودة في الجهاز العصبي اللإرادي أو
الذاتي فتحتوي على برامج تعمل بشكل مستقل ومتواصل دون الحاجة لأوامر من
الدماغ وهي نوعان فالنوع اللاودي توجد عقده العصبية في جدار العضو المتحكم
به أو قريبا منه أما النوع الودي فتوجد عقده على سطح الجدار الخارجي للعمود
الفقري وهي على شكل انتفاخات في الحبلان العصبيان اللذان يمتدان على طول
الحبل الشوكي حيث يوجد عقدتين على جانبي كل فقرة. إن اختيار هذا الموقع
للعقد اللاودية لم يأتي اعتباطا فإلى جانب حمايتها بعظام الفقرات فإن
الألياف الخارجة منها والداخلة إليها يتم دمجها داخل الأعصاب الشوكية وذلك
لتقليل عدد الأعصاب الذاهبة والقادمة من أعضاء الجسم كما هو واضح في الشكل
المرفق.
وأما
المستقبلات الحسية فهي المكون الثالث للجهاز العصبي المحيطي وهي خلايا
عصبية يوجد على زوائدها الشجرية مستقبلات تستجيب لمؤثرات مختلفة فهناك
المستقبلات الضوئية المستخدمة في حاسة البصر والمستقبلات الميكانيكية
المستخدمة في حاسة السمع ونظام حفظ توازن الجسم والمستقبلات الحرارية
المستخدمة في تنظيم درجة حرارة الجسم والمستقبلات الكيمائية المستخدمة في
حاستي الذوق والشم وفي تنظيم العمليات الحيوية في داخل الجسم. إن محاور
خلايا المستقبلات الحسية لا تذهب مباشرة إلى الدماغ بل تمر على عقد عصبية
تقوم بمعالجة الإشارات التي تصلها معالجة مبدئية وذلك لتقليل عدد الألياف
العصبية الذاهبة إلى الدماغ وكذلك لتخفيف العبء عليه. ففي حاسة البصر يبلغ
عدد الخلايا الحساسة للضوء في شبكية كل عين ما يقرب من 130 مليون خلية منها
خمسة ملايين من المخاريط بأنواعها الثلاثة والحساسة للألوان الأساسية
الثلاث والبقية من العصي الحساسة لشدة الضوء. وتجتمع الألياف الخارجة من
الشبكية عند العقدة العصبية الشبكية والتي تحتوي على ما يقرب من مليون
عصبون ومن ثم تنقل إلى القشرة البصرية في المخ والتي تحتوي على 550 مليون
عصبون. وفي حاسة السمع يبلغ عدد الخلايا الشعرية الحساسة لحركة سائل
القوقعة ما يقرب من 20 ألف تمر الألياف الخارجة منها والبالغ عددها 30 ألف
ليف على عقدة عصبية تقع بجوار القوقعة وتحتوي على ما يقرب من 10 آلاف عصبون
ومن ثم تنقل إلى القشرة السمعية في المخ والتي تحتوي على 100 مليون عصبون.
وفي حاسة الشم يوجد عشرة ملايين خلية شم موزعة على رقعتين من النسيج الشمي
موجودتين في سقف التجويف الأنفي والتي لا تتجاوز مساحة كل منهما سنتيمتر
مربع واحد. ويوجد ما يقرب من ألف نوع من خلايا الشم الحساسة لمختلف أنواع
المواد الكيميائية وهي قادرة على تمييز ما يزيد عن عشرة آلاف رائحة مختلفة.
وفي
حاسة الذوق يوجد عشرة آلاف برعم تذوق غالبيتها موجودة على سطح اللسان
والبقية في اللهاة وجوانب الفم ويوجد ما بين 50 و 150 مستقبل تذوق على كل
برعم وهي مقسمة إلى أربعة أنواع تستجيب للحلاوة والملوحة والحموضة
والمرارة. وفي حاسة اللمس يوجد ما يقرب من عشرين نوعا من الخلايا الحسية
مدفونة على أعماق مختلفة من الجلد تستجيب لأنواع مختلفة من المؤثرات
كالسخونة والبرودة والخشونة والنعومة والصلابة والطراوة والرطوبة والجفاف
والضغط المتقطع والمتواصل ومعدل التغير في درجة الحرارة والضغط والألم. وقد
قدر العلماء عدد المستقبلات الحسية في الجلد بخمسة ملايين ثلاثة أرباعها
من حساسات الألم وهي ليست موزعة بشكل منتظم على سطح الجلد فهي عالية
الكثافة في اليد والرجل والشفاه واللسان والوجه والرقبة وقليلة الكثافة في
الظهر فقد لا تزيد المسافة بين حساسين متجاورين في رؤوس أصابع اليد عن
ملليمترين اثنين بينما قد تصل لعدة سنتيمترات في الظهر. وإلى جانب
المستقبلات الحسية الموجودة في الحواس الخمس يوجد في الجسم أنواع أخرى من
الحساسات كالحساسات الكيميائية الموزعة في مختلف أجهزة الجسم تعمل على ثبات
تركيز مختلف أنواع المواد الكيميائية ضمن حدود معينة وكالحساسات
الميكانيكية الموجودة في المفاصل والعضلات التي تذهب إشاراتها إلى نظام حفظ
توازن الجسم وغالبا ما تستخدم هذه الحساسات في تشغيل أنظمة التغذية
الراجعة المستخدمة في كثير من أجهزة الجسم.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  124571637715
شكل يوضح أشكال الخلايا العصبية بحسب مهمتها
يحتوي
دماغ الإنسان على نوعين رئيسين من الخلايا وهي الخلايا العصبية أو
العصبونات وهي تشكل عشرة بالمائة من عدد خلايا الدماغ والخلايا الدبقية أو
الصمغية وتشكل 90 بالمائة منه وهي تعمل كمادة داعمة للعصبونات وتقوم
بتزويدها بالغذاء والأوكسجين وتخليصها من الفضلات. وعلى الرغم من أن عدد
الخلايا الدبقية يبلغ عشرة أضعاف الخلايا العصبية إلا أنها تحتل نفس الحيز
الذي تحتله الخلايا العصبية في الدماغ وذلك لأن حجمها يبلغ عشر حجم الأخرى
تقريبا. ويقدر العلماء عدد العصبونات في الدماغ بمائة بليون (البليون يساوي
ألف مليون). ويعتبر العصبون وحدة البناء الأساسية للدماغ وهو يناظر
الترانزستور الذي هو وحدة البناء الأساسية للدوائر الإلكترونية المستخدمة
في بناء أجهزة الحواسيب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وتتكون الخلية
العصبية بشكل عام من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي جسم الخلية والذي يحتوي جميع
المكونات التي تحتويها بقية خلايا الجسم أما الجزء الثاني فهو التفرعات
الشجرية أو الزوائد العصبية وأما الجزء الثالث فهو المحور.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  124571641416
شكل لمقطع عرضي لخلية عصبية تظهر أقسامها الثلاثة
والتفرعات
الشجرية هي زوائد تخرج من جسم الخلية ثم تتفرع إلى غصينات كثيرة قد تصل
إلى عدة آلاف في بعض العصبونات وهي قصيرة الطول نسبيا لا تتجاوز عدة
ملليمترات ويوجد على أطرافها مستقبلات للنواقل العصبية. أما المحور فلا
يوجد منه إلا واحد في كل خلية عصبية ويتراوح طوله بين عدة ملليمترات وقد
يزيد عن المتر وتخرج منه عند طرفه البعيد تفرعات معدودة تنتهي ببروزات على
شكل أزرار تقوم بإفراز الناقلات العصبية عند إثارتها وتكون هذه الأزرار مع
المستقبلات الموجودة على التفرعات الشجرية ما يسمى بالمشابك العصبية. وكما
أن للدوائر الإلكترونية مداخل لاستقبال الإشارات ومخارج تسلم الإشارات
لبقية الدوائر فإن للعصبونات مداخل ومخارج فمداخلها هي التفرعات الشجرية
حيث تنقل الإشارات التي تبعثها المستقبلات بعد إثارتها من الخلايا الأخرى
إلى جسم الخلية والتي تقوم بمعالجتها وإرسال الناتج من خلال المحور إلى
المشابك والتي تقوم بنقلها إلى بقية الخلايا العصبية. والمشبك العصبي هو
عبارة عن الجهاز الذي يقوم بنقل الإشارات العصبية من خلية عصبية إلى أخرى
وهو يتكون من التقاء أحد أزرار محور خلية وأحد مستقبلات التفرعات الشجرية
في خلية أخرى دون أن يتلامسا حيث يوجد بينهما فجوة لا يتجاوز عرضها ثلاثين
نانومترات ومن خلالها تنتقل النواقل العصبية التي تفرزها الأزرار إلى
المستقبلات الموجودة على التفرعات الشجرية. ويوجد أنواع مختلفة من
العصبونات يتراوح قطرها ما بين عدة مايكرومترات ومائة مايكرومتر أما طولها
فيتراوح ما بين عدة ميلليمترات وقد يتجاوز المتر. وعلى الرغم من أن عدد
أنواع العصبونات المتخصصة قد يزيد عن عشرة آلاف نوع إلا أنه يمكن تقسيمها
من حيث الوظيفة إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي العصبونات الحسية والعصبونات
المحركة والعصبونات الرابطة أو الموصلة. فالعصبونات الحسية تقوم باستقبال
الإشارات من خلايا المستقبلات الحسية في الجسم ومعالجتها ثم إرسال نتائج
المعالجة إلى العصبونات الأخرى وهي في الغالب طويلة الزوائد الشجرية قصيرة
المحور. أما العصبونات المحركة فتقوم بنقل الأوامر إلى أعضاء الاستجابة في
الجسم كالعضلات والغدد وهي في الغالب طويلة المحور قصيرة الزوائد الشجرية.
وأما العصبونات الرابطة أو اموصلة فتستخدم كوسيلة لربط مختلف أنواع
العصبونات وغالبا ما تتركز في مراكز المعالجة في داخل الدماغ وفي العقد
العصبية.
لقد
تمكن العلماء إلى حد ما من فهم الطريقة التي تعمل من خلالها الخلية
العصبية في نقل ومعالجة الإشارات العصبية. فعندما تثار الشجيرات العصبية
لعصبون ما من قبل العصبونات المتصلة بها من جهة الشجيرات يقوم العصبون
بمعالجة هذه الإشارات فضائيا وزمنيا لتنتج إشارة واحدة فقط لها شدة معينة.
وإذا ما تجاوزت شدة هذه الإشارة عتبة محددة تحدد من قبل جهاز يقع عند نقطة
التقاء المحور مع جسم الخلية يسمى عتبة المحور فإن الخلية تقوم بتوليد نبضة
كهربائية ذات شدة محددة تسمى جهد الفعل. ويتم توليد جهد الفعل هذا من خلال
فتح قنوات الصوديوم والبوتاسيوم الموجودة في غشاء المحور وهذه القنوات
تفتح وتغلق تبعا لمقدار فرق الجهد الموجود بين سطحي الغشاء ولذلك سميت
بالبوابات المحكومة بالجهد. ففي وضع السكون تكون هذه القنوات مغلقة ويكون
فرق الجهد سالبا ومقداره في المتوسط -70 ملليفولت. وعند إثارة طرف المحور
عند عتبته بمؤثر خارجي تنفتح قنوات الصوديوم إذا زاد فرق الجهد عن -40
ملليفولت وتبدأ أيونات الصوديوم بالدخول من خارج الخلية إلى داخلها فتزيد
بذلك الأيونات الموجبة عن الأيونات السالبة في الداخل فيتحول فرق الجهد في
ذلك الموضع من المحور من السالب إلى الموجب وبمقدار +50 ملليفولت. وعند هذا
الجهد الموجب تنغلق قنوات الصوديوم وتنفتح قنوات البوتاسيوم فتبدأ أيونات
البوتاسيوم الموجبة بالخروج من داخل الخلية إلى خارجها فتعيد فرق الجهد إلى
وضعه الطبيعي. وعلى الفور تبدأ مضخات الصوديوم والبوتاسيوم بالعمل لإخراج
ما دخل من أيونات الصوديوم إلى داخل الخلية وإدخال ما خرج من أيونات
البوتاسيوم إليها لكي تحافظ على الفرق في تركيزهما بين داخل وخارج الخلية.
إن هذا التغير الموضعي في فرق الجهد لن يتوقف عند هذا المكان بل سيبدأ
بالانتشار ويقوم بفتح وإغلاق القنوات المجاورة ويسري التغيير في فرق الجهد
على شكل نبضة أو موجة كهربائية في المحور بعيدا عن جسم الخلية. وتسمى
الفترة الزمنية التي تعقب فترة توليد النبضة الكهربائية والتي يتم فيها
إعادة تركيز الأيونات لوضعها الطبيعي بفترة الممانعة حيث تمتنع عتبة المحور
عن توليد نبضة كهربائية جديدة مع وجود المؤثر عليها. إن وجود فترة
الممانعة هذه ضرورية جدا لعمل العصبون فهي أولا تمنع النبضات الكهربائية من
الانتشار باتجاه جسم العصبون بل تنتشر بعيدا عنه باتجاه نهاية المحور
وثانيا فهي تحدد أعلى معدل ممكن لتوليد النبضات الكهربائية والذي يبلغ مائة
نبضة في الثانية. مع العلم أن المعلومات المتبادلة بين العصبونات يتم
تمثيلها بمقدار تردد النبضات وليس بشدتها وهذه الطريقة هي إحدى الطرق
المستخدمة في تمثيل المعلومات في أنظمة الاتصالات الكهربائية والتي تسمى
بتعديل أو تضمين التردد. إن سرعة انتشار النبضة الكهربائية في المحور غير
المعزول لا تتجاوز عدة أمتار في الثانية وذلك تبعا لقطر المحور حيث تزيد
السرعة مع زيادة القطر. وهذه السرعة قد تكون كافية لتبادل المعلومات بين
الخلايا العصبية المتجاورة ولكنها غير كافية بين الخلايا المتباعدة والتي
قد تصل المسافة بينها عشرات السنتيمترات. وهنا تتجلى قدرة الخالق سبحانه
وتعالى في إبداع طريقة عجيبة تزيد من سرعة الانتشار لتصل إلى ما يزيد عن
مائة متر في الثانية دون زيادة قطر المحور وهي من خلال تغليف المحور بعازل
دهني يسمى المايلين أو النخاعين ولكن ليس بالكامل بل تترك مناطق ضيقة غير
معزولة بين المناطق المعزولة تسمى عقد رانفير والتي تكثر فيها قنوات
الصوديوم والبوتاسيوم. إن عزل المحور يمنع من دخول أيونات الصوديوم من خلال
القنوات الواقعة تحت العازل وهي قليلة جدا وبذلك فإن جهد الفعل أو النبضة
الكهربائية لن يتولد إلا عند عقد رانفير. وإذا ما تم توليد نبضة كهربائية
عند عقدة ما فإن نبضة أخرى ستتولد عند العقدة المجاورة التي تليها بمجرد
وصول أيونات الصوديوم من العقد السابقة وذلك من خلال ظاهرة الانتشار
السريعة نسبيا. وبهذه الطريقة تنتشر النبضات العصبية على شكل قفزات بين
العقد وهي بالطبع أسرع من انتشارها بشكل متواصل على المحاور غير المعزولة.
ويتم عزل المحاور من قبل خلايا متخصصة تسمى خلايا شوان حيث تأخذ كل خلية
موقعها على طول المحور وعلى مسافات منتظمة ثم تبدأ بإفراز المادة الدهنية
العازلة وتقوم بلفها عدة لفات حول المحور شريطة أن تترك الخلايا المتجاورة
على المحور منطقة بينهما غير معزولة وهي عقد رانفير وهذا من عجائب تقدير
العزيز العليم سبحانه وتعالى.
يتم
تبادل المعلومات بين الخلايا العصبية من خلال ما يسمى بالمشابك العصبية
والمكونة كما ذكرنا سابقا من الأزرار الموجودة على نهاية محور الخلية
المرسلة والمستقبلات الموجودة على الزوائد الشجرية للخلية المستقبلة حيث
يفصل بينهما فجوة لا يتجاوز سمكها 30 نانومتر. فعند وصول النبضة الكهربائية
إلى نهاية المحور حيث توجد الأزرار فإنها تعمل على فتح قنوات الكالسيوم
الموجودة في غشائه والتي تدخل من خلالها أيونات الكالسيوم إلى داخل الزر
والتي تقوم بدورها بفتح أكياس أو حويصلات مملوءة بالنواقل العصبية فتصبها
في فجوة المشبك.
[/font:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islam4u.yoo7.com
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


الدولة : وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Egypt10
ذكر
الابراج : الجدي
عدد المساهمات : 4723
مدى تفاعل العضو : 17546
تاريخ الميلاد : 19/01/1991
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
العمر : 33
الموقع : https://islam4u.yoo7.com
الحالة الإجتماعية : خاطب

وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ    وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ  Emptyالإثنين مايو 06, 2013 8:54 pm

أما
الوظائف التي يقوم بها الدماغ الواعي أي المخ فهي تنقسم إلى قسمين قسم
يشترك بها الإنسان مع بقية الحيوانات وهي التي تتعلق بالحواس الخمس
والحركات الإرادية والقسم الثاني هي التي يتميز بها الإنسان على بقية
الحيوانات كالإحساس بالذات وقدرته على التفكير والتعلم والتكلم والتذكر
والتخيل وكامتلاكه لمختلف أنواع العواطف والأحاسيس والمشاعر. وعلى الرغم من
أن الحيوانات وخاصة الثدييات منها تمتلك حواسا خمسة كما في الإنسان إلا أن
حواس الإنسان قد تم زيادة قدراتها بشكل كبير واحتلت مساحات في القشرة
المخية أكبر من تلك التي للحيوانات باستثناء بعض الحالات. ففي حاسة البصر
تم نقل العينين من جانبي الرأس إلى مقدمة الرأس بحيث يتم رؤية الأشياء
بالعينين معا ومن ثم يقوم المخ ببناء صورة مجسمة للشيء المرئي من الصورتين
المسطحتين اللتين تلتقطهما كل من العينين. أما عدد الخلايا الحساسة للضوء
الموجودة في شبكية العين فقد تم زيادتها بشكل كبير جدا لكي تنتج صور عالية
الوضوح ومتعددة الألوان للأشياء التي تراها العين. إن هذه التعديلات في
تركيب عين الإنسان لا تكاد تذكر مع تعقيد البرمجيات الموجودة في دماغ
الإنسان والتي تمكن الإنسان من الإحساس بصور الأشياء الموجودة في محيطه.
وتحتل هذه البرمجيات البصرية أكبر مساحة من القشرة المخية حيث تغطي معظم
مساحة الفص الخلفي ففي أقصى الفص توجد القشرة البصرية المرتبطة بشبكية
العين من خلال العصب البصري أما بقية الفص فيحتوي على الذاكرة البصرية. أما
حاسة السمع فلا تختلف من حيث التركيب العام عن تلك التي لبقية الحيوانات
الرئيسية إلا أن البرمجيات المستخدمة في الدماغ البشري قادرة على تمييز طيف
واسع من الترددات الصوتية ومزج تلك الترددات للإحساس بمختلف أنواع الأصوات
الصادرة عن المحيط الخارجي لكي يستمتع الإنسان بسماع مختلف أنواع الأصوات
الجميلة. وقد تم استخدام برمجيات في الدماغ لمزج الصوت القادم من الأذنين
بحيث يمكن للمستمع تحديد الاتجاه القادم منه الصوت وكذلك تحديد بعد مصدر
الصوت مما يساعد المستمع بالشعور بما يسمى التأثير المجسم للصوت. أما أكثر
ما يميز النظام السمعي لدى الإنسان فهو قدرته على تمييز الكلام الصادر عن
أجهزة الكلام في الإنسان والتي يمكنها إصدار عدد كبير من الأصوات التي تمثل
الأحرف الهجائية والتي يتم دمجها للفظ الكلمات التي تحمل معاني مختلفة تم
تدريب العقل البشري للتعرف عليها. وتقع القشرة السمعية في أعلى الفص الصدغي
بينما توجد الذاكرة السمعية أسفل منها في نفس الفص ومن خلال هذه الذاكرة
يمكن التعرف على آلاف الأصوات الخاصة بالأشخاص والحيوانات وغيرها.
وأما
حاسة اللمس لدى الإنسان فقد تم تطويرها بشكل كبير بالمقارنة مع بقية
الحيوانات وتعتبر من أكثر الحواس الخمس تعقيدا حيث يتوجب على هذه الحاسة
إبلاغ الدماغ عن أي شيء يلامس جلد الإنسان وتحديد طبيعة هذا الشيء. وهذا
يتطلب زرع حساسات مختلفة الأنواع على مسافات متقاربة على جميع أنحاء الجسم
بحيث يمكن للإنسان تحديد الموضع الذي تمت عنده الملامسة بدقة عالية. وكما
هو الحال مع حاستي السمع والبصر فإن التعقيد الموجود في ملايين الخلايا
الحسية المزروعة في الجلد وملايين الأعصاب التي تنقل النبضات الحسية إلى
الدماغ لا يكاد يذكر مع التعقيد الموجود في مراكز الإحساس والبرامج المخزنة
فيها. ويستخدم الإنسان حاسة اللمس كغيره من الكائنات الحية للتعرف على
درجة حرارة الجو المحيط بجسمه لكي يتخذ التدابير اللازمة لحماية جسمه من
الحرارة أو البرودة الزائدة وكذلك التعرف على الأشياء التي تلامس أو تضغط
على جسمه لكي يتخذ الإجراءات المناسبة. ويتميز الإنسان على بقية الكائنات
الحية باستخدامه لحاسة اللمس للتعرف على خصائص الأجسام الملموسة كالصلابة
والليونة والخشونة والنعومة والطراوة والقساوة والرطوبة والجفاف وخاصة من
خلال خلايا الحس الموجودة في أصابع اليد. وتقع حاسة اللمس الابتدائية في
مقدمة الفص الأوسط من المخ بينما تقع وحدات المعالجة الحسية خلفها على نفس
الفص وتحتل أعصاب أصابع اليد والشفتان والوجه واللسان أكبر مساحة من
المساحة الكلية لحاسة اللمس كما هو مبين في الشكل المرفق. أما حاسة الذوق
عند الإنسان فيمكنها التفريق بين أربعة أنواع من الأحاسيس وهي الإحساس
بالحلاوة والملوحة والحموضة والمرارة وذلك من خلال وجود ما يقرب من عشرة
آلاف برعم تذوق على سطح اللسان ويحتوي كل من هذه البراعم على ما يزيد عن
عشرة مستقبلات تذوق لها القدرة على قياس مستويات عديدة لكل واحدة من هذه
الأحاسيس الأربعة. ويقوم الدماغ بمعالجة المعلومات التي ترسلها مستقبلات
التذوق المختلفة عبر الأعصاب المتصلة بها ليعطي عدد لا يحصى من المذاقات
والنكهات التي نتذوقها عند أكل وشرب مختلف أنواع الأطعمة والأشربة. ولهذا
السبب نجد أن الإنسان يستطيع التفريق بين طعم آلاف الأنواع من الفواكه
والخضراوات وبذور وزيوت النباتات ولحوم وألبان الحيوانات بل له القدرة على
التميز بين طعم ثمار النوع الواحد من النباتات كما نرى عند تفريقنا بين طعم
مئات الأنواع من التمور أو التين والعنب والتفاح والبرتقال وغيرها. وأما
حاسة الشم عند الإنسان فقد لا تكون أكثر حساسية من تلك التي لبقية
الحيوانات إلا أنه قد تم تعديلها بحيث يمكنها التمييز بين ما يزيد عن عشرة
آلاف نوع من الروائح المختلفة وذلك من خلال وجود عشرة ملايين خلية شم
مختلفة موزعة على رقعتين من النسيج الشمي موجودتين في سقف التجويف الأنفي
والتي لا تتجاوز مساحة كل منهما سنتيمتر مربع واحد. وقد وجد العلماء أن
هناك سبعة أنواع من مستقبلات الشم تستجيب لسبعة أنواع من الروائح الأولية
ويمكن لحاسة الشم من خلال مزج هذه الروائح الإحساس بعدد كبير جدا من
الروائح المختلفة كما هو الحال مع حاسة البصر التي يمكنها إدراك عدد هائل
من الألوان من خلال مزج ثلاثة ألوان أساسية فقط. وبهذه القدرة الفائقة
لحاسة الشم في التفريق بين مختلف أنواع الروائح تمكن الإنسان من الاستمتاع
بمختلف أنواع الروائح العطرية التي تصدرها أزهار وثمار آلاف الأنواع من
النباتات وكذلك الاستمتاع بأطايب الطعام من خلال تعاون حاستي الذوق والشم.
وكذلك تساعد حاسة الشم الإنسان على تجنب مواقع المواد المتعفنة والتي تحتوي
على أنواع كثيرة من الجراثيم الضارة بصحته وذلك من خلال إحساس الإنسان
بروائح كريهة تنبعث من هذه المواقع. إن إحساس الإنسان برائحة محددة يتم من
خلال تنفيذ برامج محددة مخزنة في مراكز الشم في الدماغ فالنبضات العصبية
المنبعثة من مستقبلات الشم الموجودة في الأنف لا تختلف عن بعضها البعض من
حيث الشكل ولكنها تثير عند وصولها لمراكز الشم الخاصة بها أحاسيس مختلفة في
الدماغ.
أما
بخصوص المراكز العصبية المتعلقة بالحركات الإرادية لدى الإنسان فهي تحتل
مساحة أكبر بكثير في القشرة المخية من تلك التي لبقية الحيوانات. وقد جاءت
هذه الزيادة لتلبي القدرات الحركية الهائلة لكل من يدي الإنسان ولسانه
وشفتيه فاليدان هما آلة العمل والكتابة واللسان والشفتان هما آلة الكلام
وهاتان القدرتان إلى جانب القدرة العقلية هي ما ميز الله سبحانه وتعالى
الإنسان على غيره من الكائنات الحية. وتقع المراكز العصبية المسؤولة عن
الحركات الإرادية في الجزء الخلفي من فص المخ الأمامي وهي تغطي مساحة واسعة
منه. ويتبين لنا من الشكل المرفق كيف أن اليد بأصابعها الخمس والشفتان
واللسان يحتلان مساحة كبيرة من المساحة الكلية المخصصة للحركات الإرادية في
الجسم. لقد سوى الله سبحانه وتعالى الإنسان وعدله فأصبح يعتمد على رجليه
فقط في المشي وأصبحت يداه حرتان طليقتان لتقوم بمهام جديدة ساعدته على
التفوق على غيره من الحيوانات. وقد تم تصميم الأجزاء المختلفة لليدين بحيث
يمكنهما القيام بوظائف عديدة وقد تم ذلك الأمر من خلال عدة تعديلات أهمها
تصميم مفاصل اليد بحيث أصبحت تتحرك بكل سهولة وحرية في الاتجاهات المختلفة
فمفصل الرسغ يسمح بحركة قبضة اليد في مستويين متعامدين ومفصل الكوع يسمح
بحركة ذراع اليد كذلك في مستويين متعامدين إلى جانب إمكانية تدويره ضمن
زاوية تزيد عن تسعين درجة أما مفصل الكتف فيسمح بتحريك كامل اليد في
مستويين متعامدين وبزاويتين كبيرتين تزيدان عن تسعين درجة. أما التعديل
الأكثر أهمية فهو الذي تم إجراؤه على كف اليد بحيث أصبحت قادرة على القيام
بمهام مختلفة تمكن الإنسان من خلالها استغلال كثير من خيرات هذه الأرض. ولو
أن يد الإنسان بقيت على الهيئة التي هي عليها أيدي بقية الثدييات لما تمكن
من تصنيع أي شيء مهما كانت قدراته العقلية. فاليد هي الآلة التي تقوم
بتنفيذ الأفكار التي يولدها العقل فما الذي يمكن أن يعمله حمار له عقل
إنسان؟! ومن أهم التعديلات التي أجريت على كف اليد هو زيادة مساحة باطنها
وزيادة عد الأصابع فيها إلى خمسة أصابع وبثلاثة مفاصل في كل منها وقد تم
وضع أربعة منها في مستوى واحد بينما وضع الإصبع الخامس وهو الإبهام في وضع
مواجه لبقية الأصابع. ويتميز الإبهام على بقية أصابع اليد إلى جانب وجوده
في مواجهتها بقدرته على الحركة في مستويين اثنين بينما تتحرك الأصابع
الأخرى في مستوى واحد فقط مما أعطاه الحرية للوصول بكل سهولة إلى جميع
أصابع اليد وجزء من باطنها. وبهذا التصميم البديع لليد تمكن الإنسان من
إمساك والتقاط وتحريك مختلف الأشياء التي تتراوح في أحجامها من حبات الرمل
وبذور النباتات إلى قطع الصخور وجذوع الأشجار. أما الاستخدامات التي تظهر
البراعة العالية لليد فهي الكتابة والرسم حيث يمكن لليد الإمساك بالقلم في
وضعية معينة وتحريك رأسه في مختلف الاتجاهات بدقة عالية لكي يتمكن من كتابة
الأحرف والكلمات ومختلف أنواع الرسومات وصدق الله العظيم القائل "اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)" القلم.
ومن
القدرات البالغة الأهمية لدماغ الإنسان تلك المتعلقة بقدرته على استخدام
الكلام كوسيلة لتبادل مختلف أنواع المعلومات والمشاعر المخزنة في أدمغتهم.
وعلى الرغم من أن مكونات آلة الكلام موجودة في كثير من الثدييات التي لها
فم يحتوي على لسان وأسنان وشفتين إلا أنها لا تستطيع استخدامها في إصدار
الأصوات اللازمة لإجراء عملية التكلم. ولكي يتمكن الإنسان من الكلام فقد تم
ربط عضلات فكيه ولسانه وشفتيه بعدد كبير من الأعصاب المرتبطة بمركز الكلام
في الدماغ مما أعطاها مزيدا من حرية الحركة كما نلاحظ ذلك عند تحريك
اللسان ليلامس مواضع كثيرة في تجويف الفم وكذلك هو الحال عند تحريك
الشفتان. ويفهم أكثر الناس الحركات الإرادية بشكل خاطئ فهم يعتقدون أن جميع
خطوات عملية تحريك أيديهم وأرجلهم وألسنتهم تتم بشكل كامل تحت سيطرتهم وهي
ليست كذلك حيث أن جميع الخطوات تتم بشكل غير إرادي ما عدا الخطوة الأولى
وهي خطوة تحديد نوع الحركة ووقت ابتدائها. فعندما ينوي الإنسان تحريك يده
أو لسانه أو شفتيه في وضعية ما فإن هنالك برنامجا ضخما مخزنا في مركز
الحركة والمراكز المساعدة يتم تشغيله ليحدد سلسلة النبضات العصبية التي يجب
أن ترسل لمختلف عضلات اليد أو الفم وبتزامن منقطع النظير. فعلى سيبل
المثال فلو أن شخصا أراد أن يضع رأس سبابته على أرنبة أنفه أو أي جزء من
جسمه وهو مغلق عينيه فما عليه إلا أن يعطى الأمر لدماغه بفعل ذلك ومن ثم
تقوم المراكز المسؤولة بتنفيذ برامج معقدة لتنفيذ هذه الحركة التي تبدو
بسيطة لمن لا يدرك أبعادها. فعلى الدماغ أولا أن يحدد وضعية اليد
الابتدائية ويتم الحصول على هذه المعلومات من المخيخ والذي سبق له أن حصل
عليها من المستقبلات الحسية الموجودة في اليد ومن ثم يحدد الوضعية النهائية
لليد وهي أرنبة الأنف وعلى ضوء هذه المعلومات يقوم الدماغ بتحديد سلسلة
النبضات العصبية المرسلة إلى مختلف عضلات اليد المختلفة لتحركها بتسلسل
محدد لكي تصل إلى هدفها المحدد. إن حجم العمليات العصبية التي يجريها
الدماغ لمثل هذه المهمة التي قد تبدو بسيطة لا يدرك تعقيدها إلا المهندسون
الذين يعملون في برمجة الروبوتات أو الأطباء الذين يعالجون مرضى أصيبوا
بعاهات في المراكز المسؤولة عن الحركة. وكذلك هو الحال عندما ينوي الشخص
التلفظ بالحروف والكلمات والجمل فإن عملية التكلم تتم بشكل لاإرادي حيث
تتولى برامج محددة مخزنة في مركز الكلام تحديد سلسلة النبضات العصبية التي
ترسل بتزامن معين إلى مختلف مكونات آلة الكلام ابتداء من الحجاب الحاجز
مرورا بالرئة والأوتار الصوتية واللسان والفكين وعضلات الوجه وانتهاء
بالشفتين. وعلى العكس من حركة الأيدي والأرجل التي تتم وفق برامج جاهزة
مخزنة في مراكز الحركة منذ ولادة الإنسان فإن حركة مكونات آلة الكلام تتم
وفق برامج يتم تخزينها في مركز الكلام في الدماغ في وقت لاحق بعد ولادة
الإنسان وذلك من خلال تدريب عضلات آلة الكلام على لفظ الأحرف والكلمات وصدق
الله العظيم القائل "الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)" الرحمن.
أما
الدماغ الواعي فهو المسؤول عن الوظائف التي لا توجد في أدمغة بقية
الثدييات كوظائف الوعي والتفكير والحساب والمنطق والتعلم والتذكر والتعرف
والكلام واتخاذ القرارات. إن بإمكان العلماء فهم الآليات التي تعمل على
أساسها المراكز العصبية الموجودة في الدماغ اللاواعي المسؤول عن التحكم في
أعضاء الجسم فهي من حيث المبدأ لا تختلف عن تلك المستخدمة في أنظمة التحكم
الإلكترونية مع فارق التعقيد والأداء بينهما ولكن لا زال أمامهم شوطا طويلا
لفهم الآليات التي يستخدمها الدماغ الواعي للقيام بوظائفه المختلفة. وقد
وجد العلماء أن الفص الأمامي من المخ يحتوي على مراكز الدماغ المسوؤلة عن
التفكير والمنطق والحساب واتخاذ القرارات وقد يكون دوره كدور وحدة المعالجة
المركزية في الحاسوب ولذا فهو مرتبط بمعظم أقسام الدماغ حيث تجلب له
المعلومات من المراكز المختلفة ليقوم بمعالجتها واتخاذ القرارات المناسبة.
إن أكثر وظائف الدماغ إبهاما هي وظيفة الإدراك أو الوعي وهي إحساس الإنسان
بوجوده وبوجود الأشياء من حوله ويمكن أن نستوعب أبعاد هذه المسألة لو
تصورنا أن العلماء قد تمكنوا من تصنيع حاسوب عملاق قادر على القيام بكامل
وظائف الدماغ البشري فهل يمكن لهذا الحاسوب أن يحس بنفس الأحاسيس التي يشعر
بها الإنسان من خلال دماغه. ومن الوظائف المهمة التي تميز الإنسان بها على
بقية الحيوانات هي قدرته على التعرف على الأشياء من حوله من خلال حاسة
الإبصار فعندما تقع عين الإنسان على شيء ما فإنه يستطيع التعرف على هذا
الشيء في لمح البصر بمجرد مشاهدته مرة أخرى. وبهذه الوظيفة المهمة يتمكن
الإنسان من التعرف على مئات الآلاف من الأشياء التي يحتاجها لتسهيل سبل
عيشه كالتعرف على وجوه الأشخاص وأشكال الثمار والحبوب والأدوات وأشكال
التضاريس الأرضية والمباني والبيوت والشوارع وأشكال النباتات والحيوانات.
ولقد حاول العلماء باستخدام الحواسيب الرقمية العملاقة تقليد الدماغ البشري
للتعرف على الأشياء ففشلوا فشلا ذريعا حيث احتاج الحاسوب العملاق عدة
ساعات للتعرف على شكل تفاحة من بين عدة أنواع من أشكال الثمار. ومن الوظائف
المهمة للدماغ البشري هي التفكير حيث يقوم بناءا على مقدمات منطقية
بالحصول على نتائج منطقية جديدة وبهذه القدرة العقلية تمكن الإنسان من كشف
كثير من أسرار وقوانين موجودات الكون الذي يعيش فيه واستطاع كذلك أن يسخر
كثير من قوى وموارد الطبيعية لصالحه. ويتميز دماغ الإنسان كذلك بامتلاكه
لذاكرة قوية يخزن فيها الكلمات والجمل وأسماء الأشياء المحسوسة وغير
المحسوسة وصور الأشياء التي يراها والأصوات التي يسمعها وكذلك كم هائل من
الأحداث والذكريات التي مر بها في ماضيه. ولا زال العلماء على جهل تام
بالطريقة التي يستخدمها الدماغ في تخزين ما تراه العين وما تسمعه الأذن فمن
الواضح أن الدماغ مهما بلغت سعة ذاكرته لا يمكنه أن يستوعب كل ما يصل إليه
من معلومات سمعية ومرئية تلتقطها الأذن والعين. وفي هذا الحال لا بد أن
الدماغ يستعمل آليات معقدة لاختيار المعلومات المهمة ويقوم بتخزينها في
أماكن مختلفة من الدماغ كالذاكرة البصرية والذاكرة السمعية والذاكرة
اللغوية وغيرها. فعلى سبيل المثال فعندما تقابل شخصا لأول مرة ولمدة محددة
من الزمن فإن كم هائل من المعلومات سترسلها العين والأذن إلى الدماغ ولكن
بعد إنتهاء المقابلة لا يبقى في الذاكرة إلا الأشياء المهمة كصورة وجهه
وشكل جسمه ونوع ملابسه وبعض الجمل التي تلفظ بها. ومن ميزات الدماغ أن
الإنسان يستطيع أن يستذكر المعلومات المخزنة في ذاكرته ويخرجها على شكل
كلام من خلال الفم أو على شكل كتابة أو صور باستخدام اليد أو على شكل حركات
عضلية تمكنه من إنجاز مختلف الأعمال التي تدرب عليها. ولا يمكن لأقوى
الحواسيب العملاقة أن يقلد دماغ الإنسان في الطريقة التي يستخدمها لتأليف
وإخراج الكلام فعندما يقوم شخص ما بالحديث عن موضوع معين فإنه بمجرد
استحضاره لمعنى من المعاني يقوم الدماغ بشكل تلقائي بالبحث عن الكلمات
المناسبة التي تؤلف الجمل المفيدة التي تعبر عن ذلك المعنى.
إن
باستطاعة العلماء المهتمين بدراسة الدماغ أن يبرهنوا على أن الطرق التي
يعمل بها الدماغ لأداء بعض وظائفه تقوم على أسس مادية يمكن استخدامها لبناء
حواسيب تقوم بنفس الوظائف إذا ما توفرت التقنيات المناسبة لذلك ولكنهم لا
أظنهم يتجرؤون فيقولوا أن مثل هذه الحواسيب قادرة على القيام بوظائف أخرى
يقوم بها الدماغ البشري كالإحساس بوجوده والإحساس بالمشاعر والعواطف
الإنسانية المختلفة كالحب والكره والفرح والحزن وإلى غير ذلك من المشاعر.
إن القضية المتعلقة فيما إذا كانت المادة بشتى صورها قادرة على الإحساس
بوجودها حيرت ولا زالت تحير الفلاسفة والعلماء ولم يتمكنوا حتى الآن من
الوصول إلى إجابة شافية تستند إلى أسس علمية واضحة. ولهذا برزت فكرة وجود
قوة عاقلة ذات طبيعة غير مادية تسكن في جسم الإنسان أطلقوا عليها اسم الروح
وهي المسؤولة عن الوعي وحرية الإرادة والاختيار والمشاعر والعواطف
الإنسانية المختلفة والتمييز بين الخير والشر وكبح جماح الغرائز الحيوانية.
ومما زاد من يقين البشر بوجود هذه الروح هو قدرة بعض أفراد البشر بالقيام
بأعمال لا يمكن للمادة أن تقوم بها كاستشراف الغيب من خلال التنبؤ بالأحداث
المستقبلية على يد الأنبياء والرسل ومن خلال الأحلام الصادقة التي يراها
البشر في مناماتهم وإلى غير ذلك من الظواهر الخارقة للعادة. ولطالما تساءل
البشر عن طبيعة هذه الروح التي نقلت الإنسان من الحياة الحيوانية التي
تحكمها الغرائز إلى الحياة الإنسانية التي يحكمها العقل والمثل العليا
والتي تجعل هذا الإنسان يتصرف في كثير من الأحيان على عكس ما تمليه عليه
غرائزه كما تفعل بقية الحيوانات. ولقد رد القرآن الكريم على الذين سألوا
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن طبيعة الروح بجواب مفحم وذلك في قوله
تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)" الإسراء 85. ولقد
تبين للبشر في هذا العصر أبعاد هذا الرد القرآني فهاهم العلماء بما أوتوا
من علم في مختلف التخصصات العلمية وبما توفر لهم من أجهزة ومعدات معقدة
استخدموها في دراسة الدماغ البشري وحواسيب جبارة لتقليد طريقة عمل بعض
وظائفه يقفون عاجزين عن كشف أسرار الجانب المادي للدماغ فأنى لهم معرفة
طبيعة الروح التي تسكن جسم هذا الإنسان! إن من الجهل أن لا يعترف الإنسان
العاقل بوجود أشياء لا يمكن لحواسه أن تدركها أو أن عقله لا يستطيع أن
يستوعبها وخاصة في هذا العصر الذي تمكن البشر فيه من التعامل مع أشياء لا
يدركونها بحواسهم ولا يمكن لعقولهم أن تتخيلها كما هو الحال مع الموجات
الكهرومغناطيسية التي استخدموها لنقل مختلف أشكال المعلومات وصدق الله
العظيم القائل "بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا
بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)"
يونس 39.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islam4u.yoo7.com
 
وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون -الأسنان -
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون - اليـــد
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون -الأذن-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة منتديات الطريق إلى الله :: الإعجاز العلمى من القرآن الكريم والسنة النبوية
-
انتقل الى: