شبكة منتديات الطريق إلى الله
لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  829894
ادارة المنتدي لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  829894
ادارة المنتدي لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة منتديات الطريق إلى الله

المنتدى دعوى والدخول ونقل المحتويات متاح لكل مسلم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولfacebooktwitter
Cool Red Outer
    Glow Pointer
أحبائنا اعضاء وزوار المنتدى الكرام نرجوا فتح الراوبط التالية لمعرفة شروط الإستخدام ۩۞۩ قوانــيــن عــــامـــــة ۩۞۩
نرجوا من إخواننا الأعضاء عدم إنشاء أى مواضيع سياسية بدون تأصيل شرعى لأن ذلك قد يعرض عضويتك للإيقاف
هذه دعوتنا : دعوة الى الهجرة إلى الله بتجريد التوحيد، والبراءة من الشرك والتنديد، والهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بتجريد المتابعة له. دعوة إلى إظهار التوحيد، بإعلان أوثق عرى الإيمان، والصدع بملة الخليلين محمّد وإبراهيم عليهما السلام، وإظهار موالاة التوحيد وأهله، وإبداء البراءة من الشرك وأهله. دعوة إلى تحقيق التوحيد بجهاد الطواغيت كل الطواغيت باللسان والسنان، لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور المناهج والقوانين والأديان إلى عدل ونور الإسلام. دعوة إلى طلب العلم الشرعي من معينه الصافي، وكسر صنميّة علماء الحكومات، بنبذ تقليد الأحبار والرهبان الذين أفسدوا الدين، ولبّسوا على المسلمين... دعوة إلى البصيرة في الواقع، وإلى استبانة سبيل المجرمين، كل المجرمين على اختلاف مللهم ونحلهم {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}. دعوة إلى الإعداد الجاد على كافة الأصعدة للجهاد في سبيل الله، والسعي في قتال الطواغيت وأنصارهم واليهود وأحلافهم لتحرير المسلمين وديارهم من قيد أسرهم واحتلالهم. ودعوة إلى اللحاق بركب الطائفة الظاهرة القائمة بدين الله، الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله

أبحث على الأنترنت
تابعونا على مواقع أخرى


 

 لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


الدولة : لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  Egypt10
ذكر
الابراج : الجدي
عدد المساهمات : 4723
مدى تفاعل العضو : 17550
تاريخ الميلاد : 19/01/1991
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
العمر : 33
الموقع : https://islam4u.yoo7.com
الحالة الإجتماعية : خاطب

لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  Empty
مُساهمةموضوع: لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية    لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية  Emptyالسبت يونيو 01, 2013 3:57 pm

<blockquote>الفتح الإسلامى فى العصر الأول

الشيخ محمد الغزالى
هناك
سؤال يجب أن يوجه إلينا نحن المسلمين، ونحب أن نستمع إليه فى أناة، وأن
نشرح إجابته على ضوء من الفكر الحر والتجرد المطلق، تاركين لكل امرئ بعدئذ
أن يمحص هذا الرد وأن يقلبه على وجوهه كلها ثم ليقتنع بما شاء!!.
أما السؤال فهو: لماذا خرج المسلمون الأولون من الجزيرة
التى انتشر الإسلام فيها زاحفين على مصر والشام وفارس وما وراء هذه
الأقطار؟ ولماذا لم يعيشوا بدينهم فى نطاق أرضهم مكتفين بإرسال الدعاة من
حين إلى حين للفت الأنظار إلى الرسالة الجديدة وما تضمنت من مبادئ ونظم؟
وإذا كان الإسلام لا يخوض الحروب إلا ردا لعدوان أو منعا لفتنة، فهل هذه
الجيوش التى هدمت الممالك المجاورة وأقامت فيها كانت تشن حرب دفاع أم كانت
تهاجم فعلا؟
..
</blockquote>

<blockquote>
هذا هو السؤال الذى يجب أن نسمعه ، وأن نقدم جوابا مقنعا عنه!.
وإلا بؤنا وباء ديننا معنا بالصفة التى يستحقها...
ونستحقها معه!..
ونحن نرحب بهذا السؤال، ونود أن نسمعه من كل فم، وأن تسمع الإجابة عليه كل أذن!.

إن الإسلام يجعل الاعتقاد الصحيح ثمرة الإرادة الحرة.
وكما
أن المكره على عمل ما لا يتحمل نتائجه، لأن إرادته استعبدتها قوة قاهرة،
فكذلك المكرهون بالعنف على الدخول فى دين ما لا يعتبرون متدينين به موضوعا و
إن خضعوا له شكلا.
وحسابهم الحق عند الله يقوم على اتجاهات قلوبهم وحركات ضمائرهم فحسب.
وهذا المبدأ يعتبر حجر الزاوية فى الدعوة الإسلامية.
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).
وقد ظهرت فى العالم أديان كثيرة، وتقسمت حكمه دول شتى.
والإسلام
لم يبدأ دعوته الكبرى فى الأرض إلا بعد أن سلخت النصرانية قرابة سبعة
قرون، فضلا عن اليهودية القديمة، وعن الوثنية الأقدم من الجميع.
فلننظر ما هى الطرق التى سلكتها هذه الديانات فى سيطرتها على الشعوب؟ ولنغض الطرف أولاء عن قيمها الذاتية ومدى ما فيها من حق وباطل.
ثم
لنتساءل هل نال كل فرد من البشر حقه المطلق فى اعتناق الدين الذى يتجه
إليه بمحض إرادته؟ وهل الحكومات التى أقامتها هذه الديانات أعطت رعاياها
حرياتهم المطلقة فى تخير ما يرون من مذاهب وأفكار؟.
