شبكة منتديات الطريق إلى الله
الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 829894
ادارة المنتدي الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 829894
ادارة المنتدي الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه 103798
شبكة منتديات الطريق إلى الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة منتديات الطريق إلى الله

المنتدى دعوى والدخول ونقل المحتويات متاح لكل مسلم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولfacebooktwitter
Cool Red Outer
    Glow Pointer
أحبائنا اعضاء وزوار المنتدى الكرام نرجوا فتح الراوبط التالية لمعرفة شروط الإستخدام ۩۞۩ قوانــيــن عــــامـــــة ۩۞۩
نرجوا من إخواننا الأعضاء عدم إنشاء أى مواضيع سياسية بدون تأصيل شرعى لأن ذلك قد يعرض عضويتك للإيقاف
هذه دعوتنا : دعوة الى الهجرة إلى الله بتجريد التوحيد، والبراءة من الشرك والتنديد، والهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بتجريد المتابعة له. دعوة إلى إظهار التوحيد، بإعلان أوثق عرى الإيمان، والصدع بملة الخليلين محمّد وإبراهيم عليهما السلام، وإظهار موالاة التوحيد وأهله، وإبداء البراءة من الشرك وأهله. دعوة إلى تحقيق التوحيد بجهاد الطواغيت كل الطواغيت باللسان والسنان، لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور المناهج والقوانين والأديان إلى عدل ونور الإسلام. دعوة إلى طلب العلم الشرعي من معينه الصافي، وكسر صنميّة علماء الحكومات، بنبذ تقليد الأحبار والرهبان الذين أفسدوا الدين، ولبّسوا على المسلمين... دعوة إلى البصيرة في الواقع، وإلى استبانة سبيل المجرمين، كل المجرمين على اختلاف مللهم ونحلهم {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}. دعوة إلى الإعداد الجاد على كافة الأصعدة للجهاد في سبيل الله، والسعي في قتال الطواغيت وأنصارهم واليهود وأحلافهم لتحرير المسلمين وديارهم من قيد أسرهم واحتلالهم. ودعوة إلى اللحاق بركب الطائفة الظاهرة القائمة بدين الله، الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله

أبحث على الأنترنت
تابعونا على مواقع أخرى


 

 الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


الدولة : الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه Egypt10
ذكر
الابراج : الجدي
عدد المساهمات : 4723
مدى تفاعل العضو : 17545
تاريخ الميلاد : 19/01/1991
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
العمر : 33
الموقع : https://islam4u.yoo7.com
الحالة الإجتماعية : خاطب

الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه Empty
مُساهمةموضوع: الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه   الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه Emptyالثلاثاء مايو 28, 2013 7:04 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

المقـــدمــة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد ،
فإن
الله قد جمع هذه الأمة على كلمة واحدة هي لا إله إلا الله محمد رسول الله ،
وبذلك ألغى الله كل رابطة سوى أخوة الإيمان كما قال سبحانه:  إنما
المؤمنون أخوة  فكانت هذه الأخوة عنوان اجتماع هذه الأمة وعدم تفرقتها ،
وعدم تفرقها الأمر الذي لم يزل أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحرصون
على جمع كلمة المسلمين حوله وقد ذل واقع هذه الأمة على أن اجتماعها هو من
أسرار قوتها قال تعالى:  واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا  وبناءًا
على ذلك فإنَّا لما رأينا ما يجري في هذه الأزمنة المتأخرة من تفرق كلمة
أهل الحق واختلافهم الاختلاف الذي يضعف أهل الحق ويذهب ثمرة جهودهم في
الدعوة إلى الله وتعليم الناس الحق كتبت هذا البحث المختصر الذي أعرف فيه
الاختلاف وأبين تاريخه وأستنبط من ذلك عبره وآثاره تحذيراً منه وإظهاراً
لمفاسده في حياة الأمة المحمدية مع الإشارة لجملة من آداب الاختلاف بين
المسلمين وما ينبغي أن يكون عليه المسلم مع أخيه عند الاختلاف في فهم
النصوص المبني على الطرق الصحيحة لفهم النص وإيضاح ما كان عليه السلف من
اختلاف في مفاهيم النصوص الذي لم يزدهم إلاَّ محبة وألفة وحسن ظن ببعضهم
الأمر الذي يجب أن نسير عليه
قدوة بهم حفاظاً على وحدة الأمة واجتماعها
والله أسأل أن يعلي دينه وأن ينصر عباده الصالحين وأن يجمع كلمة أمة محمد
صلى الله وسلم على الحق إنه على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين0


تعريف الاختلاف في الدين :

هو التجاذب فيه بالأقوال والأفعال ، والمراد به هنا: ما انتهى إلى الخصومة والعداوة والتنازع0
والاختلاف
في الغرائز والملكات الإنسانية أمر طبيعي في بني آدم لاختلاف الطبائع
والمشارب ، قال تعالى: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون
مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم  ، وبناءًا على هذا الاختلاف الطبعي
تبنى الحياة ويثرى الوجود بمعطيات الإنسان الهائلة المتجددة على مدى الأيام
والشهور والسنين ، قال تعالى:  نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا
ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً  ، وعلى أساس هذا
النوع من الخلاف تعمر الحياة وتتنوع أنشطة الإنسان وبه تحصل مقومات الخلافة
في الأرض وتسد حاجات الإنسان المختلفة في مجالات حياته المختلفة0
هذا
ولئن كان الاختلاف في مجالات النشاط الإنساني يؤدي إلى إقامة الحياة
السعيدة الممثلة لما أراده الله من خلافة بني آدم في الأرض ، فإن الخلاف في
مجالات الدين المختلفة سبب لتعاسة الإنسان ، وفساد أمره وتشتت شأنه ،
الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن الاختلاف في إطار الديانة مذموم من حيث
الجملة قال تعالى:  إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء  ،
وذلك لأن دين الله واحد والحق فيه واحد لا يتعدد ، قال تعالى:  إن الدين
عند الله الإسلام  وبناءً على ذلك فالناس في ذلك أمة واحدة إذ أن جميع
الأديان السماوية جاءت بعبادة الله والكفر بما سواه كما قال سبحانه:  كان
الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق
ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه  ، فلا يكون الاختلاف فيها إلا بالبغي
والظلم كما قال الله سبحانه: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما
جاءهم العلم بغياً بينهم 
وقال سبحانه:  وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بينهم 0
ولذا
كان من أعظم منن الله على عباده هو اجتماعهم على الحق وسيرهم عليه ، قال
تعالى:  واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم
بنعمته إخواناً  ، مع ذلك فقد أخبر تعالى أن الاختلاف لا بد من وقوعه
ليميز الله الحق من الباطل ، فيضل من يشاء عدلاً ، ويهدي من يشاء فضلاً ،
فتظهر من آثار حكمه القدرية نظير ما أظهر لعباده من حكمه الشرعية ، قال
تعالى: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم
ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 
فالمرحوم
من عباد الله من لا يوجد الخلاف بينهم:  إلا من رحم ربك  وأعظم الاختلاف
وأشده ما كان عن علم وبصيرة إذ أن مقتضى العلم الاجتماع على الحق فإذا حصل
الاختلاف فلا يكون إلا ببغي وظلم ظاهر بين قال تعالى:  وما تفرق الذين
أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله
مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة 
ومن
هذا المنطلق فإن اختلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم في أمر من أمور
الديانة لا يكون إلا مذموماً قال تعالى:  ولا تكونوا كالذين تفرقوا
واختلفوا  ولولا أنه مذموم لما حذرهم منه ونهاهم عنه لا سيما وأن بيانه
صلى الله عليه وسلم أكمل البيان وأظهره مما لا يجعل مجالاً للاختلاف كما
قال صلى الله عليه وسلم: ( تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا
هالك ) وقال ابن مسعود ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم طائراً يطير في
السماء إلا ذكر لنا منه علماً ، وهو كناية عن تمام البيان وكمال وضوحه
وظهوره بحيث لم يتبق لأحد بعده حجة أو برهان0
ومقتضى النهي عن الاختلاف الأمر بالاتفاق والاجتماع على الحق ، قال الله تعالى:  واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا 

