من الدعاة هذا دواؤه

من الدعاة هذا دواؤه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:

قد
تجد بعض الناس؛ من طلبة العلم والكُتَّاب وعوام المسلمين في الفتن حيارى ،
أو كالسكارى ، تراه يتصرف كالمجنون ، تغلي الدماء في عروقه ؛ بدافع
العاطفة أو الحمية والعصبية ، قد سُلب الانتفاع بالعقل والسمع والبصر ، فلا
يهتدي إلى سَبيل الحق.
فإن في الكفِّ والابتعاد عن مواطن الفتنة نعمة عظيمة، يوفق إليها من أراد الله له خيراً .

فقد روى عبد الرزاق في المصنف بإسنادٍ صحيح (11/ 450)
عن طاوُس قال: (لما وقعت فتنة عثمان، قال رجل لأهله: أوثقوني بالحديد،
فإني مجنون. فلما قُتِل عثمان ، قال: خلوا عَنّي، فالحمد لله الذي شفاني من
الجنون، وعافاني من قتل عثمان).

فكم
في زماننا- زمن الفتن والمحن - كم من أمثال هذا يحتاج الناس إلى كفّه ،
والامساك به بكل الوسائل الممكنة ، حتى ينجو بِنَفْسه من جنون و سكَرِ
الفتنةِ، وكذلك ينجو المسلمون من شَرّه وأمثاله ، إن العقلاء و من رزق حكمة
يرى أن الشفقة بهؤلاء تدفع من ولي أمره أو تمكن منه لمنعه وإراحته من
تعذيب نفسه حيث يوردها المهالك من حيث لا يشعر، فشفقة بهم يجب أن يكفوا
وخوفا عليهم يوضع بينهم وبين الفتنة حجاباً وساتراً ؛ إلى أن تنقشع الفتنة
وتدبر ، وبعدها يُفَكُّ وَثاقه ، و يُعطى أمره لنفسه!!

فائدة:

موقف كبار التابعين من الفتن

(أبو عبد الله البصري مُطَرّفٍ بن عبد الله بن الشِّخِّير)

مطرف
بن عبد الله بن الشخير، هو ابن الصاحبي الجليل عبد الله بن الشخير، من
أفاضل العباد والثِّقات ، ومن خيار التابعين، قال الذهبي في سير أعلام
النبلاء (4/ 187): الحرشي العامري ،
الإمام، القدوة، الحجَّة، أبو عبد الله الحرشي ، العامري ، البصري، قلت :
وذكر الذهبي جمعاً من الصحابة لقيهم وحدَّث عنهم .

• روى ابن سعد في الطبقات (142/7) قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو عقيل بشير بن عقبة ، قال : قلت ليزيد بن عبد الله بن الشخير أبي العلاء :

(ما
كان مُطَرّفٌ يصنع إذا هاجَ في الناسِ هَيجٌ ؟ قال : كان يلزم قعر بيته ،
ولا يقربُ لهم جُمُعَةً ولا جماعةً ، حتى تنجلي لهم عَمّا انجلت ).

قلتُ : إسنادٌ صحيح .

• وأيضا روى ابن سعد في الطبقات (143/7) قال : أخبرنا وهب بن جرير بن حازم ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت حُميد بن هلال ، قال :

(
أتى مُطَرّفَ بن عبد الله زمان ابن الأشعَث ناسٌ يدعونه إلى قتال الحجاج ،
فلما أكثروا عليه قال : أَرَأَيتُم هذا الذي تدعوني إليه ، هل يزيدُ على
أن يكون جِهاداً في سبيل الله ؟ قالوا : لا . قال : فإني لا أُخاطِرُ بين
هَلَكَةٍ أَقَعُ فيها ، و بين فَضْلٍ أُصيبُهُ ) .
قلتُ : إسنادٌ صحيح .
والحمد لله رب العالمين

» كراهية المرأة زوجها داء دواؤه في الإسلام
» الصحابة هم الدعاة
» صفات وأخلاق الدعاة
» مشكلات الدعاة الفتور.. الإيمانيات.. كثرة الأعباء
» أيها الدعاة .. اتركوا الفنادق وانزلوا إلى الخنادق