وهل انفردت الوثنية
بالحكم فى فارس لأنها قامت على دعائم مكينة من حرية العقل والضمير؟ وهل
انفردت المسيحية بالحكم فى أقطارها الواسعة لأنها كذلك وليدة إيمان حر
ورغبة مطلقة؟ وما الرأى إذا كانت الحكومة المسيحية ذات السلطة الهائلة قد
قامت على أنقاض مذاهب مسيحية أخرى خنقها الاضطهاد وقتلها الكبح والجبروت
النازل بأشياعها عدة قرون؟ وما الرأى إذا كانت المذاهب المنتصرة بقوة السيف
مذاهب مخرفة، والمذاهب المنهزمة أدنى إلى الرشد والصدق؟ هل يعتبر الهجوم
على هذه الحكومات عدوانا؟ إننا قبل أن نجيب بالتفصيل على هذه الأسئلة.
وقبل
أن نتبين معالم التاريخ القديم نؤكد من جانبنا: أن الإسلام لو استخدم قوة
عسكرية ضد حكومات تعتمد سياستها على تأمين حقوق الفرد و إطلاق حريته
الدينية لكان قد ارتكب جريمة من أقبح الجرائم.
ولجاز أن يؤاخذ بها إلى يوم الدين..
وحسبنا
أن نسرد تاريخ الكنيسة فى القرون السبعة التى سبقت الإسلام، ثم فى القرون
الثلاثة عشر التى أعقبته، لنضع تحت أعيننا سلسلة من المأسي والفواجع لطخت
جبين البشر بالوحل.
وما زال تاريخ الدنيا يئن من ذكرياتها ويفزع إلى يومنا هذا من أشباحها..!!
إن اضطهاد المخالفين كان صبغة عامة للمسيحية منذ تحولت إلى دولة على يد الإمبراطور الوثنى قسطنطين.
ولم
يكن اضطهاد أولئك المخالفين عملا فرديا يبدو حينا ويختفى أحيانا، بل كان
سياسة ثابتة حاسمة تستهدف إفناء الخصوم ومحو آثارهم محوا.
وكانت المذابح العامة والقوانين الصارمة التى توحى بها تدبر وتنفذ بوحشية بالغة.
وليست
المسيحية التى أنزلها الله على نبيه عيسى هى التى شرعت للنصارى فى العصور
الأولى أو الوسطى هذه التعاليم الهمجية المتعطشة إلى السفك و الهلاك.
فإن المسيحية الحقة تبخرت بعد وفاة عيسى بأمد قليل.
وقد حاول بعض الأتقياء المنصفين أن يعيدوها إلى أوضاعها الصحيحة ـ كأريوس وأتباعه ـ ففشلوا وأبيدوا، على ما سيعرف القارىء بعد.
وتولى زمام الديانة المشوهة أقوام انقسموا على أنفسهم فى فهم عقيدة التثليث، ولعن بعضهم بعضا، ونصبوا لأنفسهم المشانق والمحارق، وعانى العالم من تعصبهم وتشفيهم من خصومهم الويل الكبير.
مظالم متبادلة: عانى المسيحيون الأولون صنوفا من العسف والأذى تحت حكم الرومان، وشردهم الاضطهاد الدائم فالتمسوا المهارب فى كل فج.
وكان اليهود الحقدة، والوثنيون الجهلة أعوانا على التنكيل بالملة الجديدة والكيد لها.
ولكن
المسيحية ـ برغم ما نزل بها ـ تشبثت بالبقاء حتى أتيح لها على نحو نعتبره
نحن المسلمين هزيمة لعقيدة التوحيد، وبداية للون جديد من التدين المعقد
المثقل بخرافات الوثنية الأولى!.
وامتزاج النصرانية بأفكار أرضية بحتة بدأ من قديم.
ولعل ذلك حدث لحاجة الديانة المضطهدة إلى متنفس تتسرب منه وترى ضياء الحياة.
قال "ترتليان " سنة 225 م: "...
إننا بريئون من الذين ابتدعوا مسيحية رواقية، أو أفلاطونية، أو جدلية بعد المسيح والإنجيل.
لسنا بحاجة إلى شئ ".
ولكن الذى حدث ـ للأسف ـ أن هذه المبتدعات هى التى قدر لها بعد أن تعيش وأن تسود.
وسنشرح وجهة نظرنا فى هذا الموضوع عند الكلام عن اختلاف الفرق النصرانية فى حقيقة عيسى بن مريم.
ويقول الدكتور الطويل: "..
يذهب صفوة المؤرخين إلى تبرير الاضطهاد الذى أنزلته الدولة الرومانية بالمسيحية وأتباعها.
إذ كان الدين الجديد يناصب العقائد الأخرى العداء ولا يلين فى حكمه عليها ورأيه فى اتباعها.
وقد
بدا من تصرفات المسيحيين واعترافاتهم أنهم على استعد لإبادة المذاهب كلها،
وتحطيم الحضارة التى يعيشون فى ظلها، متى تهيأت لهم سلطة تمكنهم من بلوغ
هذه الغاية.
فكان على الدولة أن تنهض للدفاع عن نفسها، ومحو دين يهدد بإثارة الشقاق بين رعاياها، وينذر بتحطيم الحضارة التى يعتز بها.
ولو لم يكن أتباع هذا الدين الجديد طلاب حرية دينية.
فالمعروف أن شهداء المسيحية قد راحوا ـ استجابة ـ لنداء ضمائرهم ووحى إيمانهم، ولو يموتوا فى سبيل الدفاع عن مبدأ الحرية الدينية. ".
ويقول
كذ لك:، صرح المؤرخون من أمثال " بيرى " أن اضطهاد الأباطرة للمسيحيين قد
أدت إليه رغبة هؤلاء الأباطرة فى الانتصار لمبدأ التسامح العام ".
***
وهذه
الآراء تعنى ـ فى جلاء ـ أن المسيحيين الأولين لم يعتمدوا فى دعايتهم على
المناقشات والمحاورات التى لا تتطلب أكثر من جو حر لنشر المبدأ الصائب، مع
أن الأديان كلها لا تطلب أكثر من ذلك.
فهل يعود ذلك إلى أن مبدأ التثليث لا يخضع لمناقشة عقلية حرة؟ ربما.
ونحن
ـ على أية حال ـ لا نطمئن إلى ضمائر الحكومات الوثنية سواء كانت وثنية
دينية تقوم على عبادة الأصنام، أو وثنية سياسية تقوم على تقديس نفر من
الحكام..
ونستنكر المظالم التى وقعت على المسيحيين، أو تقع على غيرهم أيا كانوا.
على أن النصرانية حكمت فعلا.
وكان أسلوبها فى الحكم مصدقا لأسوأ الظنون وملصقا بالضمير الدينى أقبح التهم.
كتب
الدكتور " توفيق الطويل " عن بدء الاضطهاد فى المسيحية، فقال: ، منذ
اللحظة الأولى لظفر الكنيسة بسلطة مدنية- فى عهد قسطنطين- دخل مبدأ الكبح
العام، واستمر عشرة قرون شداد، رسف فيها العقل والقلب فى الأغلال، وعانى من
قسوته اليهود والوثنيون كثيرا.. ".
وقال: ،..
وقد حاول قسطنطين أن يضع حدا لشرورهم، فأصدر قانونا يقضى بإحراق كل يهودى يلقى على من اعتنق المسيحية حجرا، وعقاب كل مسيحى تهود.
ثم عدل العقاب إلى مصادرة الأملاك، فإن تزوج يهودى بمسيحية أعدم ".
قال:"..
وقد
أبان "نسطريوس " بطريق القسطنطينية عن مبدئه فى الاضطهاد حين قال
للإمبراطور: أعطنى الدنيا وقد تطهرت من الملحدين، أمنحك نعيم الجنة المقيم "
ثم شرعت عقوبة الإعدام للملحدين ونظم إفنائهم.
ووضع، تيودسيوس " فى
أواخر القرن الرابع قوانين صارمة تتضمن ستا وستين مادة لمقاومة الهرطقة،
،والى جانبها بنودا أخرى لاستئصال الوثنية، ومناهضة الديانة اليهودية،
والارتداد عن الدين ومزاولة السحر، ونحو ذلك.
وكان هذا الدستور يقضى بإقصاء الوثنيين عن وظائف الدولة، وتحريم طقوسهم وحظر عباداتهم، وهدم معابدهم، وتحطيم صورهم ".
وفى أوائل القرن الخامس ظهر القديس "أوغسطين "، وهو وجل عنيف المشاعر، بالغ القسوة.
كانت حياته سوط عذاب على مخالفى المسيحية، ورافضى الدخول فيها.
وقد أمد حركة الاضطهاد بالوقود الذى زادها ضراما، ورسم للأخلاق مثلا سيئة للجماح والتوحش.
وقد وصفه الدكتور الطويل بأنه: "...
صاغ مبدأ الاضطهاد لهداية الأجيال التالية، وأقامه على أساس الكتاب المقدس مستندا إلى كلمات فاه بها المسيح فى مثل من أمثاله " وأجبروهم على اعتناق دينكم ".
وتمشيا
مع هذا سلم "أوغسطين " بمعاقبة الملحد بالنفى والجلد وفرض الغرامات، ووضع
للكنيسة دستورا تلتزمه إزاء كل حركة إلحادية... "، ومن رأى " أوغسطين " ـ
الذى استمده من عقيدة الخلاص، ومن نصوص العهد القديم "..
أن عقاب
الملحدين هو من دلالات الرفق بهم وشواهد الرحمة، إذ كان هذا العقاب ينقذهم
من العذاب الأبدى الذى ينتظر المرتدين عن المسيحية... ".
" إن الهرطقة توصف فى الكتاب المقدس، وكأنها نوع من الفسق والمروق وعبادة الأوثان، إنها أسوأ أنواع القتل، لأنها قتل للأرواح.
من أجل ذلك اقتضت العدالة أن ينال أهلها ما يستحقون من عقاب.
واذا
كان العهد الجديد قد خلا من رسول استخدم القوة والعنف فى نشر الدين، فقد
كان هذا لأن عصرهم قد خلا من وجود أمير يعتنق المسيحية!.
هكذا يقول " أوغسطين ".
يعنى أن المسيحية لم تستعمل القوة من عهد عيسى، لأنها لم تتح لها، ولم تتيسر وسائلها، ولو أتيحت لها، ما تورعت عن قهر الأمم بها.
ويقول
القديس الجبار مستدلا على آرائه هذه من حوادث العهد القديم: ألم يذبح
"اليشع" بيده أنبياء" بعل "؟ ألم يحطم "حزقيال " و يوشع " ملك "بختنصر" بعد
ارتداده؟ ألم يحطم هؤلاء الأنبياء بالقوة عبادة الأوثان فى أقاليمهم؟ ألم
يكونوا موضع ثناء محمود من أجل ما انطووا عليه من تقوى؟ قبل بعثة محمد: هذه
فلسفة المسيحية قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم تجاه البشر أجمعين.
يجب
أن نكشف النقاب عنها، إذ لا معنى للمواربة فى الحقائق أو الاستحياء من
تقريرها مع قوم لا يبالون بقلب الحقائق، وتلمس العيوب للأبرياء.
فعقيدة الخلاص هى لب المسيحية، وأساس فكرة التثليث.
وعن عقيدة الخلاص صدر التفكير فى الاضطهاد.
إذ أخذ المسيحيون بنظرية مؤداها: أن الخلاص لاسبيل إليه إلا عن طريق الكنيسة الكاثوليكية وحدها.
وعندما روجوا للإيمان بها أذاعوا: أن الذين لا يدينون بصدق نظرياتها تحيق بهم اللعنة الأبدية لا محالة.
فأفضى هذا الاعتقاد إلى الاضطهاد والتنكيل بكل من أبى الإذعان للكثلكة.