وروى
الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن
الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ) وروى الآجري رحمه الله عن عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه في خطبته: ( يا أيها الناس عليكم بالطاعة
والجماعة فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به ، وما تكرهون في الجماعة خير
مما تحبون في الفرقة )0

الاختلاف في الكتاب والسنة النبوية

أ- الاختلاف في القرآن الكريم :
الاختلاف المذكور في القرآن الكريم على ضربين :

الضرب
الأول: اختلاف تُذم فيه كلام الطائفتين المختلفتين كما قال سبحانه:  ولا
يزالون مختلفين إلا من رحم ربك  فجاء أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف وقال
الله سبحانه:  ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في
الكتاب لفي شقاق بعيد  وقال تعالى:  وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من
بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم  ، وقال تعالى:  ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات
وترجع أسباب الاختلاف المذموم
بين طائفتين إلى فساد النية لأن الدافع عليه هو البغي والحسد وإرادة العلو
في الأرض بالفساد ، ويرجع أيضاً إلى جهل كل المختلفين بالأمر المتنازع فيه
، أو الجهل بالدليل القاطع للنزاع ، أو جهل كل المختلفين بما عند صاحبه من
الحق سواء كان ذلك في الحكم أو الدليل هذا إذا كان عالماً بما عنده من
الحق حكماً ودليلاً ، وقد بين الله تعالى أن أصل الشر كله الجهل والظلم،
قال الله تعالى:وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً 
الضرب الثاني:
هو ما حمد الله فيه إحدى الطائفتين ، وهم المؤمنون ، وذم فيه الأخرى ، كما
قال سبحانه وتعالى:  تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع
بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء
الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم
من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا  فحمد إحدى الطائفتين ووصفهم
بالإيمان ، وذم الأخرى بالكفر ، هذا وأكثر الخلاف المؤدي إلى الأهواء
والبدع في الأمة المحمدية هو من النوع الأول وسبب ذلك أن كلا من الطائفتين
المتنازعتين لا تعترف بما عند الأخرى من الحق ولا تعدل في حكمها لها
وعليها0

ب- الاختلاف في السنة النبوية :
ويتبين ذلك من عدة أمور:

أولاً:
إخباره صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة كما في حديث أبي هريرة رضي
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفرقت اليهود على إحدى
وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على
ثلاث وسبعين فرقة ) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن
صحيح0

ثانياً: إخباره بانتشار الأهواء وتبني بعض الأمة نشرها
والدفاع عنها ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إنه سيخرج من أمتي أقوام
تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يبقى منه عرق ولا مفصل
إلا دخله ، والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد صلى الله
عليه وسلم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به ) رواه أحمد وأبو داود في
سننه0

ثالثاً: إخباره باتباع هذه الأمة أهل الكتاب في أهوائهم كما
في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إذا
كان منهم من أتى أمه علانية كان من أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت
على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا
واحدة ) ، قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال: ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي )
رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب مفسر ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه0
رابعاً: نصه على من معه الحق من طوائف الافتراق كما في الحديث الآنف الذكر0
خامساً:
أنه نهى عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما عند الأخرى ،
كما روى النزال بن سبرة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً
قرأ آية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها فأخذت بيده فانطلقت به
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الكراهية وقال: (
كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا )
فدل الحديث على تحريم مثل هذا الاختلاف وأن يكون لنا عبرة فيمن قبلنا اختلفوا بمثل ذلك0

سادساً: الاختلاف في السنة النبوية على نوعين:
النوع
الأول: اختلاف تنوع: كاختلاف في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح وصلاة
الخوف وتكبيرات العيد ونحو ذلك وهذا النوع من الاختلاف يأتي على وجوه منها:
أن
يكون القولان أو الفعلان مشروعين كالقراءات ومن ذلك ما تقدم من اختلاف
الأنواع ، ومنها ما يكون الاختلاف القولي في اللفظ دون المعنى ، ومنها ما
يكون كل واحد من الأقوال غير الآخر لكن لا تنافي بينهما وهما قولان صحيحان ،
ومنها ما يكون في طريقين مشروعتين لكن كل واحد سلك واحدة منهما وهذا النوع
من الاختلاف ليس مذموماً لكن إن اقترن به البغي والظلم مع الجهل صار
مذموماً0
النوع الثاني: اختلاف تضاد: وهو أن يتنافى القولان من كل وجه
وهو أن يكون في الأصول والفروع ، وهذا لا يكون إلا على قول جمهور العلماء
من أن المصيب في الكل واحد وهو الراجح ، وأما من على قول من يقول كل مجتهد
مصيب فهو عنده من قبيل اختلاف التنوع ، وهذا النوع من الاختلاف أي التضاد
هو أكثر أنواع الاختلاف وأعظمها خطراً ، وذلك كالاختلاف في القدر والصفات
والصحابة ونحو ذلك في باب الأصول والاختلاف بالتبديع وعدمه في باب الفروع ،
هذا وقد جاءت السنة بإقرار اختلاف التنوع كما في إقراره صلى الله عليه
وسلم للصحابة على اجتهادهم في فهم قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يصلين أحد
العصر إلا في بني قريظة ) فمنهم من أخرها أخذاً بهذا الحديث ومنهم من أخذ
بأحاديث الوقت مخصصاً لهذا الحديث0
وجاءت السنة بذم اختلاف التضاد كما في حديث عبد الله بن رباح الأنصاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ( إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب ) 0

نشأة الخلاف العقدي:

خلق
الله الإنسان على الفطرة السوية موحداً لله ومؤمناً بربوبيته وألوهيته
واتصافه بصفات الجمال والجلال قال صلى الله عليه وسلم: ( كل مولود يولد على
الفطرة فأبواه يهودانه أو يُنصرانه أو يُمجسانه ) 0
فذكر أنواع
الإنحرافات العقدية وأشار إلى أثر البيئة والتربية الاجتماعية في اتجاه
الإنسان إلى الفطرة ، أو الانحراف عنها ولم يجعل الإسلام منها مما يدل على
أنه الفطرة قال تعالى:  فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق
الله ذلك الدين القيم 
وأنزل الكتب وأرسل الرسل وجعلهما ميزاناً للحق
ومصدراً له كما قال تعالى:  كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين
ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه 
وقد
جاء الرسل بتكميل هذه الفطرة وتتميمها وتنميتها وإزالة غشاوة الباطل عنها
كما قال سبحانه:  ولقد بعثا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا
الطاغوت 
فكان الناس على دين الله منذ خلقهم حتى حدث الشرك في قوم نوح
عليه السلام ، وتقدر هذه المدة بعشرة قرون ومن ذلك الوقت والناس قد انقسموا
إلى مؤمن وكافر وموحد ومشرك ، ولم تزل الرسالات السماوية تنزل لتكشف لوثة
الباطل وتظهر الحق وتعلي دياره، قال تعالى:  هو الذي أرسل رسوله بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون  وكان حظ العرب من
التوحيد ما أتاهم به من نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام الذي
تزوج من جرهم وعاش في مكة وبنى البيت الحرام ( الكعبة ) مع أبيه خليل
الرحمن إبراهيم عليهما السلام ، ولم تزل العرب على ذلك حتى جاء عمرو بن لحي
الكلاعي ، وكان زعيم أهل مكة آنذاك فجاء بالأصنام من البلقان ومن الشام
واستخرج أصنام قوم نوح التي طمرها الطوفان ؛ بسبب تلك الرؤيا المشؤومة التي
أراها إياه الشيطان حيث أعلمه بمواقع تلك الأصنام ، فنصبها على الكعبة
وأمر العرب بتعظيمها فعُظمت ، وبدأ ينتشر الشرك عن طريق الواردين على مكة
الذين حملوا الأصنام إلى أقوامهم ، وبعد ذلك أذن الله ببزوغ نجم الإسلام
وظهوره على يد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانتشر الإسلام في أنحاء
المعمورة على أيدي أصحابه الكرام رضي الله عنهم ، ولم يكونوا يعرفون إلا
الآيات المحكمات والأحاديث البينات أخذاً بقوله سبحانه وتعالى:فإن تنازعتم
في شيء فردوه إلى الله والرسول فكان أي اختلاف ينتهي بالاتفاق ، وكانت
أصول الدين عندهم بالمحل الأعظم مما لم يدع مجالاً للاختلاف فيها بل كانوا
عليها متفقين لوضوحها عندهم ولكمال فهمهم إياها ، وهكذا مضى عصر الصحابة ،
ثم كان التابعون لهم بإحسان مقتفين لآثار الأصحاب مقتدين بهم ومضى عصرهم
على ما مضى عليه عصر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومضى عصر تابعي التابعين
على ما عليه القوم قبلهم أيضاً ولا يعني ذلك أنه لم ترد بعض الوساوس
الشيطانية والنوازع النفسية للاختلاف ، لكن كمال العلم بدين الله في هذه
العصور كان يقطع حبل الاختلاف ، قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان قد
يئس أن يعبد في جزيرة العرب لكن رضي بالتحريش بينكم ) ثم نبتت في أوائل
المائة الرابعة نبتة لم تعرف الإسلام على أصوله ، إما لعدم كمال علمها وإما
لفساد طويتها ، أو لتأثرها بالدخيل من أفكار الأمم الأخرى سواء ممن أسلم
أو ممن لم يزل على الكفر باطناً وتوج هذا حقد أعداء الإسلام والمسلمين
الذين يتربصون بالأمة الإسلامية الدوائر0

نشأة الفرق في الأمة الإسلامية:
هذا
وأول نشأة الاختلاف بين طوائف الأمة المحمدية كانت بعد مقتل عثمان رضي
الله عنه حيث حدثت بدعة الخوارج والتشيع نتيجة لمقتله رضي الله عنه ، وبعد
تحكيم الحكمين في موقعة صفين ، لكن لم يكن للشيعة آنذاك جماعة ولا إمام ولا
دار ، ولا سيف يقاتلون به المسلمين ، وإنما كانت الشوكة والقوة للخوارج ،
حيث كان لهم إمام وجماعة ودار ، سموها: دار الهجرة ، وحكموا على غيرهم من
المسلمين بأنهم دار كفر وحرب ، ويجمع الطائفتين تكفير ولاة المسلمين ،
وجمهور الخوارج يكفرون عثمان وعلياً ومن تولاهما ، والرافضة يلعنون أبا بكر
وعثمان ومن تولاهم ، لكن كان فساد الخوارج ظاهراً ؛ لاستحلالهم سفك الدماء
، وأخذ الأموال ، والخروج بالسيف ، بل وفعلوا ما اقتضاه اعتقادهم هذا ،
فقتلوا عبد الله بن الحباب وأغاروا على سرح المسلمين ؛ ولذا قاتلهم على رضي
الله عنه وعلم بالشاهدة أنهم الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم
بقوله: ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم
يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
فيهم رجل مخدج اليد عليها بضع شعرات ) ، وفي رواية: ( يقتلون أهل الإسلام
ويدعون أهل الأوثان ) 0

وأما الشيعة فكانوا مختفين لا يظهرون لعلي وشيعته وهم ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى: هي المؤلهة التي الهت علياً فأحرقهم بالنار0
الطائفة الثانية: السبأية وقد بلغ علياً أن ابن سبأ يسب أبا بكر وعمر فطلبه0
والطائفة
الثالثة: المفضلة الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر وقد تواتر عن علي
رضي الله عنه أنه قال: ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ) ، ولم
تكن الشيعة الأولى تنازع في أفضلية أبي بكر وعمر على علي رضي الله عنه ،
وإنما كانوا يفضلون علياً عل عثمان ؛ لذا كان شُريك بن عبد الله يقول: إن
أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ، فقيل له ،
تقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال: كل الشيعة كانوا على هذا ، وهو الذي قال
هذا على أعواد منبره ، أفتكذبه فيما قال ؟
وفي أواخر عهد الصحابة حدثت
بدعة القدرية ، وأصل بدعتهم عدم تصورهم التوفيق بين قدر الله وأمره ونهيه ،
ولما سمع بهم ابن عمر قال: ( أخبر أولئك أني بريء منهم وأنهم مني براء
والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبله
منه حتى يؤمن بالقدر ) فلما كثر الخوض فيه انقسم الناس إلى جمهور مؤمنين
بالقدر السابق والكتابة المتقدمة وغير الجمهور وهم القدرية0
ثم حدثت
بدعة المعتزلة قبيل موت الحسن حيث اعتزل واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد أصحاب
الحسن البصري لما خالفوهم في القدر وأصحاب الكبائر ونحوهما من أصولهم فقال
قتادة: ( أولئك المعتزلة ، فصارت سمة لهم ، ثم حدثت بدعة المرجئة وتكلموا
في الإيمان وعدم دخول الأعمال في مسماه وحرمه الاستثناء ونحو ذلك ، ثم حدثت
بدعة الجهمية ، الجامعة لمجمل ضلالات من تقدم من نفي القدر ونفي الصفات
والإرجاء ونحوها وليس هذا الترتيب ترتيباً زمنياً ولكن بعض العلماء قد جرى
على هذا الترتيب وإنما ختمت بالجهمية لأنها أغلط هذه البدع 0

أنواع المختلفين في العقائد وأحكامهم:
المختلفون في العقائد على ثلاثة أنواع:
أولاً:
من عرف الحق واتبعه وسلك السبل الصحيحة للوصول إليه الكتاب والسنة وإجماع
السلف والعقل الصحيح والحس والفطرة المستقيمة ، فهذا النوع على الجادة من
دين الإسلام وهم السلف الصالح وأتباعهم والذين سماهم الرسول صلى الله عليه
وسلم بالفرقة الناجية الذين هم على ما عليه رسول الله وأصحابه ، وهم
الجماعة التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباعهم0
ثانياً: من عرف
الحق وتركه معرضاً بقلبه وفعله ، فلا يعتقده ولا يعمل به ، وهم على مراتب
بحسب ما عندهم من الباطل من بدع مفسقة ، أو مكفرة وهم بذلك إما مبتدعون ،
أو كافرون ، وهم على أصحاب السبل الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن اتباعهم مفسراً بقوله تعالى:  ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله 
ويدخل في هؤلاء كل فرقة بدعية ضالة ، أو فرقة خرجت عن الإسلام0
ثالثاً:
المجتهد المخطئ الذي بذل جهده واستفرغ وسعه وقدرته في الوصول إلى الحق لكنه
وقع في الباطل أو بعضه ، فهو مما اختلف فيه الناس لا سيما إذا كان ما عليه
من الباطل أمراً مكفراً فقالت طائفة: إنه يحكم عليه بما اقتضته بدعته سواء
من فسق أو كفر ، ولا عذر له في ذلك ؛ لأن باب العقائد لا بد فيه من القطع ،
وما كان كذلك فليس هو مجالاً للاجتهاد ، فهو مخطئ من جهة طريقه ومن جهة
النتائج التي توصل إليها ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة: منها قوله تعالى: 
قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم 
فإن هؤلاء يجهلون كون هذا الكلام كفراً ومع ذلك حكم عليهم بالكفر ومنها
قوله سبحانه تعالى:  وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 
فاستحقوا العذاب في النار ، وسبب ذلك أنهم لا يسمعون ولا يفهمون ما يقال
لهم فهم جاهلون0
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الرجل ليتكلم
بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً )
والشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يلقي لها بالاً ) أي
أنه جاهل بما توجبه هذه الكلمة ومع ذلك استحق ما يتعلق بها من وعيد ، فجهله
بما توجبه هذه الكلمة لم يكن له عذراً منجياً من الوعيد المستحق عليها0
وقالت
طائفة: إن المخطئ في باب الاعتقاد معذور ولا يلزمه شيء لا في الدنيا ولا
في الآخرة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا
اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد ) ، وهو عام في
الفروع والأصول ، فالمخطئ في الأصول معذور أسوة بالمخطئ في الفروع ، ومنها
قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما
استكرهوا عليه ) وهو عام في الفروع والأصول فليكن المخطئ في الأصول في
الحكم كالمخطئ في االفروع0
ومنها حديث الرجل الذي أوصى أبناءه أنه إذا
مات أن يحرقوه ظناً منه أن الله لا يقدر على إعادته وتعذيبه ، فهو منكر
لقدرة الله على البعث ، وإنما فعل ذلك خوفاً من الله ، ومع ذلك أدخله الجنة
وهو والحال ما ذكر مخطئ في الأصول فالمخطئ في الأصول مغفور له كالمخطئ في
الفروع0
وقالت طائفة: المخطئ في الأصول تلزمه مقتضياتها في الدنيا ؛ من
كفر أو تبديع ، وما يترتب على ذلك من حد أو تعزير واستتابة وعدم أرثه ونحو
ذلك ، وأما في الآخرة فأمره إلى الله ، وحملوا أدلة الطائفة الأولى على
الدنيا ، وأدلة الطائفة الأخرى على الآخرة0
وقالت طائفة: إن كان يعلم
التحريم فهو كافر ، وإن لم يعلم فهو مكفر أو مفسق أو مبدع ، واستدلوا
بتكفير الله لمن قال: ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء أكبر بطوناً ، ولا أجبن
عند اللقاء ، فنزلت الآية بتكفيرهم ؛ وذلك لأنهم عالمون بحرمة ذلك ولم
يكونوا يعلمون باقتضاء ذلك للكفر0
وقالت طائفة: لا أحكم بكفر ولا ببدعة
ولا بفسق ولكن أقول هو مكفر ومفسق ومبدع ؛ لأنه يعتقد أن ما عليه هو الحق
وهو رأي الشيخ جمال الدين القاسمي وهو ضعيف ، لأن مقتضاه أن التكفير
والتفسيق والتبديع أمور سببيه0
والحق: أن الشرع دل على أن لهذه الألفاظ
مدلولات حقيقية وعقدية وأنه يترتب عليها من الأحكام الشرعية ما تناسبها
واقعياً وهي أحكام ملزمة شرعاً0
وأرجح هذه الأقوال فيما يظهر: أن المخطئ
يعذر في الدنيا والآخرة ما دام قد بذل جهده في الوصول إلى الحق ولم يقصر
في ذلك ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( وإذا كان كذلك فما
عجز الإنسان عن عمله واعتقاده حتى يعتقد ويقول ضده خطأ أو نسياناً فذلك
مغفور له ) ، وقال: ومن هذا الباب ما هو من باب التأويل والاجتهاد الذي
يكون مستفرغاً فيه وسعه علماً وعملاً ثم الإنسان قد يبلغ ذلك ولا يعرف الحق
في المسائل الخبرية الاعتقادية وفي المسائل العملية الاقتصادية ، والله
سبحانه وتعالى قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان بقوله تعالى:  ربنا
لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا  0
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن
عباس ومن حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله استجاب
لهم هذا الدعاء وقال: قد فعلت وإنهم لم يقرأوا بحرف منها إلا أعطوه ) ،
ومما يدل على صحة هذا القول كون ذلك هو وسعه وطاقته والله لم يكلفنا ما لا
نطيق ، قال تعالى:  لا يكلف الله نفساً إلا وسعها  وهو داخل في مسمى رفع
الحرج كما في قوله سبحانه:  وما جعل عليكم في الدين من حرج  وهو من يسر
الدين كما قال سبحانه:  يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ووجه
دلالة هذه الآيات أن للقلوب قدرة في باب العلم والاعتقاد العلمي ، وفي باب
الإرادة والقصد وفي الحركة البدنية ، وأيضاً فالخطأ والنسيان هو من باب
العلم يكون إما مع تعذر العلم عليه ، أو تعسره عليه 0

أسباب الاختلاف في الدين:
ويمكن أن نتلمس أسباب الخلاف من نصوص الكتاب والسنة وهي كما يلي:
أولاً:
بغي الخلق بعضهم على بعض وظلمهم لبعضهم كما قال سبحانه:  وما اختلف الذين
أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم  وقال عز وجل:  فما
اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم  فحب العلو في الأرض
وتسلط الخلق بعضهم على بعض هو من أعظم أسباب الخلاف ، ولذا فقد حذر الرسول
صلى الله عليه وسلم منه ومن الوقوع فيه فقال: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب
بعضكم رقاب بعض ) 0
فاستحلال الدماء من أخطر النتائج التي تترتب على
الظلم والبغي ، ولذا فقد شرع الله ما يمنع البغي والظلم من الإصلاح فقال
سبحانه:  فأصلحوا بين أخويكم  وأوجب على الأمة المحمدية رد الظلم فقال
سبحانه:  وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما
على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا
بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين  فأمر بالعدل الذي هو ضد
الظلم والبغي0
ثانياً: اتباع الهوى الذي يتضمن اتباع ما تهواه النفوس والطبائع وترك ما يأمر به الشرع من العدل والإحسان كما قال تعالى:

ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله  فجمع السبل لكثرتها ووحد سبيله
لأنه واحد كما قال تعالى:  وأن هذا صراطي مستقياً فاتبعوه  واتباع الهوى
من أكبر الأسباب في رد الحق والتكبر عليه والإقامة على الباطل والتشبث به
كما قال سبحانه:
 أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم 
وقال
أبو العالية: ( وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء
) ، ومن هنا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباعه فقال: ( لا يؤمن
أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) 0
ثالثاً: اتباع وساوس الشيطان
والشيطان عدو لبني آدم كما أخبر بذلك بقوله:  إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه
عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير  وهو لا يألو جهداً في
إضلالهم كما قال سبحانه:  إنه عدو مضلٌ مبين  ، وقال تعالى:  ويريد
الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً  ، وحذرنا الله من اتباع طرقه ووساوسه
فقال:  ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين  وأوضح لنا أن التفرق
والاختلاف ما هو إلا حبيلة من حبائله قال تعالى:  إنما يريد الشيطان أن
يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن
الصلاة فهل أنتم منتهون  ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان قد يئس
أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم ) 0
رابعاً: اتباع المتشابه:
وهو ما لم يعلم معناه إلا الله ، وترك المحكم الواضح المبين ، فقد روى
الآجري بسنده عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل:  وأُخر متشابهات  ، قال:
أما المتشابهات فهي: آي في القرآن يتشابهن على الناس إذا قرأوهن ، من أجل
ذلك يضل من ضل ممن يدعي هذه الكلمة ، كل فرقة يقرأون آيات من القرآن
ويزعمون أنها لهم أصابوا بها الهدى0
وقد حذر الله هذه الأمة من اتباع
المتشابهات ، فقال تعالى:  فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في
العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا 
وسبيل أهل الحق: الإيمان
بالمتشابه ورده إلى المحكم ، فقد روى الآجري بسنده عن ابن عباس قال عن
الخوارج: ( يؤمنون بمحكمه ويضلون عند متشابهه وما يعلم تأويله إلا الله
والراسخون في العلم يقولون آمنا به )0
خامساً: الجهل بالدين فإن في
العلم نجاة وفي الجهل هلكة قال تعالى:  قل هل يستوي الذين يعلمون والذين
لا يعلمون  ، وقال سفيان الثوريSad لَعالم واحد أشد على الشيطان من مائة
عابد ) وقال أبو العالية: ( تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه )
0
والعلم هو طريق المعرفة بالله ودينه ومن علم دين الله وتمسك بذلك
العلم لن يضل السبيل لأن العلم النافع هو الطريق الصحيح لحفظ الإسلام ، قال
تعالى:  ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه
منهم 
سادساً: إطلاق الألفاظ المشتركة والمجملة المحتملة للحق والباطل
وأكثر ما جرى بين الأمة من الاختلاف والفرقة هو بسببها بدءاً بانشقاق
الخوارج والشيعة بقولهم: ( لا حكم إلا لله ) وانتهاء بذلك الكم الهائل من
الفرق بسبب تلك المصطلحات التي عجت بها كتب العقائد كالافتقار والتركيب
والبعض والجزء والجهة والحيز والحد ونحوها مما لا يمكن حصره0
سابعاً:
الابتداع في الدين بأن يشرع ما لم يشرعه الله لعباده أصلاً وهيئة ، كما قال
تعالى:  أم لهم شركاء شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله  ، وقال صلى
الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ، وقال صلى الله
عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) 0
والناظر في
أكثر ما جرى من الانقسام في جسم الأمة المحمدية من هذا القبيل إذ كل من
انتحل بدعة وانضم إليه آخرون عليها ، أنشأ فرقة من الفرق فزاد الشقة
والفرقة في الأمة المحمدية كالمعتزلة ، والأشاعرة والقاديانية والبهائية
وغيرها0
ثامناً: الغلو في الدين كما قال سبحانه:  يا أهل الكتاب لا
تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق  ، وقال صلى الله عليه وسلم: (
إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ) حديث
صحيح0
تاسعاً: متابعة الأمم السابقة من اليهود والنصارى وسواهم ، روى
الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( لتتبعن
سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) 0
وروى
الترمذي بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثل حذو النعل
بالنعل وإن بني إسرائيل تفرقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن أمتي ستفترق على
ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة ) ، قيل ما هي يا رسول الله ؟
قال عليه الصلاة والسلام: ( ما أنا عليه وأصحابي ) ، وروي أيضاً عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad لتأخذن أمتي
مأخذ الأمم والقرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع ) قيل يا رسول الله كما
فعلت فارس والروم ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَمَنِ الناس إلا
أولئك ) 0
وروي أيضاً عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( لتحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم حذو القذة
بالقذة ) 0
قال الآجري: ( من تصفح أمر هذه الأمة من عالم عاقل ، على أن أكثرهم والعام منهم تجري أمورهم على سنن أهل الكتابين ) 0
عاشراً:
الثقافات الوافدة نتيجة لترجمة علوم الأمم الأخرى كاليونانية والهندية وهي
ثقافات وثنية بدأت ترجمتها في أواخر عهد بني أمية في المائة الثانية من
الهجرة حيث كان خالد بن يزيد بن معاوية شغوفاً بعلوم الأوائل وفلسفتهم ثم
زادت حركة الترجمة بعد توقف في خلافة المأمون حيث أرسل لملوك البلدان من
يجلب ما عندهم من مخطوطات العلوم والفنون فجلبوا له كتب الفلسفة التي
اتفقوا على جلبها إلى العالم الإسلامي حتى يفسدوا عليه عقائده ويولدوا
الفرقة فيه من داخله وهو نتيجة طبيعية لتلك المناظرات الفلسفية والمعارضات
العقدية0
حادي عشر: كيد أعداء الإسلام والذين أظهروا الإسلام قصداً
لفتِّ قوته وتقويض دولته وزرع الخلافات بين أهله واتخذوا من الحركات
الباطنية والسرية لنشر أباطيلهم ولقد كان لبعضهم من المكانة والمنزلة ما
يسر له ذلك مثل ابن المقفع المجوسي والبرامكة عباد النار ممن كانت لهم صولة
وجولة في أيام غيبة الوعي الإسلامي ومن أعظمهم أثراً وأكثرهم خطراً الوزير
ابن العلقمي الرافضي والباطني والنصير الطوسي اللذان عن طريقهما قضي على
حضارة الإسلام في المشرق عندما هيئوا للتتار طريق الدخول على المسلمين
وتحطيم دولتهم والقضاء على معارفهم ، كما أن للدول التي نشأت على أنقاض
الخلافة الإسلامية كدولة الفاطميين والإسماعيليين والدولة الطولونية
والحمدانية الشيعيتين ، وغيرهما كالدولة الصفوية أثر كبير في القضاء على
وحدة الأمة الإسلامية مما أحالها بعد الاجتماع إلى دويلات متفرقات ذات
مشارب بعيدة كل البعد عن الإسلام الحق مما كان سبباً في نشر الفرقة بين
المسلمين0
ثاني عشر: التأويل الذي به استحلت الأموال والأنفس والفروج وغير وجه الدين عن طريق التأويل الباطني والصوفي والكلامي0
ثالث عشر: الجدل والخصومة في الدين0
رابع عشر: العصبية للآراء والمذاهب0

هذا والدارس لأحوال الفرق التي نشأت في إطار الأمة الإسلامية يجد أن أسباب الخلاف العقدي الجزئية ترجع إلى الأمور التالية:
أولاً: الإمامة0
ثانياً: الأسماء والصفات0
ثالثاً: أسماء الدين والإسلام0
رابعاً: القضاء والقدر0
خامساً: الولاء والبراء0
سادساً: مصادر وموقف طوائف الأمة منها0
سابعاً: الوعد والوعيد0

أنواع الاختلاف في الدين من حيث الرتبة:
وقد
علم مما تقدم أن الاختلاف في الدين جاءت نصوص الكتاب والسنة بذمه استثناء
ولكن نظراً لأن اختلاف البشر في الطبائع أمر لا ينكر كان الخلاف حتماً
موجوداً وواقعاً وهو باعتبار هذا الوقوع نوعان:
الأول: اختلاف في
العقائد وما علم بالضرورة من دين الإسلام وجوبه أو تحريمه ، أو كان في إطار
الفروع الشرعية وأدى إلى الخصومة والتنازع والتعصب فهذا النوع من الخلاف
محرم شرعاً لوجوه:
أولاًـ لأن الحق في العقائد واحد لا يتعدد كما قال سبحانه: فماذا بعد الحق إلا الضلال
ثانياً ـ لأن العقائد وما علم بالضرورة من الدين ثابت بالدليل القاطع اليقيني ومثله يطلب فيه اليقين ولا يقين مع الاختلاف0
ثالثاً ـ لتأديتة للفرقة والتنازع وهو محرم فالاختلاف محرم أيضاً لأنه وسيلة لهما0
رابعاً
ـ أن الفروع الحق فيها واحد ، والواجب بذل الجهد في إصابته وأما التعصب
للأقوال فلا يكون إلا عن هوى لا عن جد في طلب الحق المدلول عليه بكتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما كان كذلك فهو محرم وما بني عليه وهو
الاختلاف محرم0
النوع الثاني من الاختلاف: وهو ما كان المقصود منه طلب
الحق المدلول عليه بالكتاب والسنة ، لكن لاختلاف الناس في مداركهم وعلومهم
يحصل الاختلاف مع اتفاق الكل على طلب ما شرعه الله في واقع الأمر وحقيقته
مع عدم التعصب والتنازع في ذلك ، فهذا النوع من الخلاف مباح وإن كان
الاتفاق واجب ما أمكن إلى ذلك سبيلاً لما تقدم من أن النصوص تعم بالذم
الخلاف في الأصول في الأصول والفروع ، وإنما جاز الخلاف في الفروع للوجوه
التالية:

أولاً: أن مدارك الأحكام في الفروع ظنية والمجتهد متعبد
بذلك ؛ لأنه الأمر الذي يستطيعه قال تعالى:  لا يكلف الله نفساً إلا وسعها
 فلا يجب عليه أكثر منه ؛ لأن إيجاب اليقين عليه تكليف بما لا يستطاع0

ثانياً: لاختلاف الصحابة في أمور الفروع وعدم تضليل بعضهم بعضاً مما يدل على أنه مباح0
ثالثاً:
قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد
فأخطأ فله أجر واحد ) فلم يخل المجتهد المخطئ من الأجر مما يدل على أنه
مباح0

رابعاً: لاختلاف الصحابة واجتهادهم بين يدي النبي صلى الله
عليه وسلم وإقرارهم كاختلافهم في مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا
يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) ، فاجتهد بعضهم فصلى العصر في الطريق
في وقتها أخذاً بحديث: ( الصلاة لوقتها ) وجعله مخصصاً للحديث الأول وصلى
بعضهم العصر في بني قريظة بعد أن دخل وقت المغرب تخصيصاً للحديث السابق
بالأول وقد أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم0

خامساً: لأن الحق في
الفروع غير متعين عندنا ، وقد نصب الشارع عليه أمارات ، والأمارات ظنية
تختلف الفهوم في دلالتها على الحكم ، ونصبها على جواز الاعتماد عليها فيما
توصل إليه سواء كان خلافاً أو اتفاقاً فصار في الفروع مباحاً0

أحاديث الافتراق:

أحاديث
الافتراق: هي الأقوال النبوية التي نصت أو أشارت إلى انقسام الأمة
الإسلامية إلى فرق شتى في البدع والأهواء ، ولقد جاءت الأخبار الصحيحة
الصادقة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة المحمدية ستنقسم على
نفسها في البدع والأهواء أسوة بانقسام من كان قبلها من بني إسرائيل من
اليهود والنصارى ، بل إن الحق في هذه الأمة تحمله طائفة وقفت عليه وتحملت
مسؤوليته فهي عنه مدافعة منافحة وذلك أن مصادر الحق في بني إسرائيل محرفة
لا يمكن الرجوع إليها عند التنازع والاختلاف ، وأما في الأمة المحمدية فليس
الأمر كذلك فإن مصادرها محفوظة ، بل وقامت الدواعي من جهة النقل على صحتها
ينقلها الخلف عن السلف كما قال سبحانه:  فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى
الله والرسول  والرد إلى الله رد إلى كتابه القرآن الكريم والرد إلى
الرسول رد إلى سنته وهما محفوظان بحمد الله ومنته قال تعالى:  إنا نحن
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون 
وقد رويت أحاديث الافتراق بأسانيد كثيرة
عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم كأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي الدرداء
وجابر وأبي سعيد الخدري وأبي بن كعب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي
أمامة وغيرهم وهي صحيحة الإسناد من حيث النقل متواترة لفظاً ومعنى ،
ومجملها أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة ضلت
الحق ولم تصبه وقالت بالباطل ، لذا فهي مستحقة للوعيد ، وفرقة واحدة تمسكت
بالحق فهي به قائمة إلى أن تقوم الساعة ، وقد أجمل الإمام أبو بكر الآجري
هذه الروايات فقال: ( أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمة موسى عليه
الصلاة والسلام أنهم اختلفوا على إحدى وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة ،
وأخبرنا صلوات الله وسلامه عليه عن أمة عيسى عليه الصلاة والسلام أنهم
اختلفوا على اثنتين وسبعين ملة إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة ،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وتعلو أمتي على الفريقين جميعاً تزيد
عليهم فرقة واحدة ، اثنتان وسبعون منها في النار ، وواحدة في الجنة ) 0
ثم
إنه صلوات الله وسلامه عليه سُئل عن الناجية فقال عليه الصلاة والسلام في
حديث: ( ما أنا عليه وأصحابي ) ، وفي حديث قال: ( السواد الأعظم ) ، وفي
حديث قال: ( واحدة في الجنة )0
وقد اختلف أهل العلم في معنى جملة ( كلها في النار إلا واحدة ) على قولين:
الأول
منهما: أن الأمة الواردة في قوله: ( وتفترق أمتي ) هي أمة الإجابة وهم
المسلمون ، فيكون المراد بقوله: ( كلها في النار ) أن ما عدا الفرقة
الناجية مستحق للنار مستوجب للوعيد لا أنه مخلد فيها لأنه لا يخلد أحد من
عصاة هذه الأمة في النار0
الثاني: أن المراد بالأمة: هي ما يشمل أمة
الدعوة فيدخل في مسمى الأمة المسلمون ، وعندئذٍ يكون معنى ( كلها في النار )
هم الكفار والناجية هي أمة الإجابة ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (
لا يسمع بي أحد من أمتي يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) 0
والقول
الراجح والله أعلم هو المعنى الأول ، وذلك لأن أمة الإجابة ليس العصاة
منها محكوم لهم بالنجاة مطلقاً ، وظاهر الحديث إثبات النجاة للفرقة الناجية
، ولأن الحكم على ما عدا الناجية من النار يدخل فيه العصاة والكفار من باب
أولى فيكون على القول الأول المعنى أشمل ، ويستفاد منه معنى أكثر من القول
الثاني ، ومما يقوي القول الأول حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن
شاء الله بكم لاحقون وددت أني قد رأيت إخواننا ) ، قالوا يارسول الله ألسنا
إخوانك ؟ قال: ( بل أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطكم
على الحوض ) قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك ؟ قال:
أرأيتم لو كان لأحدكم خيل غر محجلة دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ قالوا: بلى يا
رسول الله ، قال: ( فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء وأنا
فرطهم على الحوض فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم ألا
هلم ألا هلم ، فيقال: قد بدلوا بعدك ، فأقول: فسحقاً فسحقاً فسحقاً ) 0
ووجه دلالة الحديث أن قوله صلى الله عليه وسلم: ( فليذادن رجال عن حوضي 000
) إلى قوله: ( أناديهم ألا هلم ) مُشعر بأنهم أمته وأنه عرفهم وقد بين
أنهم بالغرر والتحجيل ، فدل ذلك على أن هؤلاء الذين دعاهم قد كانوا ذوو غرر
وتحجيل0
وذلك من خاصية هذه الأمة فبان أنهم معدودون من الأمة لم يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة أو تحجيل لعدمه عندهم 0
هذا
وقد اختلف أهل العلم في مفهوم العدد في قوله: ( وتفترق هذه الأمة على ثلاث
وسبعين فرقة ) بعد تعيينهم للفرقة الناجية فمنهم من قال: إن المراد بالعدد
هو التكثير لا التحديد وأن هذه الأمة سيكثر الافتراق فيها ودليل ذلك حديث:
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ثم قال: ( هذه السبل ليس منها
سبيل إلا عليها شيطان يدعو إليه ) ثم قرأ:  وأن هذا صراطي مستقيماً
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل )
ولا شك في أن طرق الشيطان وسيلة ليست
محدودة بعدد ، ولكن يكدر عليه مقابلة عدد الأمة بعدد أهل الكتاب ، ومنهم من
قال: بل إن هذا العدد مقصود وأن المراد أن هذه الفرق أكثرها خطراً وأعظمها
شراً هذا العدد ، ومنهم من قال: بل إن عدد الفرق محصور في هذا العدد ، لكن
لم يأت بيان بتعيينها خشية أن تظهر بدع غيرها داخلة في نطاقها ثم يظن أنها
ليست ببدع ، وبناء على هذا القول الأخير خاض العلماء في تحديد فرق الضلال
بحسب ما أداهم إليه اجتهادهم وليس ذلك عن يقين بل عن ظن غالب ، وقد رجح
الشاطبي رحمه الله القول الأول لعدم الدليل على التعيين ولعدم اقتضاء العقل
له ، إذ لا فائدة في التعيين بل ربما حصلت به مضرة ولما في القول بالتعيين
من تكلف ولما يترتب عليه من ذم لما يعين ثم ترتيب الأحكام الشرعية ، وقد
توج ترجيحه هذا بأن التعيين فيه قبح من جهتين:

الأولى: أن الإشارة إلى الأوصاف كافية في العلم بمجانبتها للحق0

الثانية:
لأن في عدم التعيين ستراً للأمة وعدم نشر لمساوئها إلا أن الشارع نص على
طائفتين وهم الخوارج والقدرية وذلك لعظم الضرر بهم ولدعوتهم لضلالهم وسهولة
انخداع العامة بهم،

والذي يظهر وجاهة ما قاله الشاطبي في الجملة 0 وعليه فيكون الراجح عندنا هو القول الأول0


الخـــــــــــــاتمة

الفرقة الناجية صفاتها وخصائصها:

المراد
بالفرقة الناجية: هي الطائفة التي نجت من الخلود في النار وإن كان منها من
قد يعذب أو يكون مستحقاً للعذاب لكنه نجى بعفو الله ورحمته وقد ورد وصف
هذه الفرقة بالنجاة في قوله صلى الله عليه وسلم: ( اثنتان وسبعون منها في
النار وواحدة منهم في الجنة ) من حديث أنس بن مالك ومعاوية بن أبي سفيان
رضي الله عنهما0
وإنما استحقت هذا الوصف لأنها تمسكت بالحق الذي كان
عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويدل ذلك على قوله صلى الله
عليه وسلم: ( لمن سأله من هي يا رسول الله ؟ قال: ( ما أنا عليه وأصحابي )0
فظهر
بذلك أن ميزان الحق هو اتباع ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وأن ميزان الباطل مخالفة ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي
الله عنهم ، وأن حظ المسلم من النجاة يقدر بقدر ما فيه من الاتباع كما قال
سبحانه:  قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله  ، وقوله صلى الله
عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) 0

صفات الفرقة الناجية:

قد وردت نصوص السنة ببيان عدد الصفات نستطيع من خلالها أن نتعرف على هذه الفرقة وهي:
أولاً: ما تقدم من اتباعها لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه0
ثانياً: اجتماعهم على الحق وعدم تفرقهم كما قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن هذه الطائفة: ( ما أنا عليه وأصحابي )0
ثالثاً:
كونهم السواد الأعظم من الأمة وقد عرفها الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك
فقال: ( كلها في النار إلا السواد الأعظم ) وهذا من منة الله على هذه الأمة
أن يكون أكثرها على الحق والإشارة هنا والله أعلم للصحابة والتابعين لأنهم
كانوا السواد الأعظم من الأمة لا سيما إذا قرن ذلك مع قوله صلى الله عليه
وسلم: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، وأما بعد
هؤلاء فلا عجب إن قل أصحاب الحق0
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ) ، مع قوله: ( فطوبى للغرباء
الذين يصلحون إذا فسد الناس ) ، وفي رواية: ( يصلحون ما أفسده الناس ) ،
وحديث: ( يأتي على الناس زمان القابض عل دينه كالقابض على الجمر ) وغيرها
كثير0
رابعاً: وسماها الناجية لنجاتها من الخلو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islam4u.yoo7.com
 
الاختلاف في أصول الدين أسبابه وأحكامه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التفريق بين المسلمين من غايات وأهداف المنافقين والكافرين وأعداء الدين: ما زال أعداء الدين منذ أن بزغت فجر الرسالة المحمدية يكيدون المكائد للإسلام وأهله, ويحملون الغل والحقد على هذا الدين ويحاولون جاهدين صد الناس عن الحق المبين وإضعاف المسلمين لأنهم يعلمون
»  الدين الاسلامي هو الدين الوحيد الذي يدعوا الى القتل....!
» النذر وأحكامه
» صاحب أصول الفقه
» أدب الاختلاف ضمانة لأسرة متماسكة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة منتديات الطريق إلى الله :: العقيدة
-
انتقل الى: