الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
فإن المسلم يسعى إلى تكميل عبادته على الوجه الذي يرضي الله عز وجل ونذكر هنا بعضاً مما ينقص أجر الصائم في هذا الشهر العظيم.
مشاهدة النساء المتبرجاتس: هل الخروج إلى الشارع لقضاء المصالح والاصطدام بمناظر العري في نهار رمضان مبطل للصيام أو لا؟
ج: ليس مبطلاً للصيام، وعليه أن يغض بصره قدر استطاعته [اللجنة الدائمة، فتوى:6364].
س: النظر إلى النساء والأولاد المرد هل يؤثر على الصيام؟
ج: نعم كل معصية فإنها تؤثر على الصيام، لأن الله تعالى إنما فرض علينا الصيام للتقوى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
قال النبي
:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه } [رواه البخاري].
هذا
الرجل الذي ابتلي بهذه البليّة نسأل الله أن يعافيه منها، هذا لا شك أنه
يفعل المحرم، فإن النظر سهم من سهام إبليس والعياذ بالله.
كم من
نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلابل فصار والعياذ بالله أسيراً لها، كم من
نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور.
ولهذا يجب
على الإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن
يعافيه منه وأن يعرض عن هذا ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من
المرد. وهو مع الاستعانة بالله تعالى، واللجوء إليه وسؤال العافية من هذا
الداء سوف يزول عنه إن شاء الله [الشيخ بن عثيمين، الفتاوى:1/506].
قبَّل فتاة أجنبية في رمضانس: ما حكم من قبَّل فتاة أجنبية منه في رمضان، وهل وجب عليه القضاء؟
ج: هذا الرجل قبل امرأة أجنبية منه لا شك أنه لم يأت بحكمة الصوم، لأن هذا الرجل فعل الزور، والرسول
قال:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه }.
فان فعل ذلك مكرهاً اياها على ذلك، فقد اجتمع في حقه فعل الزور والجهل، فصيامه في الحقيقة فاقد الحكمة، ناقص الأجر بلا شك.
ولكنه عند جمهور أهل العلم لا يفسد بمعنى أننا لا نلزمه بقضائه.
وعلى
مقدم السؤال أن ينصح الرجل الذي وقع منه هذا الأمر، وأن يأمره بالتوبة إلى
الله عز وجل، فإن هذا الفعل محرم ويؤدي إلى أن يتعلق القلب بالمخلوقين،
وينسى ذكر الله تعالى، ويحصل بذلك الفتنة العظيمة [الشيخ ابن عثيمين،
الفتاوى:1/515].
السب والشتم من الصائمس: في رمضان إذا غضب الإنسان من شيء وفي حالة غضبه نهَرَ أو شتم فهل يبطل ذلك صيامه أم لا؟
ج:
لا يبطل ذلك صومه، ولكنه ينقص أجره فعلى المسلم أن يضبط نفسه ويحفظ لسانه
من السب والشتم والغيبة والنميمة ونحو ذلك مما حرم الله في الصيام وغيره،
وفي الصيام أشد وآكد محافظة على كمال صيامه، وبعدا عما يؤذي الناس، ويكون
سببا في الفتنة والبغضاء والفرقة لقوله
:
{ فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم } [متفق عليه] [اللجنة الدائمة للإفتاء، فتوى رقم:7825].
التلفظ بألفاظ نابية بسبب الزحامس:
أثناء قيادة بعض الناس لسياراتهم وهم صائمون في رمضان، ومع اشتداد
الازدحام يتلفظون بألفاظ نابية تصل إلى حد السباب والشتيمة لغيرهم، فما حكم
صيام هؤلاء..؟ ج: أما الصيام فهو صحيحٌ، وذلك لأن الأقوال المحرمة
والأفعال المحرمة لا تبطل الصوم ولكنها لا شك تنقصه وتضيع فائدته وثمرته.
فإن المقصود من الصوم تقوى الله عز وجل كما قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
فبين الله الحكمة من فرض الصيام علينا وهي حصول تقوى الله عز وجل.
وقال النبي
:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه }.
بل أمر النبي
الصائم إذا شاتمه أحد أو قاتله أن يقول:
{ إني امرؤ صائم } حتى يرتدع الساب والشاتم، وحتى يعلم أن هذا الصائم لم يترك الرد عليه
عجزأً ولكن ورعأً وتقوى لله عز وجل، لأنه صائم والواجب على الصائم وغيره
الصبر والتحمل وألا تثيره الأمور المخالفة لما تشتهيه نفسه.
وقد ثبت عن النبي
أن رجلأً قال: يا رسول الله أوصني، قال:
{ لا تغضب } فردد مرارأً قال:
{ لا تغضب }.
وما
أكثر من يندم على ما يصدر منه عند الغضب، ويتمنى أنه لم يكن قال أو فعل
شيئأً كان بسبب غضبه، ولكن الشيء بعد نفوذه لا يمكن استرداده [الشيخ صالح
الفوزان، كتاب الدعوة:1/158].
الغيبة والنميمةس: هل الغيبة والنميمة تفطران الصائم في نهار رمضان؟
ج: الغيبة والنميمة لا تفطران، ولكنهما تنقصان الصوم... قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
وقال النبي
:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } [الشيخ ابن عثيمين كتاب الدعوة:1/166].
س:
هل الغيبة والنميمة - التي ابتلي بها كثير من الناس - تبطل الصيام؟ ج: هذه
الأمور محرمة في كل الأوقات، وخاصة في رمضان.فإن الصائم مأمور بأن يحفظ
صيامه عن ما يجرحه من الغيبة والنميمة وقول الزور. يقول
:
{ ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث }.
وروى أحمد في مسنده: أن امرأتين صامتا، فكادتا أن تموت من العطش فذكرتا للنبي
فأعرض عنهما، ثم ذكرتا له فدعاهما وأمرهما أن يتقيئا فقاءتا ملء قدح قيحاً ودماً وصديداً فقال:
{ إن هاتين صامتا عن ما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله، جلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا يأكلان لحوم الناس }.
وقال عليه الصلاة والسلام:
{ رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر }.
فالحاصل: أن هذه الأشياء مما تخل بالصيام وإن كانت غير مبطلة له إبطالاً كلياً، ولكنها تنقص ثوابه.
وعلى الصائم أن يحفظ جوارحه عن الخصومة اذا سابه أحد أو شاتمه. لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
{ إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب فإن امرؤ سابه أو شاتمه فليقل إني صائم } وفي رواية:
{ إني امرؤ صائم }.
فعلى الصائم أن يجعل لصيامه ميزة، فعن جابر
أنه قال: ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الغيبة والنميمة، ودع أذى
الجار، وليكن عليك السكينة والوقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء ) أو
كما قال.
فإن لم يكن الصيام كذلك فإنه يكون كما قال بعضهم:
إذا لم يكن في السمع مني تعاون *** وفي بصري غض وفي منطقي صمتفحظي إذاً من صومي الجوع والظمأ *** وإن قلت إني صمت يومي فما صمت[الشيخ ابن جبرين، فتاوى الصيام ص:51].س: هل اغتياب الناس يفطر في رمضان؟
ج: الغيبة لا تفطر الصائم، وهي ذكر الإنسان أخاه بما يكره، وهي معصية لقول الله عز وجل:
وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً [الحجرات:12].
وهكذا
النميمة والسب والشتم والكذب كل ذلك لا يفطر الصائم، ولكنها معاصي يجب
الحذر منها واجتنابها من الصائم وغيره، وهي تجرح الصوم وتضعف الأجر، لقول
النبي
:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله في أن يدع طعامه وشرابه } [رواه البخاري].
ولقوله
:
{ الصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم } [متفق عليه] والأحاديث في هذا المعنى كثيرة [الشيخ ابن باز:مجموع الفتاوى:3/253].
س: هل تحدّث المرء بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه؟
ج: اذا قرأنا قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
عرفنا
ما هي الحكمة من ايجاب الصوم؟ وهي: التقوى والتعبد لله سبحانه وتعالى.
والتقوى وهي ترك المحارم وهي عند الاطلاق تشمل فعل المأمور به وترك
المحظور، وقد قال النبي
:
{ من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه }.
وعلى
هذا يتاكد على الصائم اجتناب المحرمات، من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب
الناس، ولا يكذب، ولا ينم بينهم، ولا يبيع بيعا محرما، ويجتنب جميع
المحرمات، واذا فعل الانسان ذلك في شهر كامل، فان نفسه سوف تستقيم بقية
العام.
ولكن المؤسف أن كثيرا من الصائمين لا يفرقون بين صومهم
وفطرهم، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش
وغيره، ولا نشعر أن عليهم وقار الصوم وهذه الأفعال لا تبطل الصوم ولكن تنقص
من أجره وربما عند المعادلة تضيع اجر الصوم كله والله المستعان [الشيخ ابن
عثيمين، الفتاوى:1/501].
شهادة الزور في رمضانس: هل يصح صيام رجل شهد الزور في رمضان؟
ج:
شهادة الزور من أكبر الكبائر، وهي أن يشهد رجل بما لا يعلم أو بما يعلم
بخلافه، ولا تبطل الصوم ولكنها تنقص أجره [الشيخ ابن عثيمين،
الفتاوى:1/525].
مشاهدة الأفلام والتلفاز ولعب الورقس: بعض الصائمين يقضون معظم نهار رمضان في مشاهدة الأفلام والمسلسلات من الفيديو والتلفاز ولعب الورق، فما هو رأي الدين في ذلك؟
ج:
الواجب على الصائمين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله سبحانه فيما يأتون
ويذرون في جميع الاوقات، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم من مشاهدة الافلام
الخليعة التي يظهر فيها ما حرم الله، من الصور العارية وشبه العارية، ومن
المقالات المنكرة، وهكذا ما يظهر في التلفاز مما يخالف شرع الله، من الصور
والأغاني وآلات الملاهي والدعوات المضللة، كما يجب على كل مسلم صائما كان
او غيره أن يحذر اللعب بآلات اللهو، من الورق وغيرها من آلات اللهو، لما في
ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر، ولما في ذلك أيضا من التسبب في قسوة
القلوب ومرضها واستخفافها بشرع الله، والتثاقل عما أوجب الله، من الصلاة في
الجماعة او غير ذلك من ترك الواجبات والوقوع في كثير من المحرمات، والله
يقول سبحانه:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً
كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [لقمان:7،6] ويقول سبحانه في سورة الفرقان في صفة عباد الرحمن:
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً [الفرقان:72].
والزور يشمل جميع أنواع المنكر، ومعنى
لَا يَشْهَدُونَ : لا يحضرون، ويقول النبي
:
{ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} [رواه البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به]. والمراد: ب
{ المعازف }:
الغناء وآلات اللهو، ولأن الله سبحانه حرم على المسلمين وسائل الوقوع في
المحرمات. ولا شك أن مشاهدة الأفلام المنكرة، وما يعرض في التلفاز من
المنكرات من وسائل الوقوع فيها، أو التساهل في عدم انكارها. والله المستعان
[الشيخ ابن باز، مجموع الفتاوى: 15/ 216].
النوم نهاراً والسهر ليلاًس:
هناك من يسهرون إلى الفجر ثم ينامون بعد أداء هذه الصلاة، حتى دخول وقت
صلاة الظهر، فيؤدونها ليعودوا إلى للنوم حتى العصر، وهكذا حتى يحين وقت
الإفطار، فما حكم الإسلام في هذا السلوك؟
ج: لا حرج في النوم نهاراً
وليلاً اذا لم يترتب عليه إضاعة شيء من الواجبات، ولا ارتكاب شيء من
المحرمات، والمشروع للمسلم سواءً كان صائماً أو غيره عدم السهر بالليل
والمبادرة إلى النوم بعد ما ييسر الله له من قيام الليل، ثم القيام إلى
السحور إن كان في رمضان، لأن السحور سنة مؤكدة وهو أكلة السحر لقول النبي
:
{ تسحروا فإن في السحور بركة } [متفق على صحته] وقوله
:
{ فصل مل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر } [رواه مسلم في صحيحه].
كما
يجب على الصائم وغيره المحافظة على جميع الصلوات الخمس في الجماعة، والحذر
من التشاغل عنها بنوم أو غيره. كما يجب على الصائم وغيره أداء جميع
الأعمال التي يجب أداؤها في أوقاتها للحكومة أو غيرها. وعدم التشاغل عن ذلك
بنوم أو غيره. وهكذا يجب عليه السعي في طلب الرزق الحلال الذي يحتاج إليه
هو ومن يعول، وعدم التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره.
والخلاصة: أن
وصيتي للجميع من الرجال والنساء والصوّام وغيرهم هي تقوى الله جل وعلا في
جميع الأحوال والمحافظة على أداء الواجبات في أوقاتها على الوجه الذي شرعه
الله، والحذر كل الحذر من التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره من المباحات أو
غيرها. وإذا كان التشاغل عن ذلك بشيء من المعاصي صار الإثم أكبر والجريمة
أعظم.
أصلح الله أحوال المسلمين ووفقهم في الدين وثبتهم على الحق وأصلح قادتهم إنه جواد كريم [الشيخ ابن باز، مجموع الفتاوى:15/318، 319].