واعتبرت
الهرطقة أعظم خطيئة، لايقاس ما يبتلى به أصحابها فى الدنيا من صنوف الآلام
بما ينتظرهم من الجحيم، وأضحى إنقاذ الدنيا من أعداء الله واجبا مقدسا.
والاتصاف بالفضيلة لا ينهضى عذرا للمروق.
فالطفل ـ على براءته وخلو ساحته من الخطايا ـ متى مات من غير تعميد.
مضى بقية حياته الأخروية فى جهنم (!).
فالطبيعى- بعد هذا- أن يستهدف المتهمون بالمروق لأشد العذاب.
أجل فالكنيسة التى تستبيح عذاب طفل وتتصوره عدالة، لا ينتظر منها أن تعامل جماهير الناس بمنطق سليم.
وكذلك مضت المسيحية تشق طريقها في الحياة، على ركام يعلو مع الزمن من جثث الخصوم ورفات الضحايا.
كان الوثنى يقول ـ عن المسيحيين فى القرن الأول ـ "..
انظروا
كيف يحب المسيحيون بعضهم بعضا ! فما انقضت بضعة قرون حتى كان يقول : هل
عرفت الدنيا وحوشا كهؤلاء الذين يفترسون كل من خالفهم فى الدين؟؟ ".
أثر
الاضطهاد فى النصرانية نفسها: كان ميلاد عيسى لغير أب سببا فى اختلاف واسع
الشقة بين من عاصروه ومن جاءوا بعده، وقد جمحت الآراء فى نعت عيسى وأمه،
من الضد إلى الضد، فبينما يزعم اليهود أن المسيح لقيط، وأن أمه بغى أتت به
لغير رشدة، يذهب النصارى إلى أن عيسى إله فى صورة بشر، وأن ميلاده الخارق
ينفصل به عن مشابهة غيره من الأناسى.
ولما نزل القرآن فى أواخر القرن
السابم لميلاد "ابن مريم " كان مبينا فى تخطئة الفريقين وناسبا كليهما إلى
الغلو القبيح والشرود عن الحق، قال الله عز وجل: (يا أهل الكتاب لا تغلوا
في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول
الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة
انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في
السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا).
(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل).
والواقع أن المسيحية فى العصور الأولى لم تظفر برعاة يبسطون حمايتهم عليها ولا دعاة مطمئنين يجمعون الناس فى هدوء على حقيقتها.
وقد
كانت ولادة " عيسى " الخارقة ووفاته الخارجة على السنن المعتاد كذلك،
مثارا لانطلاق الأخيلة فى ظلمات الاضطهاد النازل فى كل مكان.
أخيلة تضفى على عيسى هالات من المجد مازالت تتضاعف حتى سلخته تماما عن مصاف البشر!!.
ولكن أين تضعه هذه الأساطير المتحمسة؟.
إن النبيين من لدن آدم لم يدعوا إلا إلى رب واحد، لا شريك له، ولا ند ولا ضد.
والعهد القديم بين أيدى النصارى شاهد على ذلك.
فما
تكون صلة " عيسى " بهذا الإله الواحد، إذا لم يكن عيسى بشرا؟؟ هذا ما حير
الغالين فى فهم حقيقة المسيح، النازعين إلى إشراب طبيعته معنى الألوهية.
وقد انقسموا فرقا شتى لحل هذا اللغز المعمى، ولم يعودوا من خلافهم بطائل.
لأن الفرض إذا كان خطأ، فإن الاستدلال عليه صعب، والدعوة إليه أصعب.
وتأليه " عيسى " فرض موغل فى الضلال، ولم يتحول هذا الفرض إلى مذهب رسمى للكنيسة إلا فى القرن الرابع للميلاد، على عهد الإمبراطور " قسطنطين "، وهو حاكم وثنى تزعم التواريخ المسيحية أنه تنصر، وأصدر مرسوما بإبطال عبادة الأوثان.
ولسنا هنا بصدد مناقشة هذه المزاعم، ولا الموازنة بين رواياتها المتضاربة.
والكنسيون
الجانحون إلى تأليه " عيسى "، والذين ساندتهم السلطات بعدما أتيح للمسيحية
أن تعتمد على سلطات، لهم آراء غريبة فى " عيسى ".
فهناك اليعاقبة القائلون: "بأن الطبيعة الإلهية والبشرية امتزجتا فى المسيح وصارتا فيه طبيعة واحدة.
فكان عند التجسد ذا طبيعتين! أما بعده فصار ذا طبيعة واحدة ".
أما
الملكانية فيقولون: " إن الابن مولود من الأب قبل الدهور غير مخلوق وهو
جوهره ونوره، والابن اتحد بالإنسان المأخوذ من " مريم " فصارا واحدا هو
المسيح".
وفى القرن الخامس قرر مجمع أفسوس " ألوهية المسيح وإنسانيته معا، ولكنه أنكر وحدتهما فى شخصية واحدة شاعرة بنفسها.
ومن ثم انشطرت الوحدة إلى اثنينية ".
ومن
حق كل امرئ أن يسأل: هل كانت هذه الفروض القائمة على تأليه " عيسى "
والمضطربة فى تحديد وضعه بالنسبة إلى الإله الكبير، هل كانت هذه الفروض
التى انتصرت وشاعت هى الصورة الفريدة للتفكير المسيحى فى العصور الأولى؟؟
والجواب: لا..!
فقد كان هناك كثيرون يشعرون من أعماق قلوبهم بأن " عيسى "
لا يعدو أن يكون بشرا ميزه الله ببعض الخصائص الجليلة، وأن الألوهية أسمى
مكانا وأعز شأنا من أن يشاركها فى أوصافها القديمة المطلقة الخالدة أحد من
الخلق ظهر فى عصر من العصور ثم اختفى.
وقد كان هؤلاء النصارى الموحدون
يفقهون دينهم على أصوله الصحيحة، إلا أن تحول المسيحية إلى دولة أيام "
قسطنطين " وما طرأ على سيرها فى هذا التحول، جعل عقيدة التوحيد وأشياعها
تتعرض ويتعرضون معها لما عرف به الحكم الكنسى من فظاظة و إرهاب.
فى سنة 336 م قرر " آريوص " محاربة ما شاع فى عصره من بدعة التثليث وبين أن " عيسى " لا يمكن أن يكون مساويا لله فى جوهره وطبيعته.
بل هو خلق حادث شأن سائر المخلوقات الخاضعة فى وجودها وفنائها لإرادة الله الواحد القهار.
وانتشرت تعاليم " آريوس " وبدأ الناس يثوبون إليها.
ولكن
الإمبراطور " قسطنطين " الذى لم يستأصل الوثنية فى بلاده الواسعة، وتركها
تعيش من بعده قرابة مائة عام حتى استأصلها " تيودوسيوس "، هذا الإمبراطور
أمر بتشكيل مجمع "نيقية" الذى حكم بأن المسيح يساوى الله فى جوهره وطبيعته، ثم قرر مطاردة " آريوس " وأتبا عه.
وبدأت
الكنائس الواهمة والسلطات الحاكمة تتضافر على محاربة الوحدانية الحقة
فأحرقت كتبها، وحرم اقتناؤها، وتعرض رجالها لما يتعرض له كل خارج على الدين
والدولة، موسوم بالإلحاد والمروق..
وقد استتب الأمر للكنيسة، وتفكك
الموحدون كجماعة لها شأن وقوة، وانفردت الكثلكة بالسيطرة العامة فى أقطار
المسيحية الجديدة، المسيحية القائمة على التثليث وملء الكنائس بالتماثيل
والبخور والتعاويذ.
حول مؤتمر " نيقية " : اجتمع فى مدينة " نيقية " 2048 من الأساقفة والبطاركة، وكانوا مختلفين جدا فى آرائهم وعقا ئدهم.
فمنهم من كان يقول: " المسيح ومريم إلهان من دون الله ".
ومنهم من يقول: " إن المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار توقدت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى لإيقاد الثانية منها ".
ومنهم
من كان يقول: " لم تحبل " مريم " لتسعة أشهر، وإنما مر نورفى بطن " مريم "
كما يمر الماء فى الميزاب، لأن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من فرجها
لساعتها ".
ومنهم من كان يقول: " بثلاثة آلهة صالح، وطالح، وعدل بينهما ".
ومنهم
من يقول: " ربنا وإلهنا يسوع المسيح " ومنهم من يقول : " إن المسيح إنسان
خلق من اللاهوت كواحد منا فى جوهره، وأن ابتداء الابن من " مريم "، وأنه
اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسانى، صحبته النعمة الإلهية.
فخلق منها بالمحبة والمشيئة، فلذلك سمى ابن الله ".
ويقولون: " إن الله جوهر واحد، وأقنوم واحد يسمونه بثلاثة أسماء، ولا يؤمنون بالكلمة ولا بروح القدس ".
ومنهم من يقول؟ " إن المسيح إله حق، وإنسان حق، بطبيعتين مختلفتين، ومشيئتين كذلك ".
ومنهم من يقول:" إنه بطبيعة واحدة ومشيئة واحدة ".
إلى غير ذلك من الآراء والاعتقادات المختلفة المتناقضة.
وقد اجتمع هؤلاء عند " قسطنطين " وتناظروا واختلفوا.
وصار كل منهم يؤيد رأيه وعقيدته وينكر ما عداها.
واشتد الخلاف والنزاع بينهم حتى لعن بعضهم بعضا، وانسحب كثير منهم من المجمع، فلم يبق إلا 318 أسقفا.
هؤلاء هم الذين بقوا فى المجلس ووضعوا أساس العقيدة الجديدة للمسيحيين، التى يلعن من خالفها ويطرد من الكنيسة.
ووافق الملك " قسطنطين، على ذلك، وأصدر أمره به.
أصل هذه العقيدة منقول عن عقيدة الهنود القدماء فى الشمس التى كانوا يعبدونها.
قال
" مالفير " فى كتابه المطبوع عام 895 1وترجمه إلى العربية " نخلة بك شفوات
" سنة 1913م ما يلى: " لقد ذكر فى الكتب الهندية القديمة التى ترجمت إلى
اللغة الإنكليزية شارحة عقيدة الهنود القدماء ما نصه:"نؤمن " بسافسترى " أى
الشمس، إله واحد، ضابط الكل، خالق السموات والأرض، وبابنه الوحيد " آتى "
أى النار، نور من نور، مولود غير مخلوق، تجسد من "فايو" أى الروح فى بطن
"مايا " العذراء.
ونؤمن "بفايو" الروح الحى المنبثق من الأب والابن، الذى هو مع الأب والابن، يسجد له ويمجد. ".
والثالوث القديم وهو " بسافسترى الشمس " أى الأب السماوى، وآتى " النار" أى الابن وهو النار المنبثقة من الشمس.
وفايو "نفخة الهواء" أى الروح، هو أساس المذاهب عند الشعوب الأربانية، أى الهنود القدماء.
ويلاحظ
أن المجامع المسكونية القديمة للنصارى قد انتهت إلى إقرار عقيدة عامة
للنصارى جميعا، تنص على مايلى: " نؤمن بإله واحد، ضابط الكل، خالق السماوات
والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد،
المولود من الأب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق، مولود غير مخلوق، مساو
للأب فى الجوهر، الذى من أجلنا نحن، ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، وتجسد
من روح القدس، ومن مريم العذراء، وتأنس وصلب على عهد " بيلاطس النبطى "
وتألم وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء، وجلس عن
يمين الأب، وسيأتى بمجده ليدين الأحياء والأموات، الذى لا فناء لملكه،
وبروح القدس، الرب المحيى المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن
المسجود له..
إلخ ".
اضطهاد الموحدين فى العالم المسيحى: لكن صوت الفطرة لا يخفت مهما أشيع حوله من إرهاب وسلط عليه من أخطار.
فبين الحين والحين يصرخ رجل حر باستنكار التعدد فى الألوهية ويعلن ضيقه بثالوث الأب والابن وروح القدس.
ونحن نقرر ـ آسفين ـ أن الكنيسة تكون أسرع من البرق فى إخفات هذا الصوت وإخفاء معالمه.
ومصرع المصلح الأسبانى الكبير " سرفتيوس " دليل على صدق ما نقول..
فإن
هذا الرجل ما إن جهر برأيه فى خطل التثليث حتى اقتيد إلى السجن، ثم قدم
للمحاكمة، فقرر القضاء العادل (!) إعدامه حرقا سنة 1553. م وتبادل رجال
الدين والدنيا التهانى عقب إحراقه!!..
واستعاد الموحدون نشاطهم فى
إيطاليا وألفوا طائفة انشقت على الكنيسة وعرفت "بالصوصنية" وأظهر هؤلاء
مبادئهم التى تتلخص فى إنكار ألوهية المسيح ونسبة الربوبية إلى الله وحده.
ومن
البديهى أن تناصب الكنيسة هذه الحركة العداء، وأن تشن عليها حربا شعواء
مكررة التهمة التى ترمى بها خصومها من القرن الأول تهمة الهرطقة.
مما
اضطر معه هؤلاء الموحدون إلى الفرار من وطنهم إلى سويسرا، فكان حظهم هناك
أسوأ إذ هاجمتهم الكنيسة البروتستانتية، ففروا من وجهها إلى بولندة
وترنسيفاليا.
وهناك أذاعوا عقيدتهم القائمة على مبدأ التوحيد.
قال
الدكتور الطويل: " تحت تأثير الروح الصوصنى أعلن " كاستيلون السافوى " مبدأ
التسامح فى رسالة شهر فيها بتعصب " كلفن " وحقده، وندد بموقفه من إحراق "
سرفتيوس " والقضاء والقدر.
وأعلن أن الدين إذا صاحبه الاضطهاد كان لعنة ".
والحق أن الحرية العقلية تلازم دائما عقيدة التوحيد.
فإن الرجل الذى يبنى يقينه على الفكر الصائب، لا يبالى أية مناقشة حرة.
ويرى أن سداد المنطق فى كل شئ عون له على تدعيم مبدئه وإظهار حقه.
أما
الرجل الذى يشعر بالريبة والغموض فى أساس عقيدته فهو يعزلها عن العقل
أولا، ثم يجتهد أن يهون من قيمة العقل ومنطقه فى سائر الحياة فإذا حدثت
مجادلة بينه وبين مخالف له فى مذهبه اعتمد فى الغلب على السنان لا على
البرهان.
ودعوى القوى كدعوى السباع من الناب والظفر برهانها ولئن كان
الكاثوليك قد نكلوا بالعلماء والأحرار والمفكرين، أفنظن أن البروتستانت
كانوا أهدى منهم سبيلا؟.
إن " لوثر " نفسه كان يسمى " أرسطو" الخنزير الدنس الكذاب!.
وقال عن "كوبر نيكوس " ـ وهو أول رائد عرفه علم الفلك الحديث ـ : " إنه منجم مأفون مصاب بمس!! ".
ولم
يستقر الموحدون الصونيون فى بولندة طويلا، فقد طاردتهم الكنيسة ففروا إلى
ألمانيا وهولاندة، حاملين معهم عقيدتهم المضطهدة، ومبشرين كذلك بالحرية
العقلية والتسامح الدينى.
بيد أن أصابع الكنيسة مازالت تدس وراءهم وتتعقب أشياعهم، حتى سحقتهم سحقا.
هذه سطور قليلة من صفحات طويلة لتاريخ الكنيسة التى دار بينها وبين الإسلام قتال تراجعت بعده عن مصر والشام وغيرهما..
إن الإسلام ينهض على أساس فذ، هو توحيد الله.
فهل رأيت فى تاريخ الكنيسة أن هذا الأساس منح حق البقاء يوما، أو اعترف بأصحابه كمؤمنين مخلصين؟؟.
لقد حرقوا وأبيدوا..
وسنسرد الكثير من هذه المأسي المخزية لمرتكبيها إلى آخر الدهر.
ولنسأل
كل منصف، هل صودر مبدأ التثليث فى ظل الدولة الإسلامية الموحدة؟ أم بقيت
كنائسه وأشياعه تتكاثر إلى اليوم فى قلب الإسلام وفى أرجاء وطنه الكبير؟؟.
من
نتائج الاستبداد: إذ ذابت حرية الفرد فى سلطان الحكم المطلق، وشعر جمهور
الأمة بالانزواء والانكماش أمام إرادة واحدة مكنتها المصادفات من السيطرة
والامتداد.
فمن العبث أن تتجه عناية المصلحين إلى أفراد فقدوا ثقتهم وأعطوا قيادتهم لغيرهم، بل يجب حسم الأمر أولا مع صاحب السلطة المطلقة.
فإن بقاءه فى وضعه العاتى يتنافى مع كل إصلاح.
والعالم
فى عصوره الأولى لم يسلم، بل لم يخل من أولئك المستبدين الجبارين، وقد
كانت أقطار المسيحية كغيرها أو أشد تعرضا لهذا اللون من الطغيان.
ونلاحظ أن حرب الثلاثين عاما التى اشتعلت فى أوروبا خلال القرن السابع عشر للميلاد قد انتهت بصلح عجيب.
إذ منحت كل أمير الحق فى اختيار الدين الذى يفرضه على شعبه!! وهذا المسلك النابى يدل على قيمة الحرية الفردية فى أوروبا قديما.
والواقع أن هذا المسلك يطرد مع الفهم القديم لمكانة الإنسان فى البلاد التى يسودها الاضطهاد والاستبداد.
وتاريخ الكنيسة يعرف هذه الشئون حق المعرفة..
وقد كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدرك الأحوال العامة فى فارس والروم فلم يرسل دعاته إلى الشعوب المضطهدة المأكولة.
فأنى لها سماع هدية؟ والاقتناع بوحيه؟ وهى مغلوبة على أمرها، مستسلمة لآكليها؟.
فأرسل دعاته إلى الرؤساء المتكبرين أولا.
روى
مسلم عن أنس قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى، وإلى قيصر،
وإلى النجاشى ـ وليس بالنجاشي الذى صلى عليه ـ وإلى كل جبار عنيد يدعوهم
إلى الله عز وجل.
ولو أرسل إلى الشعوب المحكومة نفسها، أفترى أصحاب الحكم المطلق يدعونهم لحظة لإبلاغ رسالتهم؟.
إن السلطة الضاغطة على الشعوب تمنعها أن يصلها من الخارج نداء، وتقتل أية محاولة لذلك..
ولم تجد هذه الرسائل التى بعث بها النبى الجديد إلى حكام عصره.
وهى ـ فى حقيقتها ـ لا تعدو أن تكون إعذارا إلى الله بإبلاغ الحق لكل امرىء عظم شأنه أم هان.
كما أنه إبانة لمنهج الدين الجديد فى إرشاد الناس إلى أصوله.
إن
" موسى " الفريد الأعزل لا يتصور فى حقه أن يكره فرعون على الإيمان بالله،
ومحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المعلم فى قلب الصحراء المنقطعة لا يتصور فى
حقه كذلك أن يكره كسرى وقيصر على الدخول فى دين.
وإبلاغ الدعوة لا يتطلب أكثر من عرض حقائقها على صفحة قرطاس ثم (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
فأما " كسرى " فقد تناول الخطاب ثم مزقه، وأمر بإرسال اثنين لاستحضار المتجرىء على دعوته، كيما ينزل به ما يستحق من عقاب.
وأما " قيصر " فقد دار بينه وبين حاشيته نقاش طوى الكتاب بعده من غير رد.
ومشت
الأمور على منطقها المألوف فى تاريخ الكنيسة الرومانية من سبعة قرون فأعدت
الجيوش لمقاومة الديانة الناشئة بالقوة ومنع تعاليمها أن تعبر حدود
الدولة.
ولاشك أن المسلمين لو كانوا رعية رومانية من نشأتهم الأولى
لأبيدوا وطمست عقيدتهم، كما حدث لأسلافهم الموحدين الخاضعين لسلطان
الكنيسة.
ولكن القدر فى هذه المرة درع الموحدين بالحديد ذى البأس الشديد.
فلما فغرت الكنيسة فمها وأطبقته لتعض الموحدين الجدد تهشمت أسنانها وانكسر عدوانها..!
وكان ذلك بعد سنين من هزيمة المسلمين فى معركة " مؤتة " ومقتل دعاتهم عند حدود الشام على عهد النبى نفسه..

وأبشع نتائج الاستبداد تحدث من تواصل أحزانه وتتابع عدوانه، وإجلابه بخيله ورجله على المستضعفين يقلق آمنهم ويروع ساكنهم.
وإذا
وضع المستبدون سياسة بعيدة المدى لتغيير عقائد ومحو أجيال وقست قلوبهم فلم
يبالوا بما يعترض سياستهم من صعاب ومغارم، فإنهم واصلون لا ريب إلى غايتهم
الآثمة على أنقاض من الأشلاء والخرائب.
قال الدكتور الطويل: " إن
الاضطهاد نجح فى مجال الاعتقاد الدينى، فأخفت كل صوت ارتفع بالمقاومة،
وأثارت القسوة والصرامة فزع العامة وملأت أفئدتهم هلعا.
فارتد عن دينه أصلب الناس قناة، أو تفانوا فى سبيل عقائدهم فذهبوا شهداء، أو ولوا الأدبار فرارا بدينهم، فأخلوا الطريق للظالمين.
وهذه
الحالات جميعا تعتبر نصرا للاضطهاد، إذ تنبت الأجيال الجديدة ـ فى البلد
المضطهد ـ وقد طبعها الاستبداد على ما يريد فرضه من مذاهب وآراء ".
وقد باد المسلمون فى أوروبا المسيحية تحت أطباق هذه الرحى المجنونة.
إذ لم يكن الاضطهاد النازل بهم أزمة تعرض ثم تزول، أو غيمة تظلم ثم تنجلى.
بل كان مجزرة نضاخة بالدم، مرعدة بالردى، سيقت إليها النساء والرجال والأولاد والشيوخ، فإما الاستشهاد أو الارتداد.
ومن نجا بجلده ترك من بعده بلدا حكم عليه أن يتنصر إلى الأبد!!.
حدث ذلك لمسلمى أسبانيا إبان القرون الوسطى، إذ استأصلتهم عن آخرهم محاكم التفتيش.
وحدث مثل ذلك لمسلمى البلقان فى هذا العصر.
فإن المذابح التى أوقعها القائد اليوغسلافى "مخايبلوفتش " بألوف المسلمين هنالك قد تطاير إلينا رشاشها القانى .
وإن كانت " أوروبا " المتحضرة (!) قد تكتمت أنباءها ليطويها النسيان ثم نغفو ونصحو فإذا بأنقاض الإسلام فى البلقان قد زالت أو كادت.
وهذه
النزعة المجرمة إلى إفناء الخصوم ومحق الآراء المخالفة، توارثها سدنة
الكنائس المسيحية من أول يوم تمكن فيه رجالها من الاستيلاء على السلطة
التنفيذية.
وقد استطاع الكاثوليك قبل ظهور الإسلام أن يوطدوا سلطانهم
المطلق عدة أجيال متعاقبة، قضوا فيها على مذهب الموحدين فلم يعد له كيان
متماسك.
وطاردوا اليهودية فهام أبناؤها على وجوههم فى مشارق الأرض ومغاربها.
وأبادوا الوثنية المحضة ودمروا معابدها، ثم استدار الكاثوليك على مخالفيهم فى المذهب يريدون إفناءهم فبطشوا بأقباط مصر.
وقد أحس الأحياء قاطبة بضرورة تجريد الكنيسة من سلطتها التى أساءت بها إلى العالم أبلغ إساءة.
وذنب الإسلام أنه فعل بالكنيسة المسيحية ما فعله المسيحيون أنفسهم بها بعد بضعة قرون...!!
حرمان
المسيحيين من الحكم: ماذا صنع الإسلام بالمسيحية عندما اصطدم بها فى ميدان
القتال؟ إنه لم يحاربها كدين، بل حاربها كدولة، وهذا ما فعله المسيحيون
أنفسهم.
إنه لم يغلق أبواب الكنيسة، ولم يحرم أحدا من الدخول فيها، أو الخروج منها.
بل جرد الكنيسة من السلطة التى أوغرت صدور البشر عليها، وجعلتها تتنكر لأصلها وتخرج عن شرعتها...
ولم
يشرع الإسلام ـ كما شرعت الكنيسة ـ قوانين لاستئصال الوثنية بالسيف،
وتنصير اليهود بالعنف، وإبادة الخصوم فى الرأى ـ ولو كانوا مسيحيين ـ كما
فعلت الكنائس المتخاصمة عندما أعلن بعضها على البعض حرب فناء أو ردة..
بل
أقر الإسلام حرية العقل والضمير، فكان المسيحيون الذين حكمهم الكاثوليك
أول من رحب بزوال الكنيسة التى طالما ذاقوا بطشها وعانوا ويلها..
وقد رحبت مصر والشام بزوال الحكم الكاثوليكى الذى فرضته دولة الروم الشرقية على هذه البلاد.
***
فأما مصر فقد أراد "هرقل " أن يفتنها عن مذهبها المسيحى، وأن يلزمها بتنفيذ قرار مجمع " خلقدونية ".
فأبى الأقباط ترك معتقدهم، فصب عليهم الرومان سوط عذاب، وتحولت الكنائس والأديار القبطية إلى سجون تحفل بألوان الأذى.
وجىء
بأخى الأسقف الأكبر "بنيامين " فوضع على منصة أوقدت تحتها المشاعل وسلطت
نارها على بدنه، فأخذ يحترق حتى سال دهنه من جانبيه على الأرض! ولما لم
يتزحزح عن عقيدته، خلعت أسنانه، ثم قاده الجلادون إلى الشاطئ، وعرضوا عليه
أن يترك دينه، ويخضع لقرار المجمع، فأبى، فرموا به فى البحر وابتلعته أمواج
اليم..
فلما طرد المسلمون الروم من مصر، تنفس الأقباط الصعداء .
ولم يكن عجبا أن يعاونوا العرب الفاتحين على الخلاص من سطوة حكم غاشم، وأن يتطلعوا إلى المسلمين كمنقذين لهم من هذا العذاب الأليم.
فإن
المسيحيين فى هذا القطر الخصب أصابهم من استنزاف الرومان لخيراتهم،
واضطهادهم لمذهبهم ما جعلهم ناقمين على الدولة، متمنين من أعماق قلوبهم أن
يسقط لواؤها.
ولم يستطع المؤلف المفترى على الإسلام أن يغض من هذه
الحقيقة فهو يقول فى ص 18: " لا نغالى إذ قلنا إن توطيد السيادة العربية
مكان السيادة البيزنطية.
أدخل على نفوس مسيحيى الشرق بادرة من الأمل.
فقد
كتب "ميخائيل " السورى بطريرك أنطاكية يقول: إن رب الانتقام استقدم من
المناطق الجنوبية أبناء إسماعيل، لينقذنا بواسطتهم من أيدى الرومانيين.
واذا
تكبدنا بعض الخسائر لأن الكنائس! التى انتزعت منا وأعطيت لأنصار مجمع "
خلقدونية " بقيت لهم، إلا أننا قد أصابنا خير ليس بالقليل، بتحررنا من قسوة
الرومان وشرورهم، ومن غضبهم وحفيظتهم علينا.
هذا من جهة، وسكن جهة أخرى سادت الطمأنينة بيننا ".
وهذا البطريرك يعقوبى، وهو هنا يستبشر بعهد الحرية الدينية التى صحبت دخول المسلمين، ويأسى لما أصاب مذهبه من خسائر على عهد الروم.
ولا ينسى الكنائس التى انتزعت منهم وأعطيت لخصومهم فى هذا العهد المشئوم.
والمسلمون لم يفكروا فى نبش هذا الماضى، ولم يحاولوا التدخل فيما بين المسيحيين من خلاف.
إلا أنهم احترموا رغبة المسيحيين فى ألا يجاورهم ببيت المقدس يهودى.
ولم يروا فى هذا ظلما لليهود.
وحسب اليهود فى ظلال الحكم الجديد أن أمنوا على عقيدتهم ما بقوا مسالمين لغيرهم.
وكان
آخر ما نزل بهم قبل الحكم الإسلامى فى الشام الأمر الذى أصدره الإمبراطور
هرقل: " بتعميد جميع اليهود والسامريين الذين يقطنون مختلف الولايات
الخاضعة له " (!).
ومثل هذا الأمر مألوف فى تاريخ الكنيسة قديما.
وقد انقطع بزوال حكمها فى الشرق.
وبقى فى " أوروبا " حتى هدم المسيحيون بأنفسهم الحكم الكنسى فى العصر الأخير.
الشيخ محمد الغزالي
الرجوع الي مقالات الشيخ محمد الغزالي
</blockquote>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islam4u.yoo7.com
 
لماذا خرج المسلمون من الجزيرة العربية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدعوة إلى الإسلام خارج الجزيرة العربية
» عَالِم الجزيرة
» لماذا القتال ؟
» الفتاة العربية في غرف المحادثة
» وقفات مع بعض خيانات الشيعة في البلاد العربية في العصر الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة منتديات الطريق إلى الله :: الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام
-
انتقل الى: